السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

حسن برما: ريان.. طفل المعجزة

حسن برما: ريان.. طفل المعجزة حسن برما

في ضواحي شفشاون عاصمة الحب والشعر والجمال

كان الانتظار مؤلما

وريان رسول المقاومة والمحبة

وحَّد العالم وأكد على شرعية الأمل في الحياة

ريان الآن معجزة

 

بعد يومين من سقوطه بالبئر، شرعت العديد من القنوات الإخبارية العالمية في متابعة عملية إنقاذه بجميع تفاصيلها التقنية والصعوبات المرتبطة بنوعية التربة ومخاطر إنجاز المهمة، قالت هيئة الإذاعة والتلفزة البريطانية BBC، إن الطفل ريان القابع في ظلمة بئر جاف لمدة تفوق 40 ساعة أصبح ابن جميع ساكنة المغرب والشرق الأوسط..

 

وفي هذا الصدد كشفت الإذاعة البريطانية أن الحمولة الإنسانية لقصة الطفل ”ريان” المأساوية جعلت كبريات المحطات والقنوات بعموم منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تتابع هذا الخبر أولا بأول، حيث أن  هناك اعداد رهيبة من المشاهدين والمشاهدات يتسمرون أمام شاشات التلفزيون والهواتف لمتابعة عمليات الإنقاذ.

 

إحدى الصحافيات في برنامج حواري بقناة تونسية معروفة استغربت هذا الاهتمام العالمي بالطفل ريان ووصفت الأمر بالأعجوبة.

 

وآخرون قالوا: "المغرب حرك جبلا من مكانه من أجل إنقاذ ابنه!" وأنا عشقت الجبل وناسه.. ولم أكن أعرف أنه يملك أسرارا جميلة لا تخطر على بال!

 

خلال ساعات ملحمة ريان الشهيد، منذ البداية حدست أن الطفل ليس عاديا، عجزت عن الكتابة عنه في حينه، وكنت أكتفي بتدوينات سريعة تلخص بعض تفاصيل المعجزة.

 

معجزة الشهيد ريان ليست في موته، بل في رمزية سقوطه بالبئر ومقاومته للموت وهذا الحب العالمي الخارق والتضامن اللامشروط من طرف كل جهات المعمور حيث طغى الاهتمام وطال الانتظار، وأزاحت قصته الكثير من الأحداث الآنية الهامة وتوارت للخلف.

 

حدثوني عن طفل بريء شد باهتمام البسطاء والمشاهير ورؤساء الدول المتحاربة ونجوم الرياضة والفن وجعل كل الديانات تتحد في الدعاء له!

 

اعطوني حدثا عالميا نال هذا الإجماع العجيب في مدة قصيرة !!!

 

الشهيد ريان صار شهيد قارة.. حضر في المدرجات بين الجماهير المصرية.. وودعته ماما إفريقيا بالوقوف دقيقة صمت/ قراءة الفاتحة قبل انطلاق مقابلة نهائي كأس إفريقيا بين مصر والسينغال .

 

وشعب الجزائر الشقيق أظهر تفاعلا عظيما جسد قوة الوشائج العاطفية والإنسانية والاجتماعية بين المغاربة وبين الجزائريين، نساء ورجالا، كبارا وصغارا..  حتى أطفال مخيمات اللاجئين السوريين تجاوزوا معاناتهم ودعوا لنجاة ريان ومعهم أطفال فلسطين وموريتانيا ومصر...

 

هذا الطفل الجميل فيه الكثير من الإعجاز، ولحد الساعة ما زال عقلي عاجزا عن الإمساك بسر هذا الحب الطاغي وهذا التفاعل الوجداني غير المسبوق.

 

وتفاصيل معجزة ريان تمضي لاكتمالها، وفي كل ساعات التراجيديا، بعيدا عن وقاحات الاتهامات الغبية، كثيرون انتبهوا لدعم الوالد المكلوم للزوجة أم ريان، ببساطة الناس الأوفياء، وعلى طول المأساة المعبرة، ظل ممسكا بها داعما لها، دون زواق، هذا هو حب الشاونيين الطيبين والشاونيات الجميلات.

 

ريان.. قريبا من المعجزة.. أديت المهمة.. أوصلت الرسالة النبيلة.. ثم ترجلت يا بطل.. رحلت والتحقت شهيدا بكوكبة الشهداء!!!

 

ريان الذي وحد العالم وجعلنا نستعيد إنسانيتنا.. سيبقى حيا في ذاكرة النبلاء الأحرار...