الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: 3000 ريال لكيلومتر واحد "اللي حصل يودي ويؤدي"

محمد الشمسي: 3000 ريال لكيلومتر واحد "اللي حصل يودي ويؤدي" محمد الشمسي

كنت عائدا زوال يوم الجمعة  5 نونبر 2021 من مدينة بنسليمان، وعلى مقربة من مبنى المحافظة العقارية استوقفني سد أمني، أخبرتني فيه شرطية بأدب أني تجاوزت السرعة المسموح بها، بشهادة كاميرا لم أطلع عليها، وأنه علي أداء مبلغ 150 درهم، طبعا لم يسبق لي أن استعملت هاتفي للاستعانة بمسئول كي يشفع لي بالإفلات من مخالفات السير لأني أصلا أحاول قدر الإمكان الالتزام بالقانون لكن "مللي كنغلط ونحصل كنخلص" وبكل روح قانونية، حتى أني راكمت "عرام ديال المحاضر".

 

المثير أني أديت مبلغ المخالفة وتسلمت "الصرف" ثم تسلمت المحضر بعد أن وقعت ووقعت معي الشرطية والشرطي، وللأمانة فقد عاملاني بأدب واحترام "الله يخلف عليهم"؛ قلت المثير أني عندما قرأت المحضر وجدت فيه شيئا مكتوبا أبقاني في حالة ضحك هستيري من مخرج بنسليمان إلى مدخل الدار البيضاء أنساني"شمتة الـ 3000"، لكن لا أعرف هل كنت أصحك على نفسي أم على ما جاء في المحضر الذي جاء فيه  بالحرف "السرعة المعتمدة 66 كيلومتر في الساعة، والسرعة المسجلة 67 كيلومتر في الساعة" يعني أني تجاوزت السرعة بكيلومتر واحد، كيلومتر واحد ووحيد أديت عليه 3000 ريال؟"، كيلومتر واحد؟ ماذا لو أديت عن كل الـ 45 كيلومتر التي تفصل الدار البيضاء عن بنسليمان؟ ربما في الرحلة العاشرة قد أبيع السيارة، ذهلت لهذا "الزيار" وهذا التشدد في تطبيق القانون، وخلت نفسي في دولة من الدول التي يسود فيها القانون بصرامة ويحاكم الناس بعقوباته لكنهم ينعمون بامتيازاته وضماناته والحقوق الواردة فيه، فلو كان قانوننا بهذا الحزم و"الكيلومتر ما يزهق" وبهذه الصلابة والمتانة ما كانت طوابير المرضى ترابط لأسابيع بأبواب مستشفيات لا يسمعون فيها غير"الراديو خاسر" و"مكاينش الطبيب" و"تا لسيمانا الجايا ورجع"، و"الرميد عندك وافية"، وما فلت المتهمون باختلاس المال العام بالملايير من العقاب وفازوا بأحكام موقوفة التنفيذ "بردو بيها سرقاتهم"، وما وضعت النساء الحوامل مواليدهن في سيارات الاسعاف، وفي ممرات المستشفيات، ولما قطع أطفال البوادي الجبال والوديان ليصلوا منهكين لمدرسة نائية، ولما مات سكان جبالنا بالبرد القارس، ولما تكدست الأسر في غرف يملكون مرحاضا وحيدا على الشياع، ولما استعان أرباب الأسر بالخيل والحمير والبغال في قلب المدن الكبرى لـ "تصوير طرف ديال الخبز حار للعيال"، ولما تجمهرت جحافل المتسولين في كل "فوروج"، ولما.. .ولما...

 

لماذا لم يضعوا مثل كاميرا السد الأمني حين كانت أصوات الناخبين تباع في "سوق الصوت"؟ أين كانت الكاميرا حين افتتح المزاد العلني لبيع وشراء أعضاء مختلف الجماعات المحلية؟ أين كانت الكاميرا حين تم قمع المحتجين لمجرد أنهم اختاروا عدم التلقيح؟ أين كانت الكاميرا حين؟ وأين كانت الكاميرا عندما؟...

 

تيقنت أنه "جا فيا لبلان"، وأني "حصلت" و"اللي حصل يودي ويؤدي" في "قانون الحصلة"، و"قانون انت وزهرك"... وقاليه شمتك قاليه عرفتك...