الخميس 25 إبريل 2024
فن وثقافة

المقهى الثقافي باليوسفية: عبد العزيز مؤمين كفاءة متميزة ونموذج مدينة المعرفة

المقهى الثقافي باليوسفية: عبد العزيز مؤمين كفاءة متميزة ونموذج مدينة المعرفة مشاركون في المقهى الثقافي "موﯕادور"

ـ الكاتبة مي زيادة: "قضبان النوافذ في السجن تنقلب أوتار قيثارة لمن يعرف أن ينفث في الجماد حياة".

ـ نجيب محفوظ: " السجن كالجامعة مفتوح على الجميع، وأحيانا يدخله إنسان لنبل في أخلاقه لا لإعوجاج"

على ضفاف المقهى الثقافي "موﯕادور" تحققت اَلَّلمَةْ الأخوية الصادقة بحضورها النوعي، حيث امتزج فيها الشعر بالموسيقى والطرب، والبوح الجميل المخضب بعطر الصدق والوفاء، وتنوعت الشهادات في حق المحتفى به في لحظة استحضر من خلالها الحضور مساره الموسيقي والفني والثقافي رفقة ثلة من زملائه بالجمعية الثقافية التابعة لقطاع الفوسفاط (سنوات الثمانينات) بشعبة الموسيقى مثل المسرحي عبد الرحيم بولان، و الأستاذ عبد الجليل جبران الذي ترأس آنذاك مجموعة الشهاب: "كان عبد العزيز حيويا ونشيطا، وإنسانا خلوقا وطيبا، متشبعا بالأخلاق والتربية والقيم الإنسانية". يقول جبران في شهادته، والذي أشاد "بصبره وكفاحه وراء القضبان، مستعينا بإرادته في بلوغ أهدافه التعليمية والتكوينية وتنمية مداركه ومعارفه على جميع المستويات".

جريدة "أنفاس بريس" تتبعت فقرات برنامج المقهى الثقافي "موكادور" باليوسفية في محور "التجربة الإبداعية من خلال أدب السجون"، احتفاء بعريس المعرفة الأستاذ عبد العزيز مؤمين الذي قضى 30 سنة وراء القضبان. حيث شنفت مسامع ضيوفه بقصائد زجلية بصوت وإيقاع كل من الشاعر إدريس بلعطار، والشاعر عبد الرحيم الثقافي فضلا عن معزوفات موسيقية للثنائي هشام أبو فارس ومبارك التيماري .

كلمة الأستاذ حمزة مصطفى: نحتفي بكفاءة نموذج لمدينة المعرفة

افتتح المقهى الثقافي الأستاذ مصطفى حمزة بكلمة تأسيسية موجهة للحضور بقوله: "بداية أتوجه بالشكر للحضور الكريم على احتضانهم لهذه التجربة والمساهمة في تفعيلها وإنجاحها. والشكر موصول كذلك للأخ عبد العزيز مؤمين الذي سيسمح لنا جميعا مشاركته تجربته الإنسانية الرائعة. ومن خلالكم أتوجه بالشكر مع متمنياتي وتقديري لإخواني في شبكة المقاهي الثقافية في المغرب وعلى رأسهم الأستاذ نور الدين أقشاني على ما قدموه لنا من دعم ومساندة من أجل إخراج هذا المولود ليكون داعما ومساندا لكل المبادرات الثقافية والفكرية والفنية التي تقوم بها كل الجمعيات ذات الاهتمام المشترك، فللجميع كل المحبة والود والتقدير".

وأوضح حمزة في كلمته التوجيهية بأنه "مادام لكل حدث سبب، فلابد أن نستحضر جميعا المقولة التالية: (الحروب والمجاعات والأوبئة هي الخروق التي يطل منها التغيير على المجتمعات)، وبالفعل وجدنا أنفسنا في بداية سنة 2020 أمام جائحة أصابت كل دول العالم، ترتب عنها العديد من الإجراءات وجعلتنا جميعا نعود إلى ذواتنا وإلى أسرنا. فاكتشفنا عوالم جديدة لم نعهدها من قبل".

