السبت 18 مايو 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: التقليدانية لا تنتج المسؤولية الإجتماعية لدى الدولة

 
 
مصطفى المنوزي: التقليدانية لا تنتج المسؤولية الإجتماعية لدى الدولة

إن التقدم الوحيد الحاصل في مغربنا العزيز هو  الوعي الذي تراكم لدى النخبة الوطنية، وعي سياسي ،يفترض موضوعيا، ضرورة إقران مطالب الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والتشريعية بالإصلاح الإقتصادي والإجتماعي، بدليل أن الخبرة الوطنية أثمرت وثيقتين، بمثابة تقييم حصيلة العلاقة التعاقدية ببن الدولة والمجتمع.

فخلاصات التقرير النهائي لهيأة الإنصاف والمصالحة، وتوصياته التي كان ينبغي أن تصاغ في تركيب مندمج مع تشخيص وتوصيات  تقرير الخمسينية حول التنمية، أكدت جميعها، في سياق ربط النتائج بالأسباب، أن أزمة المجتمع ناتجة عن أزمة الدولة نفسها، فبغض النظر عن هجانة تعايش أنماط الإنتاج، وهيمنة التقليدانية كجوهر على بقية الأنماط الأخرى، إلى درجة توجس الدولة من مغامرة تحديث الذات، مادام التحديث تفكيك للبنية التقليدانية، وتقويض لكل إرادة تروم التقدم، والحال أن الكلفة باهظة، سيؤديها النظام السياسي على حساب كينونته، ناهيك عن كون مطلب التقدم  يستدعي التحرر من التبعية، ليس فقط اقتصاديا بل سياسيا وثقافيا، غير أن الدولة، في ظل العهد الجديد، نسبة إلى عصر  الحكم الفردي المطلق، عهد الإنتقالات التي لم  تنتقل ولم تبرح مجال الخطاب، أخطأت الرهان عندما اعتمدت على شعار المفهوم الجديد للسلطة دون أن يكون مشفوعا بمفهوم حديث للعدل، حيث يقترن الإعتراف بالإنصاف.

ثم إن انجرار الدولة وراء وهم احتكار الشرعية الدينية والإنشغال المفرط بالتنافس حول الشرعية الإجتماعية، والحال أن هذا المنحى  لجيل الحاكمين تحكمت فيه "عقدة" الماضي الذي لا يريد أن يمضي، بحركتيه الوطنية والدمقراطية، ومشروعيهما التحرري والدمقراطي، بدليل تخلي الخطاب عن ما يسمى بالمشروع المجتمعي الحداثي، وذلك بمجرد هبة الخريف المحافظ  العربي، المسمى تعسفا  "ربيعا دمقراطيا ".

من هنا كان لابد  من الإحتراز من الإرتباك والتردد، وليطرح سؤال التحول الدمقراطي العميق الذي يقتضي مساءلة الدولة على  تخليها عن مسؤوليتها الإجتماعية، وبنفس الصرامة محاسبة الأحزاب، المصنفة يسارية أو تقدمية، على طلاقها للبعد الإجتماعي والتحرري في هويتها؛ هذا التردد وهذا التراخي يعدان أكبر حلقة مفقودة ومؤثرة على مصير الطبقة الوسطى، ولعل ما يجري، يوميا، من حوادث اصطدام  واحتكاك مباشرة ومتوترة و عنيفة، بين السلطة العمومية وبين  المواطنين، لأقوى حجة على فشل  كل التسويات التي تراهن على المقاربة الأمنية بنفحة التكيف عوض التحول، ونزعة الإحسان بدل التنمية المواطنة.