الثلاثاء 16 إبريل 2024
سياسة

انطلاق العد العكسي لدفن زيان في مزبلة التاريخ

انطلاق العد العكسي لدفن زيان في مزبلة التاريخ محمد زيان
سيكون يوم 9 دجنبر 2021، موعدا حاسما بالنسبة للمسار المهني لمحمد زيان، للنقيب والوزير السابق والزعيم الحزبي السابق. إذ في هذا التاريخ ستنعقد جلسة محاكمته ب 11 تهمة ثقيلة تطارده. وبدل أن يواجه الشعبوي زيان الرأي العام بالحقائق لتفنيد صك الانهام، اختار ب"الطلوع للجبل"، وكال الاتهامات المجانية يمينا ويسارا إيمانا منه أن حبل المشنقة يلتف حول عنقه.
في بوحه المنشور بموقع "
شوف تيفي"، رفع أبو وائل الريفي سقف التحدي عاليا أمام زيان لإثبات برائته:
 
الإستغراب المصطنع ” للمصبع” زيان من حجم وطبيعة التهم التي قررت النيابة العامة متابعته بها بعد شهور من التحري والتحقيق والاستماع إليه. لعبة أخرى يلعبها المصبع لإستبلاد الرأي العام، فإذا كان من المستساغ أن نقبل ٱستغراب جزء من الرأي العام فإن ٱستغراب زيان المصطنع وحده لا يغير الواقع ولا يصنع حقائق مغايرة.
لكن يزداد استغراب الناس أكثر حين يطلعون على لائحة التهم ويقارنونها بعمر زيان البيولوجي وبالمكانة الاجتماعية التي يلزم أن يحترم مقتضياتها وهو النقيب والوزير وزعيم الحزب سابقا. إن وجه الإستغراب الحقيقي و المغيب هي متابعة زيان في حالة سراح رغم خطورة الأفعال و ثقل المتابعة، و يظهر أن الرجل لم يقدر الأشياء حق قدرها من خلال مواصلة سلوكه الأرعن و مخططاته الفاشلة.
الطريق الوحيدة أمام زيان هي مصارحة المغاربة بالحقائق كما هي، وتجنب المراوغة التي دأب عليها، والابتعاد عن تحوير النقاش حول جرائم يتابع بناءا عليها، وهو بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي من القضاء، لتحويل الأنظار عن تلك الجرائم وتصوير نفسه معارضا راديكاليا. أصبحت هذه اللعبة مكشوفة وممجوجة عند المغاربة، حيث يتناول، بقدرة قادر، من منع عنه الكيل وحرم العطاء، حبة الشجاعة والمعارضة والتجدر فيتحول بسرعة البرق إلى كاشف للفساد وهو صنيعته أساسا ويصبح معارضا للنظام وهو الذي كان يكيل التهم للمعارضين ويحاربهم ويترافع ضدهم ويسخر كل وسائل دعايته للتنكيل بهم وتسفيه أعمالهم.
أمام زيان فرصة العمر ومتاح له من وسائل التواصل ما لا يعد ولا يحصى لدحض كل تلك التهم إذا كان يتوفر على أدلة مضادة، ولكن هذا يُلزمه قليلا من الحياء و الرزانة في التعامل مع الموضوع الذي دخل مرحلة المتابعة أمام القضاء. لقد وصل زيان إلى الحلقة الأخيرة من مسلسله المبتذل، و ساعة الحساب قد دقت ولن ينال إلا جزاء من قبيل ما ارتكب من أعمال تقع تحت طائلة القانون، والقضاءُ اليوم، ولله الحمد، بعيد عن حسابات اعتاد الشيخ النافذ زيان إدخالها في المعادلة.
لا يكفي الاستغراب والاستنكار. إنما هي أعماله قيدت في صفحته، وما عليه سوى استرجاع شريط الأحداث إن كان في كامل قواه العقلية وغير العقلية وهو أدرى من غيره بحقيقة الأشياء. لا يكفي أن يستغرب متابعته بتهمة التحرش الجنسي ويعلل الاستغراب بعمره الطاعن لأنه يدري أكثر من غيره طيش الشيخ الذي يشتاق للعودة إلى صباه. ولكن أمامه الوقت ليسأل ويفهم وربما يعرض هذه الحالة على علماء وأطباء النفس لعله يقتنع بما تلعبه النفس الأمارة بالسوء والشهوات بالشيخ الذي يلهث وراء صباه.
لا ينفعه الاستغراب من عدد التهم فقد تكون المتابعة بأكثر منها، ولكن يلزم، ليكون استنكاره مقبولا ومنطقيا، أن يدحضها ويجيب بوضوح أمام الشعب عن القرائن المادية المتضمنة في صك الاتهام بما يكفي من أدلة لإقناع الرأي العام بغير ذلك. كما لا يكفي أن “يمسح السما بالليكا” فلن يصدق المغاربة ذلك. فعليه أن يأخذ الوقت الكافي ويطلع على الملف جيدا والموعد يوم 9 دجنبر لتنوير الرأي العام بشأن كل تهمة على حدة، أو بإمكانه أن يظهر في موقعه الإلكتروني الذي لا يحمل من الحياة غير الاسم، أو بإمكانه أن يؤجر خدمات منابر أخرى، وحتى إن لم ينجح في كل ذلك فإن أبا وائل مستعد أن يوفر له منصة إعلامية يشاهدها الملايين ويخلي بينه وبينهم. وحينها فليكن سبعا أو سيقتنع المغاربة أنه فقط مصبع. وهي الحقيقة التي لن يغيبها اللعب البهلواني لرجل ٱنتهت صلاحيته.
