اختار المخرج المسرحي الشاب أمين غوادة طريقة فريدة في الاحتجاج على الوضع المسرحي الحالي، وعلى التدبير المتعثر الذي تنهجه وزارة الثقافة في التعامل مع ملفات الدعم المقدمة إليها دون تجاوب يذكر، وذلك بالتيه في أدغال الأطلس حاملا "برويطة" بحثا عن المعنى المفقود.
الباحث المسرحي الدكتور حسن اليوسفي تضامن مع أمين في تدوينة نشرها أمس في صفحته على الفيسبوك بطريقة توضح طبيعة المبادرة وسياقها.وفي ما يلي نص تدوينة اليوسفي:
المسرح المغربي من "الحمل على العاتق"الى "الحمل فوق برويطة"
مهداة الى أمين غوادة
كان الهواة في تاريخ المسرح المغربي، وهم الذين خلقوا إحدى أبهى لحظاته الابداعية والفكرية، مقتنعين ، في ظل اكراهات سنوات الجمر والرصاص حيث عاش المسرح أصعب تحدياته في مواجهة اللحظة السياسية الخانقة وتداعياتها، بعيدا عن اي دعم مادي او معنوي لممارسية، يعتبرون انفسهم ممارسين لشغف بالفن اولا واصحاب رسالة نضالية تاريخية متصلة بلحظة صعبة ثانيا. من ثم،كان المسرح ، بالنسبة اليهم، ممارسة تندرج ضمن ماكان يسمى ب "الحمل على العاتق". هذا التوصيف العزيز على صديقنا سالم اكويندي.
الآن ،وقد قطع المغرب أشواطا سياسية واجتماعية وحقوقية لا تخفى على احد، يجد المسرح نفسه وقد عاد الى نقطة الصفر.الحمل ثقل وما عاد ممكنا حمله على العاتق فقط . دخلنا مرحلة "الحمل فوق برويطة" حيث يتخذ فنان شاب كله حيوية ابداعية ونشاط فكري وتعطش لمشاريع مسرحية تندرج ضمن رؤية مسرحية تشتغل على التراث الفرجوي المغربي مبادرة القيام برحلة على الأقدام في اعالي الاطلس هي مزيج من الاحتجاج والبحث في ان واحد. برويطة أمين غوادة كان عليه ان يحملها كي تحمله، ويسيرا معا بخطوات ثابتة نحو تحقيق"الممكن من المستحيل".الرجل لديه مشروع مسرحي عن "بيلماون" انتظر طويلا كي يتحرك للقيام برحلة البحث في هذه الفرجة في معاقلها الامازيغية.اختار ان يشعل شمعة عوض ان يلعن الظلام الذي نشرته بيروقراطية وزارة الثقافة في اوساط المسرحيين.صحيح هي رحلة تثير "الباتوس" الثقافي لدى البعض ويتعامل معها البعض الاخر باستخفاف مؤلم، لكن انا اراها في مستوى ما قام به ارطو ذات يوم عندما ذهب الى المكسيك،او بيتر بروك في رحلته الافريقية،او كل المسرحيين الغربيين الذين قلبوا نظام المسرح في الغرب عندما اكتشوا شعوبا وثقافات الشرق الاقصى.
صحيح تبقى الخاصية المغربية لهذه الرحلة حاضرة لأنها تترجم حال المسرح وشبابه في بلادنا اليوم وتجعلنا نشعر بالألم ونحن نشاهد ان هذا الفن في المغرب مايزال في سيره خاضعا لايقاع "البرويطة"
متى نمر لسرعة اخرى.متى تحدث الرجة المسرحية التي تدخلنا الى روح عصرنا حيث كرامة الفنان ووضعه الاعتباري مسالة مقدسة وبعدها ننتظر الإبداع؟