الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الله بوشطارت: الحكومة ومطلب ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا

عبد الله بوشطارت: الحكومة ومطلب ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا عبد الله بوشطارت

لن تستطيع هذه الحكومة تحقيق مطلب تاريخي للحركة الأمازيغية المتمثل في ترسيم رأس السنة الأمازيغية كعيد وطني وجعله يوم عطلة مؤدى عنه؛ لعدة اعتبارات، أهمها أن هذه الحكومة لا تختلف عن سابقاتها، فهي استمرار للحكومات السابقة، وتسير في نفس النسق ونفس النهج؛ ولن تغير أي شيء فيما يخص طبيعة التعامل مع المطالب الأمازيغية خاصة التي تمس جوهر القضية، أهمها قضية التدريس وتعميم اللغة الامازيغية في جميع المدارس العمومية والخاصة، ثم جعل اللغة الامازيغية لغة رسمية في جميع الادارات العمومية كالقضاء وجعلها تتمتع بنفس الحقوق مع اللغات الأخرى كالعربية والفرنسية في الإعلام والادارات والفضاءات العامة.

 

وأيضا؛ هذه الحكومة قامت أحزابها باستغلال شنيع للأمازيغية في خطابها السياسي والانتخابي في إطلاق وعود انتخابية فارغة المضمون وعديمة الجدوى. وبالتالي فمهما سعت أحزاب الأغلبية الحكومية المهيمنة على مؤسسات الدولة والمجتمع والاقتصاد الوطني والثروات والديناميات المجتمعية والثقافية، (مهما سعت) إلى احتواء الخطاب الامازيغي الممانع وتحوير مساراته السياسية والثقافية وافراغه من الحمولة الفلسفية والسياسية العميقة التي يستمد منها قوته وكينونته، وكذلك الاستيلاء على جوهر المرجعية الأمازيغية في تمييع بعض أسسها، فإن هذه الاحزاب لن تنجح في الوصول إلى اهدافها المعلنة والمبطنة في خلخلة الخطاب الامازيغي وتفكيك آلياته التنظيمية. وقد تأكد فعلا ان أهداف هذه الاحزاب هو تفكيك الخطاب وتدجينهم عبر استهلاك مسرحي وبهرجي للأمازيغية في البرلمان، واحتواء الحركة والدينامية الأمازيغية باستعمال جاذبية المال وترياق المناصب.

 

لذلك، يعتبر ترسيم رأس الأمازيغية وجعله يوم عطلة لجميع المغاربة، أول امتحان لهذه الحكومة، ومن الصعب تحقيق هذا المطلب لأنه بكل بساطة يسائل جوهر هوية الدولة المغربية. ويطرح أمامها أسئلة جدية، لأن الدولة تحتفل برأس السنة الميلادية ورأس السنة الهجرية، وهما حدثان مرتبطان بالدين، المسيحية والاسلام، فيما أن السنة الأمازيغية مرتبطة بالأرض والتاريخ والزراعة، بمعنى أنها توحي على الدولة المدنية التي تقيس الزمن بدورة الأرض والزراعة وليس بالسماء.

 

لذلك فلن ننتظر من هذه الحكومة أن تحقق مطلبا تاريخيا وحضاريا لم تدرك بعد امتداداته الحضارية والتاريخية، ويناقض الأسس الايديولوجية (العروبة والإسلام) التي تنبني عليها الدولة المغربية الحالية والتي تجعل من قيام دولة الأدارسة أنموذجها وبداية نشوئها التاريخي والديني.