الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

رئيس النيابة العامة: لا تحقيق لتنمية مستدامة دون توفير شرط الأمن بمعناه الواسع

رئيس النيابة العامة: لا تحقيق لتنمية مستدامة دون توفير شرط الأمن بمعناه الواسع الأستاذ الحسن الداكي
اعتبر الأستاذ الحسن الداكي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، أن انعقاد الملتقى الثالث للعدالة حول موضوع النموذج التنموي بالعيون، يعتبر وقفة تأمل من أجل تدارس والوقوف على ما جاء في تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد والذي يحمل تشخيصا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويقدم رؤية استشرافية للتوجهات التي ينبغي أن تسير عليها بلادنا في أفق سنة 2035.

مؤكدا أن انعقاد هذا الملتقى، الخميس 11 نونبر 2021، لمناقشة هذا الموضوع، على درجة عالية من الأهمية لتعلقه بموقع العدالة ضمن النموذج التنموي، وقد جاء في الوقت المناسب، ومناسبة سانحة لتبادل الأفكار حول الدور الذي ينبغي أن تقوم به مختلف مكونات العدالة من أجل تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد.

وقال الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، إن رئاسة النيابة العامة، ووعيا منها بأهمية الانخراط في هذا الورش الكبير، قامت بتشخيص الوضع القضائي الراهن وأنجزت تصوراً حول الموضوع عرضته على اللجنة المعنية واقترحت مجموعة من الإجراءات التي تعتبرها كفيلة بالرفع من مستوى مساهمة القضاء في تحقيق التنمية، مستحضرة الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الثامنة، ومن بين المجالات الأساسية التي يضطلع فيها القضاء بدور هام في تحقيق التنمية، تحفيز وتشجيع الاستثمار، فالمستثمر لا يُقدم على الاستثمار إلا إذا كان النظام القضائي مؤهلاً لحماية استثماراته وقادراً على المحافظة له على ممتلكاته وحقوقه. وبطبيعة الحال، فإن انشغالات المستثمر تركز على استقلال القضاء ونزاهته. وبالقدر نفسه تركز على شفافية النظام القانوني وانسجام القوانين مع متطلبات التنمية ومستجدات السوق، بالإضافة إلى حماية المنافسة الحرة المشروعة التي تعتبر من بين الاهتمامات الأساسية بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين الذين يهتمون بمدى نجاعة الدولة في حماية المنافسة المشروعة ومنع الممارسات غير المشروعة. ويقوم القضاء بدور أساسي في هذا المجال، يتوقف عليه تطوير المبادرة الحرة، ومنع تضارب المصالح، ومكافحة الفساد المؤدي إلى اختلال موازين القوى الاقتصادية.

وأضاف رئيس النيابة العامة، أن القضاء يضطلع بدور أساسي في ما يتعلق بضمان الأمن القضائي للأطراف حيث يعتبر دور القضاء في هذا المجال جد أساسي فهو يضمن استقرار المعاملات ويحمي المراكز القانونية للأطراف. ولذلك يشكل الاجتهاد القضائي المستقر والثابت ضمانة لاستقرار المعاملات ويسمح للأطراف ببناء علاقاتهم على أسس ثابتة تحفظ حقوقهم. ولذلك فإن التغير المفاجئ أو المتكرر للاجتهاد القضائي لا يحقق الأمن القضائي للأطراف، الذين بنوا اتفاقاتهم على أساس موقف قضائي معين سرعان ما يتغير ليعصف بحقوقهم.

ومن الأدوار التي يضطلع بها القضاء والتي تعتبر محفزاً أساسياً للتنمية ما يتعلق بحماية الحقوق والحريات وحقوق الإنسان، فحماية الحقوق والحريات الأساسية للأفراد والجماعات تساعد في تحقيق الاستقرار وتشجيع الإبداع والابتكار، وهي مقومات أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، إعمالا لمبدأ محورية الإنسان في مخططات التنمية وفق ما يؤكد على ذلك إعلان حقوق التنمية لسنة 1986. ويضطلع القضاء بدور محوري بهذا الخصوص حيث أناط به دستور المملكة حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي (الفصل 117 من الدستور) كما يساهم في صون حقوق الإنسان عبر التمكين القانوني للمواطن من هذه الحقوق وأيضا عندما يتعلق الأمر بالمساطر الجنائية من خلال مراقبة شرعية الإجراءات ومدى احترام شروط وضمانات المحاكمة العادلة.

ومن تجليات دور القضاء في التنمية مساهمته في توفير الأمن، فالتنمية والأمن مفهومان مترابطان، إذ لا يمكن تصور تحقيق تنمية مستدامة دون توفير شرط الأمن بمعناه الواسع وهو ما تساهم النيابة العامة في تحقيقه من خلال تنفيذها للسياسة الجنائية وردع كل أشكال السلوكات التي تمس بالأمن والنظام العام.

وتُعتبر مسألة دعم قيم النزاهة والشفافية من التجليات الأساسية التي تبرز دور القضاء في التنمية، حيث أن هناك علاقة جدلية بين النزاهة والشفافية وتحسين مناخ الأعمال وتحقيق النمو الاقتصادي، ويعتبر القضاء أهم الجهات المعول عليها بهذا الخصوص سواء على مستوى صون مبدأ المساواة أمام القانون والمساواة في الحقوق والواجبات والاستفادة من الفرص أو على مستوى ردع كل الممارسات المخالفة للقانون..

وختم رئيس النيابة العامة كلمته بالقول أن تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد تقتضي مقاربة تشاركية تنخرط فيها كل مكونات العدالة، لتكون هذه الأخيرة في الموعد وتستجيب لانتظارات المواطن وتكون من بين المؤسسات القيادية لقاطرة التنمية ببلادنا.