الحكم عليه من الجلسة الأولى واضح من طرف الرأي العام. هل سيتجاوب مع المتابعة وينور الرأي العام حول تفاصيل وصحة المنسوب إليه أم سيدخل، مثل سابقيه، لعبة التسويف والتأجيل وتمطيط المحاكمة بطلب من دفاعه ثم يخرج باكيا على غياب المحاكمة العادلة وإطالة أمد الجلسات رغم أن طلبات التأجيل تكون عادة من طرف الطرف المتباكي.
حالة الإنكار المطلق للتهم والوقائع لن تفيده مطلقا، ويمكنه الاستفادة وأخذ العبرة ممن سبقه.
وحالة الاستنكار للتكييف القانوني لتلك الوقائع بطريقة كوميدية وسطحية لن تنفعه كذلك، وعليه، وهو المحامي الذي يتصور نفسه لا يشق له غبار، أن يواجهها بمرافعات قانونية تكشف من خلالها وجه القصور والتعارض إن وجدت مع النصوص وروحها وقصد المشرع وحتى التشريعات المقارنة.
وحالة النفي المطلق لمواجهته بتلك القضايا وعدم تلقيه أسئلة من الفرقة الوطنية بشأنها لن يأخذه المغاربة مأخذ الجد إن لم يثبت ذلك بأدلة وهو أدرى بالحقيقة من غيره، وأعلم بطريقة استجوابه وما تضمنته محاضر الاستماع إليه وطريقة توثيق إجاباته و إذا ٱستمر في الإنكار البليد فلينتظر المفاجأة.
وحالة التهويل كذلك لن تفيده. فمطالبته لمن يتابعه أن يقتلوه ويرتاحوا منه يشم منها رائحة البحث عن البطولة والمجد وهما بعيدان عنه ولو اختار التشبه بالسبع، ومؤسسات الدولة أبعد من أن تستعمل هذه الأساليب أيها المحامي والوزير السابق لحقوق الإنسان فأنت الشاهد على هل الدولة التي عرفت تبيح لنفسها ذلك أم لا؟ هذه مزايدات فارغة وحتما لن تتضرر الدولة المغربية منها لأن “التشيار بالحجر شغل الحماق”. لست أنت الذي يحدد طبيعة التهم حسب رغبته وهواه لتطلب متابعتك بقانون الاتجار بالبشر أو التهريب ولكنها أفعالك وأقوالك فقط التي يستند إليها لتكييفها قانونيا كتهم تقرر النيابة العامة متابعتك بها.
يقدر أبو وائل وضعيته النفسية المحبطة وعقدة لسانه في الآونة الأخيرة، ولا يسعني إلا دعوة صبيته وحوارييه ليجتهدوا أكثر من السابق في التعبير عما يريد. هذه مناسبة لتعرف من معك ممن عليك. يمكنك الاستعانة بخدمات رضى وبالصوت والصورة ديال وهيبة وب…وأنت تعلم القائمة جيدا.
يمكنه أن يستعين بكل ما يفيد إثبات براءته، ولكن سياسة “طلوع الجبل: لن تفيده. لو كان فيها فائدة لنفعت مع من سبقه من أمثال بوعشرين وراضي وسليمان الذين يواجهون مصيرهم جراء ما كسبت أيديهم. ولا شك أن عنده الخبر اليقين حول قضاياهم عكس ما يصرح به علنا.
حالة الإنكار المطلق والاستهزاء والسخرية الساذجة تضعه في مواجهة كل مؤسسات الدولة التي يصورها وكأنها ضده ومتآمرة عليه ولا شغل لها غيره. فلماذا يستهدفونه؟ هل لأنه تحدث عن الفساد والثروة والسلطة والفوسفاط والحديد والتراب والماء؟ فالمغاربة أدرى بأن هناك من يقول أكثر من هذا، ويقوله قبله بعقود، ويقوله ويده وذمته أنظف منه. ومع ذلك لم ينله مكروه. لذلك لن يسمع أينما ذهب إلا عبارة العب غيرها فإنها ليست على قياسه وراها “كبيرة عليك وما تواتيكش”. ليتأكد أن المخزن لا يضيره في شيء من يعارضه بأي طريقة فقط كن سبع آسي المصبع في آخر عمره وهو شيخ من طرف من هي في عمر أصغر بناته.
لن ينفعه هذا الهروب لأنه لا يقدم معه أدلة تسند تصريحاته ولا تنور الرأي العام بحقائق حول المنسوب إليه، ولكنه فقط يتمادى في التغليط والمراوغة والتهريج كما هو دأبه منذ عقود. للأسف يتناسى زيان أن الزمن غير الزمن، وأن هذا الزمن يستلزم أساليب أخرى في ظل الانتشار السريع والواسع للمعلومات.
أمام زيان، وهو على أبواب الحلقة الأخيرة من مسلسله الذي طالت فصوله وحلقاته، طريق واحد لا ثاني له، هو طريق الصراحة والوضوح والمكاشفة مع الذات والمغاربة فهي أضمن الطرق وأيسرها وأقصرها، إنها لغة الحقيقة.