الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

المساوي: المعركة الإعلامية تسير جنبا إلى جنب مع المعركة السياسية ومعارك الوطن

المساوي: المعركة الإعلامية تسير جنبا إلى جنب مع المعركة السياسية ومعارك الوطن عبد السلام المساوي
الحاجة اليوم ماسة لصحافة مواطنة، جادة وجدية تنقل الأخبار الموثوق منها والصحيحة الى الناس تواكب هذا الابداع المغربي في مجال مقاومة العدو بوطنية وبتقدير حقيقين، تقفل الباب على المتسللين سهوا إلى ميدان الصحافة. وهم كثر ....فهناك من يصر على أن يظل الوحيد الذي يستفيد من هذا الميدان غير المدر للدخل بالنسبة لأبنائه الأصليين، الوفير الأرباح بالنسبة لعدد كبير من المتسلطين عليه ...
أكثر من أي وقت مضى، تبدو حاجة بلادنا إلى صحافة وطنية مواطنة قوية حاجة كبرى وضرورية.
الحقيقة، التي انكشفت في هذه الأيام أكدت حاجتنا لإعلام وطني، مواطن، قوي، موجود في كل مكان من المغرب، متمكن من المهنة وأجناسها وأدواتها، حرفي التعامل، سريع التجاوب، لا يترك لأعداء الوطن ولا للطابور الخامس الفرصة مهما كانت صغيرة لترويج الأكاذيب.
هذا الإعلام نستطيع صنعه وتشجيعه إذا امتلكنا جرأة الإيمان النهائي والتام بأن المعركة الإعلامية تسير مع المعركة السياسية ومعارك الوطن جنبا إلى جنب.
هناك مهنة قائمة بذاتها تسمى الصحافة يمارسها  مهنيون يسمون الصحافيين، يعرفون الفرق بين الأجناس المشكلة لهاته المهنة، لا يكتفون بحمل الميكروفونات في أيديهم ومدها للجميع، ولا يعتقدون أن مجرد التوفر على هاتف نقال جديد هو أمر يعطيك بطاقة الممارسة المهنية، يمضون أيامهم والليالي في مطاردة أخبار الكل هنا وهناك وفي التأكد من هاته الأخبار، أو نفيها قبل نشرها على العموم.
يشتغلون في هيات منظمة تعطيهم مقابل الحرفة التي يمتهنونها ، وتؤدي الضرائب الكثيرة والواجبات الأكثر، وتلتزم بقوانين عديدة، وتخضع لضوابط لا حصر لها، وتعاني من منافسة غير شريفة اطلاقا مع الفوضى العارمة وحواسها التي ضربت الميدان في مقتل منذ سنوات كثيرة.
بح صوت المهنيين وهم يقولون " اننا نحتاج صحافة جادة وجدية يصدقها الناس حين الضرورة ...".
ضاعت الحبال الصوتية للمنتمين المساكين لهاته المهنة يصرخون " حكاية المواطن / الصحافي في هاته التي يختفي عدد كبير من النصابين والأدعياء خلفها لن تؤدي بنا الا الى الهلاك "، أصيب المهنيون أخيرا بالخرس بعد أن فهموا ألا احد يريد تصديقهم وهم يقولون بديهية صغيرة : " الصحافة مهنة ولا يمكنها أن تكون حظيرة تجمع كل من هب ودب ".
اليوم، ها نحن نشرع في الاستيعاب المؤلم لهاته البديهية، والدولة تشرع في الضرب بيد من حديد على كل من يستسهل نشر أي شيء دون ان تتوفر له أية خاصية من خاصيات النشر وهذه لوحدها مسألة إيجابية ومطلوبة.
اليوم هاهي القنوات التي كان الجهة يسمونها " المؤثرة " والفاعلة في الأنترنيت المغربي تضربنا بسفاهتها وهي تتندر في وباء خطير يهدد الخلق اجمعهم، أو وهي تعتقد ان الشهرة الزائفة التي أصبحت لها تعطيها الحق في أن تكذب على الناس، وفي أن تروع الناس، وفي أن تختلق الأخبار مثلما دأبت على ذلك منذ القديم ، سوى أن الموضوع هاته المرة لا هزل فيه ولا لعب.
اليوم ها نحن نفهم ان خاصية " اللايف " المتاحة لك في مواقع التواصل الاجتماعي لا تعطيك لوحدها شرعية مخاطبة الناس اذا لم تكن تتوفر على مؤهلات مخاطبة هؤلاء الناس.
لا يكفي أيضا أن تصور لنا روتينك اليومي من الخلف _ أعز الله قدر الجميع _ ولا ان تصطنع لك ميكروفونات مضحكة ومخجلة تمدها للجميع دون اي عملية تصفية أو تنقيح وأن تكتب تحت رداءتك " عاجل ، فضيحة ، أنظر قبل الحذف، أنشرها ولك الأجر " .
أهل المهنة الحقيقيون، وهم يرون الناس تعود الى المرتكزات الأولى ، وتحاول أن تبحث عن الخبر الحقيقي من مصادره المعتد بها، والتي صنعت على امتداد التاريخ جديتها وبصمتها يحسون بنوع من إعادة الاعتبار اليهم بعد أن تم قصفهم طيلة السنوات الأخيرة التي مرت بعبارة " ماتت الصحافة التقليدية "،" الزمن اليوم هو زمن البوز أيتها الديناصورات "،" هؤلاء المؤثرون الجدد أصبحوا صحافة الوقت الحالي، لقد مضى عهدكم أيها القدامى ، ناموا في قبوركم ..."
العديدون ازدردوا حزنهم على مضض، وواصلوا العمل وفق الطريقة التي تعلموها وأحبوها واحترموها وقالوا في قرارة أنفسهم: اذا كان ضروريا ان يقال لنا اننا متنا فلنصحب معنا مهنتنا  الى القبر، لن نتركها لهؤلاء الجهلة لكي يعربدوا فيها مثل ما يشاؤون ".
اليوم ومع هذا القادم من حيث لا ندري، يكتشف الناس أن الجهل رعى اوبئة كثيرة في ميادين أخرى وعمل كل ما بوسعه لكي يعتقد الناس أنها ليست خطيرة على صحتهم، قبل أن نشرع شيئا فشيئا في اكتشاف العكس تماما.
نؤمن ان الزمن القادم ، بعد زوال الوباء سيحمل معه الى زواله كثيرا من الأدعياء والمتسللين ومنتحلي الصفات عنا، وسيعيد الى هذا الميدان قليلا من الاحترام الذي كان عليه، وسيجعل من المتعففين من أبنائه الأصليين وجوهه اللامعة، وسيلقي بمن تطفلوا عليه كل هاته السنوات الى حيث يجب أن يكونوا..