الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

العسري: مصير حذف الساعة الإضافية في يد الشركات الاقتصادية الكبرى المقيمة في المغرب 

العسري: مصير حذف الساعة الإضافية في يد الشركات الاقتصادية الكبرى المقيمة في المغرب  جمال العسري القيادي بالحزب الاشتراكي الموحد
عندما قررت الدولة إرساء  الساعة الإضافية بررت ذلك بضرورة اقتصاد الطاقة؛ لكن النتيجة أبانت عن أن العكس هو ما حصل، بدليل أنه خلال السنتين الأخيرتين عرف  استهلاك الطاقة ارتفاعا صاروخيا!! 
لتسليط الضوء على هذا الموضوع اتصلت
"أنفاس بريس" بجمال العسري القيادي بالحزب الاشتراكي الموحد وطلبت منه قراءة  لهذه المفارقة، وهل من مبررات موضوعية للإبقاء على  الساعة الإضافية، فكان رده عبر الورقة التالية:  

جميعنا نتذكر التبريرات التي قدمتها الدولة بخصوص الساعة الإضافية التي استندت على مبررات اقتصادية، وبالضبط بدعوى الاقتصاد في الطاقة، وجميعنا يتذكر أن الدولة أشهرت آنذاك ما أسمته بدراسة علمية تثبت مبررها، دراسة تدعو لإضافة الساعة لما لها من أرباح طاقية، وجميعنا يتذكر ارتفاع أصوات العديد من المتابعين والمهتمين الداعين إلى إخراج هذه الدراسة المزعومة للوجود وإشهارها أمام العموم، وهو الأمر الذي لم يقع.  

واليوم؛ وبعد هذه الشهور العديدة من إضافة الساعة التي لاقت معارضة شديدة من فئات واسعة من المجتمع المغربي، بل استطاعت إخراج المئات الآلاف من التلاميذ لشوارع الوطن للاحتجاج عليها، اليوم يتضح بجلاء أن مبرر الاقتصاد في الطاقة كان مبررا واهيا يتضح ذلك من خلال الإطلاع على فاتورة الطاقة التي لم تعرف ذلك النزول المنتظر بل العكس هو الذي حصل، ارتفاع صاروخي في استهلاك الطاقة.  

اليوم على المسؤولين الاعتراف بحقيقتين: الحقيقة الأولى أن إضافة الساعة كان تلبية لطلبات شركات كبرى فرنسية لأغراض اقتصادية ربحية من خلال ملائمة توقيت مصانعها ومعاملها هنا بالمغرب، بتوقيت الإدارات المركزية هناك بباريس، والحقيقة الثانية هو الفشل المطبق لهذه التجربة.  

وما يؤكد هاتين الحقيقتين ما صرح به قبل بضع أسابيع مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة بأن موضوع الساعة الإضافية مطروح على طاولة النقاش الحكومية، مضيفا أن الحكومة قد تقرر العودة إلى الساعة الرسمية، مقرا بوجود صعوبات عائلية في ما يخص توقيت الدراسة. وحينها اعتبر هذا التصريح بمثابة نقد ذاتي تمارسه الحكومة لتجربة أثبت الزمن فشلها. المشكلة أن السيد الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة بعد تصريحه هذا، ولأسباب غير معلومة عاد للتهرب من تقديم أي جواب للأسئلة التي أصبحت تتهاطل عليه حول هذا الموضوع في كل خرجاته الصحافية وكأنه تلقى تأنيبا عما صرح به. المشكلة أنه وبعد أن ظننا أن القرار هو قرار مغربي بعيدا عن توصيات خالتي فرنسا، اكتشفنا خطأ ظننا؛ هذا بعد أن طالعتنا أخبار عن وجود دراسات فرنسية حول الجدوى من إضافة الساعة الربيعية بفرنسا، وهنا يمكن لأي عاقل أن يربط بين تصريح السيد الوزير وهذه الدراسات الفرنسية، كما يمكننا القول وبشكل حازم إن قضية الساعة الإضافية مرتبطة بالاقتصاد حقيقة، ولكن ليس باقتصاد الطاقة كما يراد التبرير لها بل بربط الاقتصاد الوطني بفرنسا والاقتصاد الفرنسي وشركاته الكبرى المستقرة بالوطن، وهذا شيء لا يبعث على العجب مادام الجميع يعلم بالتبعية الاقتصادية لبلدنا للاقتصاد الفرنسي، وهذا ما يجعلنا نقول إنه عندما تسقط المبررات لدى الشركات الفرنسية بخصوص هذه الساعة المضافة سيتم حذفها، لا أن تسقط المبررات التي قدمتها الدولة لأن هذه المبررات ببساطة سقطت منذ مدة طويلة ويكفي إلقاء نظرة على فاتورة الطاقة لإدراك هذا الأمر، ويكفي النظر إلى ساعة بداية العمل بكل المؤسسات- الثامنة والنصف صباحا- لإدراك حجم الطاقة التي يتم استهلاكها وهدرها طيلة الصباح إن لم نقل طيلة اليوم مع تناسي أو نسيان جل المسؤولين لمصابيح مكاتبهم وإداراتهم مضيئة إن لم يتم تناسي حتى كهرباء الشوارع.  

المصيبة ليس في  أن تخطئ الحكومة بل المصيبة كل المصيبة أن تتمادى في خطئها وهي تدرك حجم وتداعيات هذا الخطأ الفادح.