الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

مروك: الأبناك مهووسة فقط بالربح واسترجاع أموالها بشروط قاسية جدا

مروك: الأبناك مهووسة فقط بالربح واسترجاع أموالها بشروط قاسية جدا الوزيرة نادية فتاح العلوي وعمر مروك

خلال جلسة يوم الثلاثاء 25 يناير2022 ناقش أعضاء بمجلس المستشارين مع وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، مشكلة صعوبة ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة التمويلات من القطاع البنكي. وكشفت الوزيرة عن حصيلة برنامج "انطلاقة" لتسهيل وتبسيط آليات تمويل المقاولات وحاملي المشاريع من قبل البنوك. إذ اعتبرت أن نسبة رفض تمويل المؤسسات البنكية لمشاريع برنامج "انطلاقة" وصلت إلى نسبة 30 في المائة..

"أنفاس بريس"، ولمزيد من التوضيح بخصوص هذا الموضوع استقت رأي عمر مروك، عضو مركز شمال إفريقيا للدراسات والبحوث وتقييم السياسات العمومية عبر هذا الحوار:

 

+ أبرزت وزيرة الاقتصاد والمالية أن المشاريع التي تم رفض تمويلها، من بينها مشاريع لها الفكرة والقدرات، لكن ليس لديها الكفاءات لتقديم الملف.. هل هذه مبررات مقنعة لرفض تمويل المقاولات؟

- بمفهوم المخالفة، نتساءل عن الجدوى من تمويل مشاريع قد لا يكتب لها النجاح ولبس لها القدرة على الاستدامة، وبالتالي لن تخدم برامج التنمية التي سطرتها الدولة باعتبارها الموجه لعجلة التنمية والساعية لبناء اقتصاد تنافسي قوي موجه للتصدير ومدر للعملة الصعبة ومعزز للمناصب شغل قارة. لذلك فإنه لا محيد من توافر العناصر الثلاثة مجتمعة في أي ملف تمويلي لضمان نجاح المقاولة الناشئة، وهذه العناصر هي: الفكرة، القدرات والكفاءة.. هذه العناصر مجتمعة هي التي ستمكن من تقديم مشروع قابل للاستدامة تقنيا وماليا وتجاريا بشكل يستجيب لتطلبات التمويل البنكي.

رجوعا لسؤالكم، فأهمية عنصر الكفاءة يعتبر صلب برنامج انطلاقة التمويلي، وقدد خُصصت له مجموعة من المتدخلين في مختلف مراحل المشروع، سواء عند بلورة الفكرة أو خلال إعداد الملف وإنشاء المقاولة وتتبع المشروع وإنجازه. ولتعزيز هاته الكفاءة على صاحب الملف أن يخضع للتوجيه والاستعلام، سواء من خلال وكالات بنك المغرب على مستوى الجهات أو التوجه للمراكز الجهوية للاستثمار، أو للمكاتب الجهوية لصندوق الضمان المركزي أو للتمثيليات الجهوية للاتحاد العام لمقاولات المغرب أو للشبابيك الجهوية للمواكبة التابعة لمركز التكوين المهني وإنعاش الشغل، أو التوجه للوكالات والمكاتب الجهوية للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات. هذه المؤسسات كفيلة بتعزيز كفاءة ملفات التمويل وخطة العمل وربط الاتصال بالأطراف المعنية (خبراء مهنيين ممارسين، جمعيات..)، كما أن عنصر الكفاءة لا يتطلب بالضرورة توفر المعني بالملف على شهادة تعليمية، لكن يجب أن يكون مؤهلا في مجال النشاط المرغوب فيه.

