الخميس 25 إبريل 2024
اقتصاد

لطفي: نرفض إجبارية التلقيح لانتهاكها الدستور المغربي وكافة الشرائع الدولية

لطفي: نرفض إجبارية التلقيح لانتهاكها الدستور المغربي وكافة الشرائع الدولية علي لطفي وعملية تلقيح مواطن
في سياق اللقاءات التي عقدها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، مع كل من رؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والكتاب العامين للوزارات ومدراء الموارد البشرية بمختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، للتحسيس بأهمية استكمال مسار التلقيح، وبضرورة الانخراط في هذه الحملة لمواكبة قرار الحكومة فتح الأجواء المغربية، اتصلت "أنفاس بريس"، بعلي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، لمناقشة الجوانب القانونية لإلزامية وإجبارية التلقيح.

"لم يصدر بعد أي قرار حكومي إلزامي للتلقيح، لأنه في اعتقادي المتواضع فأي قرار من هذا النوع يتطلب إصدار مشروع قانون واضح يصادق عليه البرلمان، لأن الدولة أو الحكومة حينما تقرر إجبارية التلقيح، تأخذ على عاتقها المسؤولية الكاملة فيما يمكن أن تنتج عنه عملية التطعيم من مضاعفات جانبية، ربما خطيرة أو قد تؤدي الى وفاة الملقح، وعليها الحكومة في هذه الحالة أن تتحمل نفقات العلاج وأيضا أن تخصص تعويضات للمصابين بأضرار وأعراض جانبية خطيرة او عاهات مستدامة أو الوفاة بسبب التلقيح.
ومما لاشك فيه أن هذه الإجراءات القانونية غائبة عن خطاب الحكومة وقراراتها اليوم رغم اعتمادها على قانون حالة الطوارئ الصحية إلى نهاية شهر فبراير 2022 وعقدها لاجتماعات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، ونقابة أرباب العمل وحثتهم على التعبئة وسط الموظفين والعمال للتوجه لمراكز التلقيح قصد الاستفادة من الجرعة التعزيزية او الأولى أو الثانية.. 
فالحكومة تقول بعدم إجبارية اللقاح، أي أنه اختياري وليس إلزامي بمعنى الحرية، لكنها بالمقابل تضع قيودا لهذه الحرية في الاختيار، رغم أنها لم تصدر أي مرسوم تؤكد من خلاله مسؤوليتها عن الأضرار الجانبية الخطيرة أو الوفاة الناجمة عن التطعيم، بالمقابل تفرض جواز التلقيح دون أن تقر بإجبارية التلقيح لتظل المسؤولية ملقاة على عاتق المواطن في حالة الوفاة أو الإصابة بعاهة مستدامة بسبب اللقاح.
ثانيا تدعو الحكومة إلى التوفر على جواز التلقيح بجرعة تعزيزية أي الجرعة الثالثة، وتضعها كشرط لولوج بعض الخدمات او ولوج الادارات العمومية، وبعد الاحتجاجات عادت لتتخذ إجراءات مرنة وآمنة، لتفادي عدم الاستقرار، كما وقع مع هيئة المحامين بالمغرب.
فاليوم لابد من الوقوف عند قرارات العديد من الدول الغربية التي رفعت قيود حالة الطوارئ بما في ذلك "جواز التلقيح"أو الجرعة الثالثة، وتخلت عن إجراءات أخرى كتلك المتعلقة باستعمال التلاميذ للكمامات الواقية في المدارس، مثال فرنسا التي تخلت تدريجيا عن عدة إجراءات بما فيها "جواز التلقيح". و هي التي حصلت على موافقة البرلمان بغرفتيه وتتحمل مسؤولية جبر الضرر في حالة ظهور أعراض جانبية خطيرة ناتجة عن اللقاح عبر مؤسسة للتأمين الصحي والاخطاء الطبية.
فنستغرب كيف تعود الحكومة المغربية اليوم لممارسة أساليب متجاوزة أبانت عن فشلها، رغم تصريحات بعض اعمدة اللجنة العلمية والتقنية المغربية، المبنية على الحالة الوبائية والمؤشرات الحالية. 
فبدل التواصل البيداغوجي والإقناع بمبررات علمية من طرف ذوي الاختصاص وبمسؤولية علمية وليس إطلاق الكلام على عوانيه بمنظور سياسي صرف يفتقد للمصداقية، وبلغة التهديد والوعيد، كما جاء في مذكرة عمل لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة والموقعة من طرف الكاتب العام، بعيد كل البعد عن القوانين الإدارية يدعو فيها جميع "العاملين" بالوزارة الذين لم يأخذوا بعد جرعات التلقيح إلى التعجيل وذلك في أجل أقصاء سبعة أيام من تاريخ نشر هذه المذكرة. 
فقد تقرر وجوب إدلاء العاملين بهذه الوزارة بجواز تلقيحهم أثناء الولوج إلى مقر الإدارة وإدلاء المعفيين من التلقيح بجواز الإعفاء.
