السبت 18 مايو 2024
كتاب الرأي

أيت علال : التلميذ القنبلة التي تتعبأ بالبيت والشارع وتنفجر بالمدرسة

 
 
أيت علال : التلميذ القنبلة التي تتعبأ بالبيت والشارع وتنفجر بالمدرسة

خلف حدث اعتداء تلميذ على أستاذه بالقسم ، بإحدى الثانويات التأهيلية بورزازات ، ردود فعل غاضبة صدرت عن مختلف الشرائح الاجتماعية ، وطالبت بعضها بإنزالأقصى العقوبات في حقه وعدم السماح له بالعودة إلى أية مؤسسة تعليمية.
تداول الخبر والتعليقات التي أعقبته كانت كثيفة في الصحف الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ، غطت على حدث آخر أشد عنفا وخطورة، كان سيخلف الكثير من الضحايا لو نجح منفذوه في إشعال النار بواسطة قنينات الغاز، بإحدى المطاعم السياحية بمدينة العرائش.
ورغم أن الحدثين يلتقيان في موضوع واحد هو الاعتداء،فإن الأول يمس قطاع التربية والتعليم ، والحدث الثاني يمس الامن العام ، وإعطاء كل الاهتمام للحدث الاول قد يفسر بأولويات المتدخلين ،الذين يجعلون التربية والتعليم أكبر من الامن . وهو كذلك ما دام نجاح المدرسة أو فشلها محدد أساسي لوضعية الامن. وقد يفسر بالادراك الجماعي للصورة المبهدلة التي أصبح عليها المعلم الذي يتعرض للجلد المخزني في الشارع، وللتشهير في البلاغات الرسمية،وللإساءة من طرف فئة عريضة من المجتمع .وقد يفسربالمكانة التي يحتلها في نفوسهم أو برغبةبعضهمفي استغلال المناسبة للاعتراف بفضله عليهم.
كيفما كانت الدوافع فالاجماع حاصل على رفض اعتداء التلميذ على معلمه.وأن المس بالمعلم هو مس بنبل مهنة التربية والتعليم ودورها في إعداد الاجيال التي ستتحمل مسؤولية بناء المستقبل. لكن بقدر ما يبدو هذا الاجماع منطقيا وسليما ومطلوبا بقدر ما تبدو الاصوات المطالبة بطرد التلميذ نهائياوسجنه قاسية من الناحية التربوية في حق قاصر قد يتخرج غدا بدرجة ممتاز جدا في عالم الاجرام .
قد لا تعجب البعض صفة القساوة التي اعطيتها للعقوبات ، لكن اليس من القساوة الشحن الأسري للطفل بالعداوة ؟فلا معنى عنده للجيرة ولاالصداقة ولا الزمالة ولا القدوة ،حتى بات استعداده الوحيد هو للصراع والغلبة اتجاه الآخر ، والمعلم هو واحد من أهدافه.
ألم يغيرالمجتمع الكثير من قيمه حتى انساق التلميذ وراء قدوات جديدة تحمل السيوف وتمارس الرعب وتتداول الالفاظ النابية؟اليس من القساوة أن ينتقل التلميذ الى مستوى تعليمي أكثر من مستواه لا يستطيع فيه القدرة على التواصل مع استاذه وزملائه؟ فيعيش زمنه المدرسي عبثا بلا فهم ولا تحصيل فتنهار قدراته وارادته ويتفرغ إلى إهمال واجباته وممارسة الشغب .؟اليس من القساوة أن يوضع التلميذ في قسم مكتظ بزملائه تقل فيه فرص المشاركة والمبادرة والمساواة، فيتراجع إلى الخلف حتى وإن كانت قدراته ومهارته مميزة.؟اليس من القساوة أن يتعرض التلميذ للعنف المادي واللفظي للمعلم دونتقدير لنفسيته كمراهق؟اليس من القساوة أن يعيش التلميذ في مناخ تغيب فيه فرص تفريغ العنف في الانشطة الموازية وخاصة الترفيهية؟اليس من القساوة غياب مراكز الانصات وصعوبات حل المشكلات النفسية والاجتماعية بمؤسساتنا التعليمية؟اليس من القساوة أن يوجد التلميذ في مجتمع يزرع اليأس من المستقبل ويحتقر المدرسة وبسياسات عمومية غير قادرة على حلحلة الاوضاع العامة؟
التلميذ هو ضحية وحصيلة لممارسات تربوية خاطئة تلقاها في الأسرة وفي الشارع وفي المدرسة، أو لنقل في حالة العنف الشبيهة لما وقع بورززات: التلميذ قنبلة تتعبأ بالبيت والشارع وتنفجر بالمدرسة.
وقد لا تنفجر إلا بعد الطرد من المدرسة لكن ليس على وجه الاستاذ ولكن على المجتمع بأكمله كما كان سيحدث يوم الأحد بالعرائش.