الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الإله حسنين: مخيمات على المقاس

عبد الإله حسنين: مخيمات على المقاس عبد الإله حسنين
تلقيت اليوم من مصادر موثوقة وبعدد من المدن التي تتواجد بها فروعنا، وبأسف كبير أن هناك جمعيات وشركات ومؤسسات تعليمية خصوصية أعلنت عن تنظيمها لمخيمات صيفية بالمبيت والتنقل ودون حسيب ولا رقيب وبمبالغ مالية نحن نغطي بها كل المراحل التخييمية في الأوقات العادية. وحزنت لذلك باعتباري واحد من المدافعين عن التخييم التربوي الربيعي والصيفي لأطفالنا ومن المدافعين عن مأسسة أنشطة الترفيه والوقت الحر وفضاءات التنشيط على امتداد الخريطة المغربية، بل نريد لكل أطفال المغرب تحقيق فرصتهم في العطلة والترفيه قبل التخييم لأنه لم يعد بإمكاننا تحقيق الحق في التخييم لأطفالنا رغم الجهود التي نقوم بها والشعارات التي نطلقها بين الفينة والأخرى ومعنا جمعيات كثيرة وإلى جانبنا الجامعة الوطنية للتخييم واتحاد المنظمات التربوية المغربية.
 
إننا فقط نتورط من خلال قبولنا لهذه البرامج أخلاقيا وتربويا وسياسيا، ونضع أنفسنا في مواقف مخجلة ونوافق على قرارات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تضر بأطفالنا وجمعياتنا أكثر مما تفيدهم، وقد لا حظنا ذلك خلال السنتين الأخيرتين وفي ضل الجائحة التي أخذت منا الشيء الكثير وحولتنا إلى كائنات جمعوية تم تهجينها رويدا رويدا، وخلق كائنات طوعية ولو بالتعاقد يأمل الجميع أن تحل محلنا.
 
فكيف يعقل أن الجامعة الوطنية للتخييم وممثلي الجمعيات الوطنية والمحلية والائتلافات التنسيقية وهيئات أخرى لا داعي لذكر أسمائها أن تقبل بمخيمات سميت حضرية ثم تحولت إلى مخيمات للقرب ثم إلى برامج للتنشيط الصيفي بخمسة أيام للمرحلة مؤقتا ولا محالة ستصبح القاعدة خلال السنوات المقبلة للنفخ في الأعداد وتصريف المنح، وكيف هو التخييم أو التنشيط داخل فضاءات مغلقة كمؤسسات دور الشباب والأندية النسوية، هل نبحث فقط عن كيفية تصريف البرامج والميزانيات ولا نفكر في البرامج البيداغوجية والتنشيطية؟ ومن يضمن لنا الخروج من هذه الفضاءات لتنظيم التنشيط الخارجي أو زيارة المدن أو الاستمتاع بالشاطئ أو الغابة؟ ما هي حدود التنشيط بالنسبة للجمعيات التربوية الوطنية التي قبلت العرض؟ ... وأسئلة أخرى لا داعي لعرضها اليوم حتى لا ننعث بالعدميين.
 
إن فتح المخيمات قانونيا يقع تحت مسؤولية الحكومة وبالتالي الوزارة الوصية على القطاع، إلا أن العكس هو الصحيح بالنسبة للمخيمات التجارية التي تتسع رقعتها يوما عن يوم وتنبث كالفطر بين الأزقة وخلف المؤسسات التجارية وفوق الأراضي الفلاحية تحت يافطة المخيمات الموضوعاتية لغة وبيئة وفلاحة وصنع الخبز وما ماثل ذلك. همها الوحيد الربح والربح السريع كمقاولة لا تتحكم فيها الوزارة مع العلم أن المخيمات في الدول التي تحترم أطفالها ونفسها والتي تعلمنا منها أشياء كثيرة لا تفتح إلا برخصة من الوزارة الوصية أو من يمثلها على المستوى المحلي سواء كان الطلب من جماعة ترابية أو جمعية تربوية أو مقاولة ترفيهية أو أعمال اجتماعية أو ....
 
إن على القطاع أن يقوم بدوره في الإشراف على كل القطاع سواء الذي يقوم بتنظيمه مباشرة أو الذي يسمح للآخرين بتنظيمه، فالمخيمات تنبث هنا وهناك بمقاييس ومعايير مختلفة وبدون ترخيص ولا إذن مسبق، وبمبالغ مالية تتجاوز الألف درهم للأسبوع. فكيف يعقل أن نطلب من الجمعيات تقديم طلباتها لتنظيم أنشطة صيفية دون مبيت ولا تنقل، ونمنح للقطاع الخاص امتيازات في التغذية والمبيت والتنقل دون حسيب ولا رقيب لا على ظروف المبيت ولا على ظروف تنظيم الأنشطة التربوية والبرامج البيداغوجية. إنه الكيل بمكيالين، والسماح بتنظيم مخيمات على المقاس.