وهدد جميع العاملين الذين لم يمتثلوا لهذه الإجراءات أنه سيتم بعد انصرام الآجال السالفة الذكر (أسبوع ) "منعهم من ولوج مقر العمل " أي أن الوزارة لها سلطة منع الموظف من مزاولة عمله، تحت مبرر عدم التوفر على جواز التلقيح متى كان هذا الفصل في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية؟ منعه من ولوج الإدارة واعتباره في حالة "تعمد الانقطاع عن العمل"؟ حيث سيتم اتخاذ الاجرءات الجاري به العمل في هذا الصدد في حقهم " طبقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل".
أية مقتضيات تسمع لرئيس الإدارة بمنع الموظف من ولوج عمله واعتباره في حالة غياب متعمد قد يؤدي إلى طرده من اسلاك الوظيفة العمومية؟ 
مذكرة عمل هذه فيها تهديدات مبطنة إلى من يهمهم الأمر بمنعهم من ولوج الإدارة والاقتطاع من الأجرة، وبعد التنبيه بالالتحاق بالعمل بنفس الشروط أي جواز التلقيح بعد 8 أيام، ومن لا يستجيب سيتم التشطيب عليه و اتخاذ قرار الطرد في حقه من أسلاك الوظيفة دون حقه في الدفاع عن نفسه أمام المجلس التأديبي.
ربما اختلطت الأمور عند الكاتب العام لوزارة تهتم بالوظيفة العمومية وتجاوز اختصاصاته، هو أول من ينتهك هذه القوانين، ومنها واجبات وحقوق الموظف المنصوص عليها في ظهير 1958، ليجتهد أكثر ونسي أن يفرض نفس الشيء على "المرتفقين" لإدارته كأنهم جميعهم مطعمون ولا يحملون فيروس كورونا أو أوميكرون السريع الانتشار. وإلا أصبحنا أمام منطق التمييز بين المواطنين، فهل نسي أن يضع نفس الشروط على "المرتفقين" وهل له الصلاحيات في ذلك؟ وهل سيتم العمل بأطروحته في كل الوزارات ونحن على بعد أيام قليلة من الانفراج لرفع القيود عن السفر و الأمل في إعادة انتعاش السياحة والاقتصاد الوطني. 
فالكاتب العام ليس مشرعا ولا مفوض من طرف الحكومة حتى يصدر مثل هذه المذكرات ذات حمولة تهديدية بالعزل والتشطيب من الوظيفة العمومية. 
نحن نعي جيدا الجدل القائم والمحتد بين الحكومة ورافضي التلقيح، وهذا أمر لازال يثير النقاش في جميع دول العالم إلى اليوم ، ففي الوقت الذي ترى فيه السلطات، أن التلقيح يحقق مصلحة عامة، وسيمنع من انتشار الفيروس سيخفف من عدد الإصابات، والوفيات خاصة مع ضعف المنظومة الصحية وعدم قدراتها على الاستجابه للحالات التي تتطلب الإنعاش والعناية الفائقة، لكن رافضي إجبارية التلقيح وجواز التلقيح يعتبرون أن الإجبار ليس له أي مبرر قانوني ولا دستوري ، وأنه قرار يتعارض مع حقوق الإنسان، وهو ما ذهبت إليه مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فقد دعت إلى عدم جعل التطعيم ضد فيروس كورونا إلزاميا، وإلى ضمان احترام حقوق الإنسان، مشددة على أن فرض اللقاحات لم يكن يوما مقبولا، ومنبهة لوجود اعتبارات حقوقية مهمة، لا بد من أخذها في الحسبان وبالنسبة لنا في المنظمة الديمقراطية للشغل، وإن كنت مع تحفيز المواطنين والمواطنات إلى المشاركة في عملية المناعة الجماعية، وبطرق بيداغوجية تحسيسية مقنعة يشارك فيها الجميع خاصة مع تراجع خطورة متحورات كوفيد19، لكننا نرفض إلزامية وإجبارية التلقيح، سواء للعاملين في القطاع العام، أو القطاع الخاص لأنها تشكل انتهاكا صارخا للدستور المغربي ولكافة الشرائع الدولية لحقوق الإنسان. 
فالضرورة الصحية تقتضي أن يصدر قرار لجنة علمية وأخلاقية مسؤولة أمام الدولة تبرر قراراها ويطرح على المؤسسة الدستورية أي البرلمان، للمصادقة أو الرفض، 
وفي هذه الحالة من يرفض التلقيح بعد تنبيهه يتحمل مسؤوليته كاملة وعليه احترام الإجراءات الحاجزية الوقائية الشاملة المعمول بها على المستوى الدولي.
أما أن نستمر في التعاطي بهذه الطريقة في فرض قرارات على المواطنين دون تبيان المبررات العلمية والموضوعية بعيدا عن الخلفيات السياسية، لأن الأمر يتعلق بالأمن الصحي من جهة وبحقوق الإنسان من جهة ثانية، فإننا في المنظمة الديمقراطية للشغل نعتبر أن إخضاع الموظفين والموظفات والعمال والعاملات بالقطاع الخاص لتهديدات بالاقتطاع من الأجور أو الطرد التعسفي مرفوضا قانونا وأخلاقيا، وجب التعامل بلغة إدارية وعلمية أفضل، وحماية حقوق الموظف والعامل. 
وبلادنا في حاجة ماسة إلى رفع قيود حالة الطوارى الصحية بناء على المتغيرات والتحولات الوبائية وما يحتاج إليه العمال والطبقة الفقيرة في المجتمع من تحسين أوضاعها المادية والمعنوية، التي تضررت كثيرا بسبب تداعيات الجائحة وقيود حالة الطوارى الصحية لذلك عليها تخفيف الشروط المفروضة على المسافرين لإنعاش السياحة ببلادنا".