في هذا السياق أضاف منسق شبكة المقاهي الثقافية مصطفى حمزة قائلا: "أصبحنا لمدة حبيسي منازلنا، فكان لابد من طرح سؤال: كيف، وبما سنواجه الجائحة؟

حضرت العاطفة وحضرت معها مجموعة من الحلول والاقتراحات باءت كلها بالفشل وصنف أصحابها من ذوي العاهات.."، ولم يتردد نفس المتحدث في القول بأنه كذلك "حضر العقل، وحضرت معه المعرفة، فكانت هي سيدة الموقف، ليتأكد ما أشار إليه مؤلف كتاب "مدن العرفة: المداخل والخبرات والرؤى" الصادر سنة 2006 ( الميكسيكي خافيير كاريسو)، إذ قال بأن:

"القرن 21 قرن المدن، وقرن المعرفة، بما دفع إلى اعتباره قرنا لمدن المعرفة"، وقد أكد نفس المؤلف على الدور "المتنامي للمدن في ضوء الزيادة المضطردة لسكانها والهجرة المتزايدة إليها من الريف والضواحي"، ليتوقع المؤلف أن تصل نسبة "سكان المدن إلى 75 في المائة من سكان العالم بحلول عام 2025". وأشار إلى قدرة الاقتصاد المعرفي أو الاقتصاد القائم على المعرفة على إحداث طفرات في تركيب وطبيعة إجمالي الناتج المحلي ليشير إلى تحول أكثر من 50 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لعدد من الدول الصناعية من عوائد التنمية المادية إلى عوائد التنمية القائمة على المعرفة".

في سياق متصل شدد حمزة مصطفى على أن "الجميع له رغبة ملحة في تحويل مدينة اليوسفية إلى مدينة معرفة خاصة وأنها كانت ومازالت تتوفر على وسائل القيام بهذا الدور (دور السينما، قاعات الأنشطة الفكرية والفنية، ملاعب رياضية، مؤسسات تعليمية، مرافق اجتماعية...)، وأعطت كفاءات علمية في مختلف المجالات المهنية والعلمية والثقافية والفنية والرياضية..."، وأكد في كلمته على أنه "يمكن لهذه الكفاءات اليوم أن تشاهم في تحويل المدينة وإعطائها صفة أخرى غير الصفة التي عليها اليوم". حيث ختم بالقول: "لعل الكفاءة التي نحتفي بها اليوم عبد العزيز مؤمين، هو نموذج لمدينة المعرفة، فبالمعرفة استطاع أن يحول فضاء ضيقا إلى فضاء شاسع يجمع ما بين الفكر والفن والإبداع ويسمح باستشراف المستقبل". في إشارة إلى فعاليات المجتمع المدني

شهادة الدكتور علي المدرعي: السجين الذي حول حيطان وأقفال السجن إلى مدرسة

"كيف تحب وطنك وهو يحرمك من أبسط حقوقك الإنسانية والكونية؟ ألا وهو الحق في الحرية. كيف تبعث الأمل والرغبة في الحياة مع من تقاسمهم زنزانتك وسجنك الكبير؟ وكيف تحول السجن من أكبر وسيلة للإستقطاب... للإرهاب والتعصب والجريمة إلى فرصة للتكوين والتعليم والإبداع؟

كيف تحول الحقد إلى حب وفرصة لبناء الوطن في الأسْر، بينما يعجز الكثير من الطلقاء عن ذلك؟ وكيف تتحول الحيطان والأقفال إلى مدرسة ومسرح وأوراش للتكوين والإبداع ومبعث للكرامة الإنسانية؟

كيف تستطيع ذلك؟

فمن حقك علينا التقدير والاحترام والثناء ورفع القبعة. كيف لا، وقد غيرت نظرة المجتمع لصورة السجن والسجان، حيث تتحول المؤسسة السجينة من أداة للهدم والتخريب إلى أداة للبناء والتربية والتكوين والمعرفة؟

أخي عبد العزيز مؤمين عشت لنا جميعا وأنت بعيدا عنا بفضل إصرارك وغيرتك وصبرك وعزيمتك، والآن عش لنسفك ثم لعائلتك الصغيرة ثم لنا جميعا، نحن في أمس الحاجة إليك".

