الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: هل منظومتنا التربوية بخير؟

إدريس المغلشي: هل منظومتنا التربوية بخير؟ إدريس المغلشي
لعل المنظومة التربوية، بدورها الإستراتيجي ،وقيادتها للمجتمع من أجل بنائه وتحقيق الرهانات الطموحة التي ترفعها الدولة  لبلوغ الأهداف المنشودة، وبالنظر للإمكانات المرصودة، كلها عوامل وأمور مع وقوع أحداث في هذا المسار تدفعنا لكي نطرح أسئلة تبدو ملحة ووجيهة في الوقت الراهن.
هل منظومتنا التربوية  بخير ؟ وماهي أسباب هذه الهزات، التي تستهدف استقرار منظومتنا التربوية، وآداءها الطبيعي ؟. 

لا أحد يجرؤ على فتح هذا الملف، ليجيب على كل هذه الأسئلة؛ بل لانجد مواقف تعبر بشكل صريح عنها، لتكشف لنا خبايا وحقيقة ظروف اشتغال هيئة التدريس. إن كل النجاحات التي تتحقق على أرض الواقع، وتقطف ثمارها الإدارة مردها بالأساس إلى مجهود مضاعف، مبذول من طرف جنود الخفاء الذين يعملون في صمت دون ضجيج.تاركين الفرصة لمن يستثمرها، أو لمن يستغلها على حدسواء، من أجل وجاهة مؤقتة او امتياز عابر . لكن الغريب في الأمر أننا نطلب من هيئة التدريس في كثير من المسلكيات والضوابط المهنية أن تكون قادرة على الآداء والإنتاج دون فتح نقاش موضوعي بالجرأة المطلوبة حول الظروف بكل مكوناتها، والخلفيات النفسية ومقاربة الموضوع من منظور سيكولوجي يرتكز بالأساس على ظروف اشتغال الأستاذ ومعيشه اليومي. 

لعل أبرز مثال يوضح الدور الهام والشاق في نفس الوقت الذي يقوم به الأستاذ، ماتم استنتاجه في الآونة الأخيرة على وجه الخصوص (فترة كورونا) وما يتعلق بطريقة التدريس عن بعد. وباعتبارالأسرة شريك رئيسي، غير قادرة على مواكبة عملية تمدرس أبنائها بمعية المدرسة، بعدما تخلت عن ادوارها دون أن تقدم مجهودا ملحوظا، يجسر العلاقة بينها وبين هيئة التدريس. بالإضافة كذلك لمعطى أساسي، أن أولياء أمور المتمدرسين وقفوا من خلال التجربة وبالممارسة على الأدوار الصعبة والشاقة والمهمة التي تقوم بها هيئة التدريس .وهو دور لايحتاج فقط للمادة العلمية وللبيداغوجيا في تدريس هذه المواد فحسب بل كذلك لدربة وحرفة في تدبير علاقات ذات بعدسوسيولوجي وسيكولوجي، وهوأمرليس بالسهل تطبيقه.

الحدث الفاجعة الذي وقع أمس باليوسفية، والطريقة المأساوية التي أنهى بها أستاذ مادة الرياضيات حياته. كما تروي الأخبارالقادمة من هناك . يسائلنا جميعا هل منظوتنا بخير؟
لشدة غرابة الحدث  وصدمته ونحن نحاول تفكيك مراحله عبر مقاطع زمنية نضعها بين أيدي المتخصصين:
الأستاذ يلتحق بالمؤسسة في ظروف عادية .
يدخل الفصل بمعية التلاميذ ويشرع في تقديم الدرس .
بعد مدة وجيزة يتجه خارج الفصل ليرمي نفسه من الطابق العلوي . 
في اليوم الموالي نتلقى خبر وفاته، وتلك فاجعة شكلتها مقاطع من المشهد الدرامي الذي صدمنا جميعا. 
لا أستطيع أن أستوعب الحالة النفسية التي تركها هذا الحدث المأساوي في نفوس مكونات المؤسسة التي وقع فيها . بل الأقليم والجهة والوطن.
هل هناك مقاربة لمعالجة الموضوع على الأقل في الموقع من خلال مصاحبة نفسية للمحيط أم سنترك الأمر لعامل الزمن والنسيان والإهمال ؟
يعتبر حدث انتحار أستاذ اليوسفية، رسالة لمن لازال يشكك في المهام الصعبة التي تقوم بها هيئة التدريس. بل ويشير بالأصبع إلى مطالب كثيرة لاتحظى لدى  الجهات المسؤولة بكامل العناية والإهتمام. إن المشتغلين بمهنة التدريس بمختلف أدوارهم وأسلاكهم ،يحتاج وضعهم إلى دراسة وإلتزام في الطرح والمعالجة من خلال التفاتة تعيد الثقة لهذا الدور الريادي والإبتعاد ما أمكن عن المقاربة  التي شرعت بعض الجهات في ترسيخها والسعي لترسيمها بطريقة مشوهة بدعوى أننا انتقلنا إلى وضعية جديدة تتحدث عن  مهنة التدريس دون أن نوفر لها شروط ممارستها وعلى رأسها أخطار المهنة .