الخميس 2 مايو 2024
سياسة

المصطفى قاسمي: هكذا كان الخطاب الملكي براغماتيا..

المصطفى قاسمي: هكذا كان الخطاب الملكي براغماتيا..

الخطاب الملكي لـ13 أكتوبر المتعلق بافتتاح الدورة التشريعية يعد خطابا براغماتيا، جاء ليجيب عن المشاكل المطروحة ويعالج الإختلالات ويعمل على تصحيحها. هكذا يرى الدكتور المصطفى قلسمي أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات الذي وافى موقع "أنفاس بريس" بالقراءة التالية للخطاب:

 

"رسم الخطاب وبدقة عالية الأهداف والوسائل للوصول إليها بطريقة علمية وعملية محددة في الزمن والأهداف من الملك الى الفاعلين والمتدخلين في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي على حد سواء: النواب والمنتخبين والحكومة وفق ما يخوله دستور المملكة من صلاحيات لجلالة الملك باعتباره الساهر على احترام الدستور وضامن دوام الدولة واستمرارها. فهو مالك السيادة في الدولة أي مؤسس الدولة وإليه يعود أمر إصلاحها باعتباره صاحب السلطة التأسيسية الأصلية السلطة التأسيسية الفرعية.

فالأهداف المسطرة غايتها ترسيخ دولة القانون ولا يمكن لأي من الفاعلين السياسين إلا أن يشارك فيها وأن يدعمها. فاليوم وفي ظل التحولات السياسية والإقثصادية والإجتماعية الدولية والوطنية برزت اختلالات واسعة ومشاكل متعددة كادت أن تعصف بالدولة الوطنية، لكن الحكمة البالغة لجلالة الملك والتي تميزت بالتريت وعدم اتخاذ قرارات متسرعة مكنته من وضع اليد على الأسباب الحقيقية للإشكالات و الإختلالات وتحديد المسؤولين عليها.

وحتى لا يعتقد البعض أن ما جاء على لسان صاحب الجلالة خطابا سياسويا فقد كان هادفا ودقيقا وكيف لايكون ذلك فالملك يوجد فوق كل الفرقاء السياسيين. إن هذا الخطاب قد قطع مع الممارسات السابقة وأعلن عن مسيرة جديدة وفق استراتجية قوامها: دولة القانون، الحكامة السياسية والحكامة الترابية، تدعيم اللامركزية والنهوض بالتربية والتكوين.

1_ ترسيخ دولة القانون وحمايتها

من خلال ترسيخ اسسها المتمتلة في سيادة القانون والتي عبر عنها جلالة الملك بربط المسؤولية بالمحاسبة. ومن خلال الإعتماد على الكفاءة والإستحقاق والذي أشار اليه جلالته بالإبتعاد عن الرشوة والمحسوبية والتملق.

2_ اعتماد الحكامة في تدبير الشان العام

إن جلالة الملك يجعل من الحكامة السياسية والحكامة الترابية منهجا في تدبير الشان العام المغربي وطنيا وحتى على المستوى الدولي في سياسته الخارجية لذلك أشار إلى احدات وزارة منتدبة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون من اجل تتبع المشاريع الإستتمارية في افريقيا وحتى في الدول الأخرى و لم لا. والجدير بالذكر ان هذه الحكامة لايمكن ان تقوم بدون مقوماتها والتي هي كما يلي:

*_أولا: التخطيط بمعنى رسم خطة قابلة للتحقيق محددة في الأهداف والزمن.

*_ثانيا: الإشراك اي اشراك كل الفاعلين في العمل على تحقيقها.

*_تالتا: التتبع الذي يعتبر من اساسيات انجاز هذه الخطة.

*_ رابعا: المساءلة والمحاسبة.

*_ خامسا: سيادة القانون اي تطبيق القانو،ن بمعنى أن تكون المرجعية هي القانون في الأفعال والمساطر وفي المخالفات للقانون.

3_ دعم اللامركزية.

إن اللامركزية هي أساس الديموقراطية المحلية ولا يمكن ان تنمو بدونها و هي أساس الديموقراطية الوطنية. لذلك ركز جلالة الملك على تدعيم إحدى مرتكزاتها ألا وهي الجهوية المتقدمة باعتبارها الوحيدة الكفيلة بحل المشاكل المرتبطة بالسكان وتلبية حاجياتهم. وهي تشكل إطارا لتدبير الشأن العام المحلي بامتياز، حيث يمكن للمواطن أن يلمس تطبيق القانون وأن يلمس كذلك مدى تلبية مطالبه وحاجياته.

4_اعادة الرابط الاجتماعي بين الدولة المجتمع.

إن أهم ما ميز المرحلة السابقة هو خلخلة الرابط الإجتماعي وتلعب التربية والتكوين دورا فاعلا فيه. فهي العنصر الحاسم في ترسيخ مقومات الدولة الحديثة وهي أساس وجودها. فإذا كانت المؤسسات هي الآليات التي تقوم عليها دولة القانون فالتربية والتكوين هي روح هذه المؤسسات وهي تتعلق بفئة اجتماعية وعمرية معينة وهي الشباب. وذلك من أجل الإدماج لذلك رغبة في تحسين وتطوير التربية والتكوين تحدث جلالة الملك عن المجلس الأعلى للشباب بمعنى وضع إطار مؤسساتي تناقش فيه كل قضايا الشباب من أجل معرفة تطلعاتهم. وبالتالي إدماجهم لتقوية هذا الرابط بين الدولة والمجتمع.

إن الأهداف التي رسمها جلالة الملك تنم عن نية صادقة في معالجة الإختلالات وتصحيح هذا الوضع، وأن الأيام القليلة المقبلة توحي وفق ما جاء في الخطاب بموسم سياسي مختلف وبتحول سياسي جذري في المغرب.