الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى بنشريف: سن الترشح للانتخابات بين الجماعات الترابية والبرلمان..فأي منطق هذا؟ !!

مصطفى بنشريف: سن الترشح للانتخابات بين الجماعات الترابية والبرلمان..فأي منطق هذا؟ !! الدكتور مصطفى بنشريف
المادة 41 من القانون رقم 97.9 المتعلق بمدونة الانتخابات تنص بأنه يشترط في من يترشح للانتخابات أن يكون ناخبا  وبالغا من العمر واحدا وعشرين ( 21 ) سنة شمسية كاملة على الأقل في التاريخ المحدد للاقتراع.
والمادة 4 من القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية تنص بانه يحق لكل مواطن ومواطنة الترشيح للانتخابات شريطة أن يكون ناخبا ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية. 
وهكذا وفي إطار التفاعل مع الجدل المثار بشأن الترشح لانتخابات مجالس الجماعات الترابية دون سن 21 سنة، فهل يجوز الترشح للانتخابات من طرف مترشح دون بلوغه سن 21 سنة، وهل يترتب على ذلك، جزاء إلغاء لعملية الانتخابية؟ أم أن  الأمر ليس كذلك؟
 من المعلوم أن سن الترشح للانتخابات يتجاذبه توجهين، فريق يناصر المادة 41 من مدونة الانتخابات،  وفريق آخر يؤيد وجوب تطبيق أحكام المادة 4 من القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية. 
أولا: الرأي  المعارض لتطبيق سن 21 سنة: 
 يرى هذا الفريق  بأن الترشيح للانتخابات دون سن 21 سنة، مطابق للقانون استنادا إلى مقتضيات الفصول 6 و 30و 134و 146 من الدستور، والمادة 4 من القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية التي نسخت المادة 41 من مدونة الانتخابات بتفويض ضمني من الدستور
ثانيا: الفريق المناصر لسن 21 سنة كسن للترشح:
في حين يرى فريق ثان، بأن القانون التنظيمي رقم 11. 59  لم ينسخ صراحة المادة 41  من مدونة الانتخابات بالنظر إلى عدم تحديده لسن الترشح ،  كما أن الفصل 30 من الدستور ، بدوره لم يحدد سن الترشح، وهو الرأي الذي اخذت به محكمة النقض في بعض قراراتها الصادرة في سنة 2016، تحت عدد: 338/ 1  و340/ 1  و1792/ 1 و1795/ 1 ، والتي اعتبرت بأن سن الترشيح هو 21 سنة كاملة على الأقل في التاريخ المحدد للاقتراع. 
ثالثا: الرأي القانوني الواجب الاخذ به: 
لكن وأمام هذا الجدل القانوني، نرى من جانبنا، أن الموضوع في حاجة إلى يقظة فقهية وتشريعية وقضائية، من أجل بلورة رأي موحد وضابط لسن الترشح،  وهو السن الذي يجب تحديده في جميع القوانين الانتخابية وهو  سن 18 سنة، بوصفه السن المرجعي المنصوص عليه في الدستور، وان يتم  التنصيص عليه صراحة في القوانين المؤطرة للانتخابات.
ومن جهة ثانية، وما يؤكد صحة وجهة نظرنا، هو أنه كيف يعقل في من يترشح لانتخابات مجلسي البرلمان( مجلس النواب ومجلس المستشارين) ان يشترط فيه المشرع أن يكون ناخبا ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وذلك بصريح المادة 4  من القانون التنظيمي رقم 11. 27 المتعلق بمجلس النواب، والمادة 5 من القانون التنظيمي رقم 11. 28 المتعلق بمجلس المستشارين، في حين يشترط في من يترشح لانتخابات مجالس الجماعات الترابية أن يكون بالغا سن 21 سنة بتاريخ الاقتراع . 
ولذلك نعتقد جازمين، استنادا إلى أحكام الدستور، ومقتضيات المادة 4 من القانون التنظيمي رقم  11.59 اامتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية،  أن  من هو في سن 18 سنة يحق له الترشح للانتخابات.
بالرجوع إلى للقانونين  التنظيميين لمجلسي البرلمان فانهما لم يشترطا أي سن معين وهو ما يعني سن الرشد القانوني (أي سن 18 سنة).
علما أن البرلمان يمارس اختصاصات  جد محورية في حياة الدولة، وهو احد مكونات سلطات الدولة، يمارس السلطة التشريعية، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية، على خلاف الجماعات الترابية فهي أشخاص معنوية عامة ترابية، تخضع من حيث تنظيمها  وتحديد اختصاصاتها وصلاحيات الرؤساء، وشروط اهلية الترشيح للقوانين التنظيمية الثلاث التي تحكمها، وهي:  القانون رقم 111.14 المنظم للجهات، والقانون رقم 14. 112 المنظم للعمالات والاقالبم، و القانون رقم  14.113 المنظم للجماعات. 
وترتيبا على ما ذكر، من غير المقبول من الناحية الدستورية ،وبموجب القانون التنظيمي رقم 11.59 ، أن يتم الاخذ بالقانون العادي(مدونة الانتخابات ) ويتم إهمال فصول الدستور وتمقتضيات القانون التنظيمي،  وهذا فيه خرق صريح لمبدا تراتبية القواعد القانونية. 
رابعا: روح الفصل 44 من الدستور تغني عن المناقشة: 
إن المشرع ملزم بأن يصدر القوانين وهي مطابقة للدستور، ويجب أن تكون توقعية، وتعكس المباديء المؤطرة للأمن القانوني، بحيث لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتعارض مع الدستور. 
ومن جهة ثانية، فلما كان  الفصل 44 من الدستور قد نص بأن سن الرشد القانوني للملك، هو سن 18 سنة، الأمر الذي يعتبر هو  السن المرجعي،  لا يمكن للمشرع أو للقضاء  أن يخالفه تحت أي مبرر كان.
وبناء على ما ذكر، يتبين وبشكل واضح وصريح، بأن سن الترشح للانتخابات هو سن 21 سنة، ولذلك فإن محكمة النقض مطالبة بمراجعة توجهها.
الدكتور مصطفى بنشريف، أكاديمي، ومحام
 
يتبع