الثلاثاء 14 مايو 2024
خارج الحدود

بعد استقالة الحريري.. لبنان يتحول إلى "ساندويتش" بين فكي السعودية وإيران

بعد استقالة الحريري.. لبنان يتحول إلى "ساندويتش" بين فكي السعودية وإيران

بمرور أسبوع على خطاب الإستقالة الذي ألقاه سعد الحريري (رئيس الحكومة اللبنانية) من العاصمة السعودية (السبت 4 نونبر)، يكون قد اتضح أن مضمون ذلك الخطاب وسياقه وغاياته تطرح عدة أسئلة عن مصير الحريري، وعما يريده السعوديون من لبنان في هذا الظرف بالذات، حيث تعيش بلادهم على إيقاع حملة اعتقالات غير مسبوقة شملت وزراء وأمراء بتهم الفساد.

بخصوص مضمون الخطاب، فقد فوجئت الطبقة السياسية اللبنانية بمختلف طوائفها بقرار الإستقالة التي بدا لها بأنه لم تسبقه أية مقدمات. فالرجل كان قد استقبل قبل يوم واحد من سفره إلى الرياض، علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية. وكان الحريري قد نقل إلى وزراء حكومته من قبل ارتياح السعودية مما يجري داخل المعادلة السياسية اللبنانية الراهنة. كما فوجئوا بالنبرة الحادة التي تحدث بها الرجل عن حزب الله الذي اعتبر أمينه العام في خطابه ليوم أمس الجمعة بأن الحريري محتجز في الرياض، مجددا القول بأن السعوديون هم من كتب خطاب الاستقالة، وسلمه للحريري ليلقيه مجبرا. وإذن فالإحتجاز لم يعد فرضية. ولكنه أمر واقع أكدته ثلاث معطيات.

- غياب الحريري عن التواصل مع أفراد عائلته، ومع  المجتمع السياسي اللبناني بشكل صريح، وكذلك الأمر مع الرأي العام، إذ يعرف عنه أنه قوي الحضور في وسائل التواصل الإجتماعي (تويتر والفيسبوك)، لكنه اليوم غائب تماما باستثناء تغريدتين عن اللقاء مع الملك السعودي، ومع سفيره في لبنان..

- صدور بلاغ عن كتلة المستقبل (الفريق السياسي للحريري) يقر "وقوفها مع الرئيس سعد الحريري وقيادته قلبا وقالبا، ومواكبته في كل ما يقرره تحت  أي ظروف من الظروف"، معتبرة أن "عودة الرئيس الحريري (الزعيم الوطني) ضرورة لاستعادة الإعتبار والإحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان، في إطار الإحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتفاق الطائف واحتراماً للشرعيتين المحلية والدولية".

- رفض القائم بالأعمال السعودي في لبنان  طلب الرئيس اللبناني ميشيل عون بعودة الحريري إلى بلده، مقترحا إيفاد أحد مبعوثيه كما تناقلت ذلك بعض وسائل الإعلام المحلية. فيما يتم الحديث عن "تدويل" الطلب عبر نقله إلى المحافل الدولية.

 الأسبوع الذي مضى لم يختتم فقط بتداول مثل هذه المعطيات، لكنه وضح جزءا من غايات السعودية. إذ  يتبين أن هذه الأخيرة غير راضية عن أداء الحريري الذي تقاعس، في نظرها، عن مواجهة حزب الله المعتبر، في نظر السعوديين، قد تقوى أكثر من اللازم منتصرا  للنفوذ الإيراني على لبنان. بل إنها تعتبر حكومة لبنان برئاسة الحريري نفسه حكومة إعلان حرب بوجود حزب الله. ومن ثم ترى السعودية، حسب بعض المحللين، إزاحة الحريري والبحث عن زعيم سني جديد. وفي هذا الإطار تناقل الإعلام اللبناني خبر البحث عن تعويضه بشقيقه الأكبر بهاء. فيما يربط البعض الأزمة بحملة الاعتقالات داخل السعودية، وبإمكانية تورط سعد الحريري (السعودي الجنسية) في ملفات مالية باعتبار علاقته مع بعض أركان النظام السعودي المعتقلين حاليا.

أمام كل ذلك يوجد لبنان من جديد في قلب العاصفة. رئيس وزرائه غائب وصامت. المجتمع السياسي منضبط لنداءات التهدئة، وموحد بكل أطيافه تقريبا حول رفض الإستقالة، واعيا بخطورة ما قد يلحق بالبلد من عوامل تعميق التمزق الذاتي، ومن احتداد الصراع الإيراني السعودي على أرضه، ومن احتمالات دخول إسرائيل على الخط بدعوى محاربة الإرهاب.

أمام كل ذلك يتأكد أن هشاشة لبنان من هشاشة نظامه السياسي الطائفي، ومن توزع ولاءاته، وبالتالي فسيظل أرض الحروب بالوكالة بامتياز.