Saturday 14 June 2025
كتاب الرأي

أحمد نورالدين: إعلان الجزائر قطع العلاقات مع المغرب ليس إلا تحصيل حاصل

أحمد نورالدين: إعلان الجزائر قطع العلاقات مع المغرب ليس إلا تحصيل حاصل أحمد نورالدين
الذي يتابع مسلسل التصعيد ضد المغرب والذي دشنته قيادات النظام الجزائري السياسية والعسكرية منذ فترة ليست بالقصيرة، يمكنه أن يجزم دون تردد أنّ إعلان وزير خارجية الجزائر قطع العلاقات مع المغرب ليس إلا تحصيل حاصل، ويمكن أن يتحول إلى مواجهة عسكرية، خاصة وأنّ وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة صرح خلال الندوة الصحافية يوم 24 غشت 2021 أنّ "التكهن فيما قد يحصل مستقبلا لا أريد أن اخوض في ذلك، والفرضيات مفتوحة.." هذا ما قاله حرفيا ويمكنكم العودة إلى التسجيل بالصوت والصورة.
فإذا كان وزير الخارجية الجزائري المخضرم صاحب السبعين خريفا وزيادة، ومستشار الأمين العام غوتريس سابقاً، المفترض فيه أن يكون دبلوماسيا في تصريحاته يقول بأن كل "الفرضيات مفتوحة"، فماذا ترك للجنرالات الجزائريين وعلى رأسهم قائد الجيش الجزائري الجنرال شنقريحة الذي يصف المغرب بالعدو الاستراتيجي والكلاسيكي. 
الامر إذن يبعث على القلق وعلى الجهات المعنية اتخاذ كافة الاحتياطات ووضع كل السناريوهات المحتملة.
خاصة وأن بوادر الانزلاق الخطير  قد شرعت فيها الجزائر مباشرة بعد بيان المجلس الأعلى للأمن الجزائري يوم 18 غشت 2021 من خلال إعلانها عن تعزيز الحشود العسكرية على الحدود مع المغرب، وهذا لوحده كفيل بإشعال الوضع. ناهيك عن أزيد من 5 مناورات عسكرية أجراها الجيش الجزائري مباشرة على التماس مع الحدود المغربية وبالذخيرة الحية خلال الثلاث سنوات الماضية وبأسماء استفزازية من قبيل الطوفان والاجتياح، الخ. 
وموازاة مع ذلك أطلقت الجزائر حملات تشهير طالت المؤسسة الملكية ومؤسسات الدولة، واتهامات خطيرة ضد المغرب دون أي دليل، وبلاغات رسمية عن الحكومة الجزائرية غير مسبوقة تكيل الشتائم لوزير خارجية المغرب، وآخر العنقود هو اتهام المملكة بالوقوف وراء إشعال الحرائق في 18 ولاية تقع في منطقة القبائل، وهي تهمة سوريالية أثارت السخرية لدى السياسيين والمتابعين. 
نحن إذن أمام مخطط واضح المعالم وإرادي للتصعيد كآخر ورقة في يد النظام الجزائري لتصدير أزماته الداخلية المتعددة وترميم الجبهة الداخلية المتفككة بما في ذلك صراع الأجنحة داخل الجيش الذي وصل مستويات غير مسبوقة بوجود 31 جنرالا حاليا في السجون الجزائرية، وفرار آخرين إلى إسبانيا وفرنسا وبلجيكا ومنهم قائد الدرك السابق الجنرال بلقصير.
طبعا لا يتمنى عاقل نشوب حرب بين الجارين ستعيدهما الى العصر الحجري، ولكن المغرب لم يدخر جهدا في تلطيف الاجواء وضبط النفس طيلة نصف قرن من العدوان الجزائري على ارضه بالعمليات العسكرية والحملات الدبلوماسية والاعلامية التي تستهدف فصل المغرب عن صحرائه، ورغم كل ذلك مارس المغرب سياسة الصبر الاستراتيجي ولم ينجر الى مستنقع الصراع المباشر والمفتوح مع الجزائر رغم مشاركة الجيش الجزائري مباشرة في الحرب في الصحراء كما تشهد بذلك معركة امكالا التي اسر فيها المغرب ازيد من 103 ضباط وجنود جزائريين داخل التراب المغربي. 
واكثر من ذلك، دعا المغرب السلطات الجزائرية للجلوس إلى مائدة الحوار لحل الخلافات العالقة والمتراكمة والمجمدة منذ سنوات، وهو ما اقترحه العاهل المغربي بشكل رسمي على الاقل ثلاث مرات خلال الثلاث سنوات الاخيرة، في نونبر  2018، وفي غشت 2019، وأخيراً في غشت 2021، ولكن المبادرات الملكية قوبلت بالرفض من طرف النظام الجزائري.
وبالتالي أبواب الانفراج موصدة من جهة الجزائر، ولذلك ستتحمل الجزائر كل المسؤولية وكل التبعات لما قد يحدث مستقبلا من انزلاق لا قدر الله. حفظ الله وطننا من كل سوء وكل غال يهون دون الدفاع عن الارض والعرض، والخوي والعار للنظام العسكري الجزائري حامل مشعل الدمار لشعبه الثائر  في وجهه والدمار للمنطقة المغاربية كلها.
احمد نور الدين الخبير في القضايا المغاربية والأفريقية