 

+ من بين نسبة 30 بالمائة من المشاريع المرفوضة، نجد طلبات تمويل لمقاولات لا تملك النضج، وإذا تم تمويلها ستتعرض للإفلاس؛ فما هو مدلول النضج المطلوب؟

- عنصر النضج هنا يُقصد به الإحاطة بكافة العناصر التي تقوم عليها أي مقاولة أو مشروع يسعى للربح والنمو والتوسع في ظل اقتصاد رأسمالي تنافسي لا يرحم، يتغول فيه القوي على الضعيف؛ اقتصاد ليبرالي يقوم على حرية المبادرة وقانون السوق، والرقمنة والثورة التكنولوجية والخدماتية. الدولة، في إطار النموذج التنموي الجديد، أعطت الانطلاقة لمجموعة من المبادرات والبرامج التنموية والتمويلية لخلق طبقة متوسطة واقتصاد تنافسي يخدم استراتيجية الدولة داخليا وخارجيا ويعزز الاقتصاد الوطني كقوة إقليمية تعي مستجدات الواقع الدولي الجيواقتصادي المتسارع ويواكب ديناميات التحول في أفق التموقع ضمن الاقتصادات العالمية الأكثر تطورا ونماء... كل هذا سيتأتى بالدولة الموجهة الحديثة ذات رؤية وبعد استراتيجي، وسيلتها في ذلك المقاولة المواطنة التي تخدم اقتصاد بلدها وتعززه .

وحتى لا تقع هاته المقاولات في الإفلاس، وبالتالي لا تكون سببا في إفشال الاستراتيجيات التنموية للدولة، عليها أن تقدم ملفات تمويلية متقنة وناضجة، أي أن تكون على دراية بواقع السوق وتقلباته وطبيعة الخدمة أو المنتوج موضوع المشروع، وحول أي قيمة مضافة له في السوق، وتكلفته وتوقعاته المالية، وتدبير المخاطر، وغيره من المعطيات.

 

+ لماذا في دول أخرى نجد التمويلات البنكية تلعب دورا أساسيا في تحفيز المقاولات الصغرى والمتوسطة، بينما تظل المبادرات البنكية في المغرب جد محتشمة في تعاملها مع المقاولات الصغرى والمتوسطة ولا تتعامل إلا مع المقاولات الكبرى؟

- السبب هو أن لوبيات الأبناك قوية وملفاتها التفاوضية مع الدولة جد معقدة. الغريب في الأمر أن أي قطاع مالي أو اقتصادي بالغرب الرأسمالي يخضع لمنطق الربح والخسارة، والقطاع البنكي لا يخرج عن هذه القاعدة؛ وخير دليل على ذلك الأزمة الاقتصادية العالمية، وما عُرف بأزمة الفقاعة المالية لسنة 2008، وما عرفته من انهيارات اقتصادية وإغلاق لبعض البنوك في الغرب وأمريكا.. بخلاف المغرب، فإن القطاع الوحيد الذي يعرف انتعاشا مستمرا ولا يدخل في منطق الخسارة كمثيله لدى الغرب، وكأنها غير خاضعة لقانون السوق ولتقلبات الاقتصاد، هو أن البنوك المغربية لا تخضع لعنصر تقلبات المخاطر، وأن هامش خسارتها يعادل تقريبا الصفر، وهو ما لا يتقبله عاقل. البنوك المغربية همها الوحيد هو ضمان الدين من أجل استرجاع أموالها وبشروط قاسية احيانا؛ وهمها الأوحد رقم المعاملات وتحقيق الأرباح؛ وبالتالي يجب إعادة النظر في السياسة البنكية للمغرب بالموازاة مع أدوار الدولة التدخلية الموجهة والمواطنة وسعيها للتأسيس لثقافة المقاولة المواطنة التي تخدم الاقتصاد الوطني..

وإذن نحن في حاجة لأبناك مواطنة تسهل الولوجية للتمويلات وتخفف من عبء الضمانات والفوائد، وتساهم في انتعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة، وانخراطها ضمن تنافسية السوق وآلياته، نبذا لاحتكار التمويلات فقط لصالح المقاولات الكبرى التي تتوفر على ضمانات ومكانة في السوق...