السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بهجاجي: ما بعد ريان

محمد بهجاجي: ما بعد ريان محمد بهجاجي
تتبعتُ، مثل كل المغاربة وذوي الضمير في العالم، تفاصيل محنة طفلنا ريان ذي الخمس سنوات.
كان القلب والعقل بين اليدين واللسان والشاشات...
خلال كل ذلك كان الدعاء مسترسلا من أجل عتق الجسد والروح، متواصلا من أجل الفخر والاعتزاز بما قامت به السلطات العمومية، وعموم المواطنين الطيبين المبادرين، بمن فيهم رواد الهواتف الجوالة والمواقع الإلكترونية الذين فجروا الموضوع إعلاميا رغم ما اقترفه بعضهم من تجاوزات لأخلاقيات المهنة علما بأن لا ميثاق يضبط من لا مهنة له.
سجلت كذلك، وبتقدير خاص، التفاف الحزبيين والفنانين والرياضيين ونشطاء المجتمع المدني.
الآن. قدر الله وما شاء فعل.
هل انتهت محنة ريان؟
هذا هو السؤال البسيط الصعب الذي علينا أن نواجهه.
وهنا اسمحوا لي، بمنطق البسيط الصعب، أن ألفت الانتباه إلى ما هو قائم بلا حاجة إلى انتباه أحد لأننا فقدنا سابقا أكثر من ريان.
هناك كثيرون مثله بيننا، يتامى، عراة، متخلى عنهم، يعانون من فقر الدم أو السرطان، أو فقط من انعدام الضرورات اليومية، وغيرها من الاحتياجات الخاصة والعامة. ..
هؤلاء بيننا "صباحا مساء ويوم الأحد" بتعبير صديقي الشاعر التونسي الراحل الصغير أولاد أحمد، في المستشفيات والخيريات. بل قريبا منا جدا جدا في مداشرنا وقرانا وشوارعنا ودروبنا العتيقة الجديدة.
لماذا لا نشحذ كل عواطفنا، دموعنا وأدعيتنا كذلك، من أجل هؤلاء، تماما كما بكينا على جدران الفيسبوك والأنستغرام وكل مواقع التواصل الاجتماعي؟
لماذا لا يهب مهندسو التنفيذ الحكومي، وأطر الرياضة، والفنانون والنشطاء، بدءا من الآن، ساعة الصفر، إلى تأسيس جمعيات مدنية باسم ريان تجسد فعليا قيم التضامن والتعاطف، أو يبادرون على الأقل بدعم ما هو موجود نظير هذه الجمعيات؟
بذلك فقط يكون للدعم المستدام معنى الحقيقة لا المجاز.
الأمر الواجب كذلك، وأساسا، مبادرة السلطات التنفيذية المركزية والمحلية على امتداد المملكة من أجل بسط كامل اختصاصاتها حتى لا تظل هناك حفرة غير مؤمنة يحتمل أن نفقد فيها ريانات أخرى، بل من أجل ردم كل الحفر التي تساور ما يعتبر سياسة عمومية في بلدنا السعيد.
موجز القول:
أجمل العزاء لنا، أسرته الصغيرة وكل الوطن العظيم والعالم، أن نجعل من صورة ريان، حضوره وغيابه، مصدر بناء لا حائط مبكى...