شهادة الشاعر عبد الرحيم الثقافي: مؤمين الرجل الاستثناء

"الأستاذ عزيز مؤمين رجل كنا نعرفه من الرجال الأوفياء، يَسعَدُ قلبك الطيب بحب الجميع...عرفناه الإنسان الفنان من رواد الأغنية الغيوانية بمدينة اليوسفية في ثمانينات القرن الماضي..دخل السجن وخرج فارضا ذاته منسجما مع قدراته وطموحاته.

الاستاذ عزيز مؤمين إنسان متميز ومتمرس في تنمية الذات، الرجل المؤمن بقوة، بأن الواقع يغير الفكر، عاش ثلاثون سنة في واقع السجن المغلق. واقع تختلف فيه الظواهر الإجتماعية باختلاف ظروف السجناء. في هذا الواقع قام الأستاذ عزيز بالتشخيص الميداني للظواهر، فتحمل مسؤولية العمل التطوعي في التأطير والتكوين وتقوية وتنمية القدرات.

الأستاذ العزيز استفاد منه العديد من النزلاء بالمؤسسة السجنية، حيث حققوا الهدف ونالوا الغاية.. بدعمه وتكوينه وتتبعه ليسعدوا بحب المجتمع.

الأستاذ عزيز مؤمين يعرف جيدا ثقافة فن العيش وثقافة الواجب، لا يريد بأعماله جزاء ولا شكورا، فهو واحد من القلة الذين يسعون الى النجاحات فكان التميز ملازما له في سلوكه وفي اعماله...في جعبته الكثير، وهذه فرصة ثمينة لجمعيات المجتمع المدني والفاعلين السياسيين باليوسفية للإستفادة من هذا الرجل الاستثناء".

شهادة الأستاذ محمد ظهور: رجل متعدد المعارف والمواهب

"الحضور الكريم. الأخ عبد العزيز، سعيد بلقياك مرة أخرى لأقدم لك أجمل التهاني وأطيب الأماني...أخي العزيز لقد تابعت مشوارك الطويل الحافل بمجموعة من الإبداعات الثقافية والأدبية والفنية، وكانت أمنيتي في البداية يعني بعد لقائنا الأول أن نعمل جميعا ولو بإمكاناتنا المتواضعة لمناقشة ونشر تجاربك وأعمالك ومشاهداتك وراء القضبان، وإصدار إبداعاتك التي حققتها على مستوى التكوين والتعليم.

أخي عبد العزيز، ها نحن اليوم في مرحلتنا الأولى نحتفي بك وبإنجازاتك داخل فضاء المقهى الثقافي. وكلنا أمل في أن تحظى بمكانتك الاجتماعية بمزيد من التألق والنجاح، لأن هذه الفرصة اعتبرها انطلاقة للقاءات أخرى للاطلاع على معارفك المتعددة".

شهادة الشاعر حدان المحجوب: الإنسان الذي لم يستسلم لبؤسهم

"أشكر وأهنئ الأصدقاء في المقهى الأدبي "موﯕادور" باليوسفية على افتتاح أنشطته الثقافية بالاحتفاء بإنسان يستحق كل الاحتفاء وهو سي عزيز مؤمين. وأهنئ عبد العزيز أولا، على نيله حريته وعلى صبره، وثانيا على ما حصل عليه من شواهد أكاديمية عليا أو شواهد تقديرية من مختلف المؤسسات العمومية والهيئات الثقافية بالمغرب اعترافا بنبله وجديته، واود أن اهديه نصا قصيرا عبارة عن توطئة كتبتها مباشرة قبيل انطلاق هذا الحفل لما كنت أحتسي قهوتي:

"قالت عنقاء مغرب "لا"

فانحنوا لها خاشعين

وقالوا نعم لـ "لا"

قيدوه وقادوه

إلى الما لا نهاية

لم يستسلم لبؤسهم

فاكتفوا بأن اقتصوا

من سنوات عمره ثلاثين

أستحي أن أنبس بأحرفك

أيتها العدالة

في كل مكان

في كل مكتب

في كل منصب،

في كل محكمة

في كل مقبرة،

في كل مخفر

في كل متجر،

في كل مجلس

في كل محبس،

في كل إيوان

وفي كل أوان.."