الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الوحداني: غاب بلفقيه عنوة وحضر بوعيدة تأثيثا (1)

محمد الوحداني: غاب بلفقيه عنوة وحضر بوعيدة تأثيثا (1) محمد الوحداني
في صبيحة هذا اليوم الصيفي الموافق للخامس يوليوز 2021 ابتدأت وانتهت فصول دورات مجلس جهة كلميم واد نون، من إقامة القيادي بلفقيه، حيث اجتمعت أغلبية أعضاء مجلس الجهة منذ الثامنة صباحا.... وحيث جاءت بعدها الرئيسة بعد انتهاء اشواط المجلس التداولي... وقبل أن تنطلق الدورة متأخرة بساعة عن الموعد القانوني لافتتاح اشغالها! كان من الممكن أن تتأجل فعاليات الدورة، كان من الممكن أن يتم التصويت ضد برنامج أعمال أخر دورة، لم تنعقد قبلها لا اجتماعات المكتب المسير ولا اللجان الدائمة...
قبلها بمدة كانت الاجواء مشحونة و كانت توازنات الأغلبية مفقودة، و كان أعضاء مجلس الجهة رافضين لما تم برمجته بسبب عدم احترام ميثاق شرف اتفقت عليه الأغلبية الحالية، و بإشراف من الدولة.. والذي تم الاتفاق عليه اثناء ماراطون إقالة الرئيس المشاكس د عبد الرحيم بوعيدة الملتحق لحزب الصحراء القوي حزب الاستقلال، و الذي غاب منذ سنتين عن دورات مجلس الجهة، و الذي حضر هذا اليوم حينما غاب مهندس التوازنات في جهة كلميم واد نون عبد الوهاب بلفقيه! بسبب حادثة سير كان من الممكن ان تكون نتائجها أخطر لو أودت بحياته...وتتغير الحسابات ايضا ، أليست حوادث السير هي الرسالة الواضحة المستمرة دوما كي تغيب عن المشهد السياسي الجنوبي اسماء باعمرانية من قبله ( المرحوم حماد الدرحم و المرحوم عبد الله برو ...)
تبخر كل ذلك الغضب و الاحتجاج الذي سبق هذه الدورة ، و كل ملاحظات أعضاء المكتب المسير و رؤساء اللجان و أغلبية أعضاء المجلس، عن تغييبهم عن المساهمة في برمجة جدول أعمال أخر دورة في عمر مجلس شغل الدولة و الحكومة والشعب، كل مؤاخذاتهم على غياب العدالة المجالية في برمجة ميزانيات للأقاليم الأربعة، لم يكن لها اي صدى في المحصلة النهائية، حينما بقدرة قادر توجه الجميع و لو متأخرين و خارج آجال القانون الداخلي لمجلس جهة غريبة، الأغلبية لم تقرر ابدا كما تريد سواء في النسخة الأولى للدكتور بوعيدة أو في النسخة الثانية لمباركة بوعيدة .
دائما الأغلبية كانت عند بلفقيه و دائما الرئاسة عند ال بوعيدة، وليس فقط هذه الأيام، بل من قبل ذلك مع الرئيس المرحوم د عمر بوعيدة !
نحن هنا لسنا في باب تقييم ٱل بوعيدة أو آل بلفقيه الذين كثر اللغط والكلام عنهم وحولهم، ولسنا في مقام الدفاع عن اي من الفريقين، ولكننا نؤرخ لما وقع ولما يقع وربما لما سيقع...
