السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: هكذا تساءل "بونا"حول الموسم الجديد للوجوه القديمة!!؟

رشيد لزرق: هكذا تساءل "بونا"حول الموسم الجديد للوجوه القديمة!!؟ رشيد لزرق

سألني ما نحب أن نسميه "بونا"، وهو رجل فاضل يتمتع بأخلاق طيبة، ما فتئ يوصينا بضرورة التسلح بالأمل... سألني في حيرة: لا أفهم، فسر لي يا بني.. ها هي الانتخابات على الأبواب والصراع محتدم، ولكن كتبان لي نفس الوجوه، فلماذا ديما هوما يتبادلون فقط المعاطف والألوان.. ما كاين غير هوما!!؟

 

الحقيقة سؤال "بونا" عريض يطرحه الجميع، ويجب أن يوجه مباشرة إلى قادة الأحزاب الصامتين الذين لا يحبون الإنصات لمن ينادون ويرغبون في التغيير؟

 

لم أجد من جواب على تساؤلات "بونا"، واكتفيت بالقول، بعد تنهيدة عميقة: إن هؤلاء القادة ليسوا من جيل الوطنيين الذين عاصرتهم؛ فهم لا تهمهم القيم ولا ديمقراطية أو إصلاحات أو عدالة، يهمهم فقط تحقيق مخططهم والاستفادة من الريع باختطاف "الحزب" والمتاجرة فيه وبقيمه، ومنالهم هذا لن يحصلوا عليه مهما ناوروا؛ لأن من طبيعة الأشياء التغيير؛ إنهم يا "ابتي" بدون مدلول سياسي، ولا أساس علمي لديهم، وتراهم يرددون شعارات كالببغاوات دون أن يعرفوا مغزاها .!!

 

إنهم لا يفهمون لا السياق الدولي ولا الإقليمي،، ولا هم يحزنون!!

 

الأمر يقتضي النجاعة والإبداع في ظل سيطرة العولمة الليبرالية على الاقتصاد العالمي، وفي إطار مناخ اقتصادي عالمي وإقليمي مرتبط بالأفكار الليبرالية والرأسمالية، وذلك رغم محاولاتها العرجاء إثبات أنها غيرت الكثير من أفكارها الكلاسيكية وفق ما تقتضيه المرحلة اليوم.

 

لهذا فإنه ينبغي على الأحزاب أن تتسم تدخلاتها بالواقعية عبر الانتباه إلى ضرورة مراجعة سياسية باعتماد مقاربة الوضوح والتخلي عن الشعارات الأقرب للشعبوية، والتي يحاول من خلالها بعض القياديين بناء علاقة نمطية بينهم وبين المجتمع التي ظلت خلال العشرية الأخيرة موسومة بالطابع الشعبوي، وبهاجس واحد هو التزكية من أجل الأصوات بدون قدرة على بلورة مشروع واقعي، مما خلق هوة عميقة بين الادوات الحزبية وبين الجماهير بمختلف تلك الشرائح الاجتماعية، لأن الخطاب الفكري والسياسي الذي يروجونه متناقض وغامض، إنه ببساطة بدون معنى سياسي .

 

لقد أخفقوا في إعادة تطوير خطاب الأداة الحزبية وأصبح الإرث الإيديولوجي والنضالي، عوض أن يكون في خدمة للجماهير، صار في خدمة العائلات اللاشعبية، إن صراعهم ليس بسبب أو مرجعية أيديولوجية بقدر ما هو رغبة في الاستفادة من المناصب؛ إنهم يسابقون الزمن ويكثف من خرجات أبنائهم الفاشلة علميا ودراسيا التي يرددون خلالها الكلام دون أن يعرفوا معناه، في الوقت الذي تفرض اللحظة تقديم حلول واقعية وفعلية للمشكلات اليومية للناس، اليوم هم مهووسون بضمان مستقبل أبنائهم، في تجاهل تام لحاجة الوطن للتغيير، والدفع في اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية، والقضاء على الفوارق والتمييز بين الجهات والفئات.

إنهم يطردون كل البروفيلات التي يمكن أن تكون منافسة وتقلل من حظوظ ابناءهم للوصول للبرلمان أو الحكومة .

 

اعلم يا بونا أن المتحكمين في التنظيم الحزبي لا يفهمون المعنى الحقيقي لحزب وكونه هو جوهر الديمقراطية ومدرسة للتربية السياسية للمواطن، الذي ينخرط فيها ليتدرب على مساهمته في الشأن العام وعلى ممارسة حقوقه السياسية الأساسية، ولكن هؤلاء بالعكس يعتبرون الحزب فقط كعائد سياسي يمكنهم من الريع والكسب ودرع الحماية السياسية، وما يزيد المشهد قتامة هو كون مناوراتهم باتت على المكشوف بإعمال مقولة العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، ومنطق الفرد الأوحد، ما جعل الأداة الحزبية أشبه بالشتات الذي تجمعه المصلحة الآنية أكثر مما هو تجمع سياسي لمؤسسات واضحة وأهداف محددة..

 

اعلم يا -بونا- أيضا أنه في الوقت الذي ينتظر فيه أن تكون الأداة الحزبية تنظيما عقلانيا للفعل السياسي، وعملا جماعيا يتناقش فيه جميع الأعضاء حول قضايا الشأن العام. وإبداع البدائل لكل مرحلة من مراحل التي يمر منها الوطن، فهناك الآن من يريد توظيف التسمية في سوق سياسية لبيع المواقف؛ لذلك إنهم يتنافسون على هضم حقوق بعضهم البعض لضمان مستقبلهم ومستقبل لأبنائهم، عوض أن يتنافسوا في بناء مجتمع عادل وفاضل يضمن مستقبل الجميع...

 

فهل فهمت يا -بونا- الآن لماذا تتشابه وجوههم مع أقوالهم وأفعالهم!!؟