الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

العمراني: تغول الخبراء وتأثيره على مستقبل التداول الديمقراطي

العمراني: تغول الخبراء وتأثيره على مستقبل التداول الديمقراطي عبد الرحمان العمراني
منذ صدور التحليلات الكاشفة والموثقة لفضاء التداول الديموقراطي، التي تضمنها كتاب كارل بوبر the open society and its enemies  "المجتمع المفتوح وأعداءه ،"صرنا أكثر دراية وأكثر اقتناعا، اكسيولوجيا وعمليا، بحقيقة جوهرية لا يمكن القفز عليها تحت اي مبرر من المبررات. والحقيقة اياها تقول:لا شيء يعدل فضاء النقاش العمومي وتبادل الحجج والرؤى وزوايا النظر  حينما يتعلق الامر بقرارات تهم حياة الناس وحقوقهم وحرياتهم ومعاشهم .
كل المجتمعات الغربية خلال العقدين الماضيين عرفت نقاشا كبيرا حول مدى مشروعية أو أحقية الخبرة والخبراء في ابتلاع مجال التداول  العام. وكلها - ادأو غالبيتها الساحقة -انتهت الى ادإقرار عدم جواز تعليق التداول المفتوح والتعددي للقضايا باسم الخبرة وحدها، لأن تسليم كل زمام الامور للخبراء في قاعات ومكاتب مغلقة أدى الى انفلاتات لم تخدم الديموقراطية ولم تخدم العلم أيضا، لأن مجال الخبرة صار يتقلص ويتقلص وينتج pundits  كما يسميه الاجلوساكسونيون، أي فئة من الخبراء تكبر وتحتكر وتتغول في غياب التداول الديموقراطي وتداول المعلومة وتتبرم من كل نقاش تكون أداته مقارعة الحجة بالحجة .
وكانت النتيجة اهتزاز الثقة في الخبراء، ما أدى الى أعراض جانبية من قبيل ازدهار الشعبوية وبروز التشكيك حتى في أساسيات العلم. بل وحتى في حقائق علمية دامغة كالتغيرات المناخية مثلا .
وهكذا  راينا كيف أن تغول الخبرة وتقلص دائرة محتكريها -المعلنين او المتخفين-  وسعيهم الى ازاحة التداول العمومي بنوع من الصلف والتعالي أدى الى ردة فعل راديكالية تصبح هي الاخرى وبالا على الديموقراطية وعلى العلم سواء بسواء .
لذلك يظل درس "كارل بوبر"، اليوم على درجة عالية من الراهنية، لنا ولغيرنا .
والدرس هو: "لا  شيء يعدل فضاء التداول الديموقراطي في المجتمع المفتوح ".
 نضيف فقط - في الأوقات العادية كما في أوقات الجوائح والأزمات .