وأول الملاحظات الظاهرة و التي لا خلاف حولها أنه هناك من يوظف ال بلفقيه و ال بوعيدة، يعمق باستمرار وبشكل ممنهج الخلاف بين الحلفين...و يعطي الرئاسة و الوزارة و المناصب... لآل بوعيدة ولكن في نفس الوقت يحجم من سلطتهم (مباركة بوعيدة كانت وزيرة، وكانت وزيرة منتدبة، و رئيسة جهة و لكن يتم تهميش دورها حيث تكون فقط واجهة لا قرار لها...! ) وابن عمها الدكتور بوعيدة كان رئيس جهة كما كان من قبله ابن عمه الدكتور عمر رئيسا كذلك، و لكنهما كانا دوما بدون سلطة حقيقية أو أغلبية فعلية، مع ملاحظة انه دوما عرش الرئاسة الرمزية يكون عند آل بوعيدة والأغلبية عند آل بلفقيه، دون أن يحكم فعليا أي من التحالفين !
في حقيقة الأمر والتي يجب أن يفهمها الطرفان أنهما ابدا لن يسيرا أي شيء، آل بوعيدة إذا تنطعوا فمصيرهم العزل.... وآل بلفقيه اذا تنطعوا فمصيرهم السجن ! لا حرية لهما ابدا، فهما بالرغم عن قوتهما الرمزية والقبلية والاقتصادية والاجتماعية والانتخابية يظلان رهينتان في أيدي بعض سياسيي الرباط.... الضعفاء ميدانيا لأنهم لم يستطيعوا أبدا طيلة ربع قرن أن يجدوا أو يستقطبوا أو يصنعوا إلى حدود اليوم بديلا قويا لهذين التحالفين اللذين يعتبران إرثا تاريخيا ليس فقط لمرحلة محمد السادس و لكن لعصر المرحومين الحسن الثاني ومحمد الخامس ! و هنا يتمظهر بقوة بؤس و تهافت وعقم الآلة الإنتخابية الإستباقية و الميدانية لبعض صناع القرار الحزبي وتوزاناته في الرباط .
وظلت المقاربة التقليدية السهلة والمقززة، من خلال التلويح و الوعيد بتوظيف القضاء و تهديد هذين الفريقين عزلا أو تهميشا أو سجنا أو حوادث سير .. هي الحل الأخير الذي يلجأ إليه كل من أوكل اليه صناعة الأغلبيات الحكومية من أحزاب المهام ...
إن آل بلفقيه أمر واقع و قوة انتخابية وسياسية وإثنية توالت دوما محاولات تجاوزها دون توفيق، و في آخر الأمر يتم قسرا توظيف نتائجها كي يتم التحكم في القوة الاقتصادية والرمزية و القبلية لآل بوعيدة .
إن المكلفين الحزبيين بمهام تكوين الخرائط الإنتخابية عند كل موعد إنتخابي يحاولون جاهدين القضاء على آل بلفقيه و آل بوعيدة، و حينما يفشلون في ذلك كما العادة، يركبون على نتائج هذين الفريقين كي يوهموا الدولة العميقة، أنهم هم من صنعوا الخريطة، كي لا يتم محاسبتهم ...فالمخزن المغربي لا يرحم الفاشلين او اللذين حرقت اوراقهم في النهاية (شباط، مزوار، الياس العماري ....) .
في حقيقة الأمر لا يمكن للمكلفين الحزبيين بصناعة الخرائط الانتخابية أن يقدموا عرضا أفضل في الوقت الحالي يراعي التوازنات وخصوصا في جهة تؤثر ليس فقط سياسيا و انتخابيا، و لكن أيضا اثنيا على جهات النزاع الدولي في الصحراء الغربية، من العرض القوي لبلفقيه عبد الوهاب و لتحالفات ورمزية آل بوعيدة.
 
 
 
إن بلفقيه الذي يحصل على نتائج انتخابية قوية، والذي يتم تهديده بالسجن في الأخير و قبل كل انتخابات بملفات قضائية اذا لم يخضع للمكلفين الحزبيين بصناعة الخرائط الانتخابية (انتخابات عام 2007 وانتخابات عام 2009 وانتخابات عام 2015 وانتخابات عام 2021....) يتم في المحصلة إرغامه عنوة على تسليم الرئاسة الرمزية لآل بوعيدة اللذين لا يسيرون في الأخير أي شيء ......
 
يتبع