الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: هكذا فضحت خرجة الجواهري المنظومة الحزبية

رشيد لزرق: هكذا فضحت خرجة الجواهري المنظومة الحزبية رشيد لزرق
تصريح شخص مثل عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، في عدم ثقة المواطن في المنظومة الحزبية التي جعلت من المزايدات السياسية منهاجا عوض التباري على البرامج القابلة للتحقيق جاءت في لحظة مفصلية.
واعتقد أن الواقع الحزبي يستحق فعلا مثل هذا الوصف من طرف شخص يعتبر من رجال الدولة ويتميز برجاحة العقل، وصدق اللهجة، وتغليب المصلحة العامة -وهذه أهمها-والتضامن مع مجتمعه وأناسه، ولذلك يحظى غالباً بتوقير أكثر من طرف الرأي العام؛ حتى وإن خالفه بعضهم في رأيه، فيكفي أنه يُكتب للرجل نصاعة الموقف، وجلال المقام، ويؤكد على أن هنالك من رجال دولة، من يَغْلِب مصلحتها العامة في ساعة الحسم.
فالجواهري لم يقم أكثر من تسمية الأمور بمسمياتها لكون أن هناك تأثيرا عكسيا للوعود الانتخابية في إطار المزايدات السياسية مما قد يفاقم من ظاهرة العزوف عن الانتخابات؛ وما لذلك من تأثير على الثقة في المؤسسات؛ ورجل الشارع لم يعد يثق في المنظومة الحزبية ولا حتى في القطاع العام عموما الذي تديره هذه الأحزاب؛ وهذا هو المشكل الذي ينبغي أن يطرح بالأساس؛
إن عدم الثقة في السياسيين ليس نتاج اللحظة الراهنة، بل هو وليد تراكمات باتت في العقل الجمعي للمغاربة، نتيجة اتجاه السياسيين إلى إطلاق الوعود الانتخابية في إطار المزايدات السياسية ورفع السقف لجلب الناخب، وذلك دون تقديم عرض سياسي عقلاني يتعاقد عليه مع الناخبين وتحديد الأولويات بناء على إمكانات الدولة، وهذا ناتج عن مجاراة المد الشعبوي وتنميط الرأي العام واتجاه بعض القيادات الحزبية إلى إطلاق الوعود دون أن تملك خطة لتطبيقها، مما ولد إحباط لدى الرأي العام، وتوسيع هامش جهله في التعاطي مع السياسيين وفق قوالب جامدة...
إذن كيف نعيد الأمل ونحفز المواطنين والمواطنات على المشاركة الانتخابية!!؟
إن العشرية الأخيرة مع أهمّية المنجز الدستوري لسنة2011 الذي وضع أسس للمؤسسة، والتي وجدت صعوبات في تحويل الأحزاب من أحزاب الأفراد إلى أحزاب المؤسسة، وتفاقم هذا الوضع إلى جانب التراشق الحكومي، كل ذلك أثر سلبا على صورة السياسية والسياسيين، هذه المعطيات وجب تأملها بغية تجاوزها في اتجاه وجهة حزبية تسير في اتجاه تغيير الصورة النمطية، وذلك عبر تقديم كفاءات سياسية، مما يجعل الانتخابات فرصة لتباري حول تنزيل المخطط التنموي، وهذا يعزز إمكان تعزيز مشروع الانتقال الاقتصادي الشامل والمستدام. وبهذا يمكن معه مواجهة شيوع أجواء التشكيك وانعدام الثقة بين الفاعلين السياسيين، إضافة إلى صعود العصبية الحزبية على حساب مراعاة الصالح العام، وهيمنة الخطاب الحزبي المشحون بالعنف اللفظي ومتلازمة إقصاء الآخر..
مما يكرس شيوع أجواء اللايقين من الحاضر والمستقبل، وإن تكريس الخيار الديمقراطي الصحيح له مسار طويل وشاق، ويفترض بالضرورة الدخول إلى مرحلة التنمية لكي يحس المواطن بقيمة الديمقراطية، ولكي يتحقق هذا ينبغي أن تكون اللحظة الانتخابية هي لحظة لتقديم حلول إجرائية وواقعية، وفق جدولة زمنية محددة..
ودون ذلك لا يمكن أن نواجه حملة التشكيك التي أنتجت مواطنا قلقا؛ كما أن هذا المعطى يفاقم من جو العزوف الانتخابي خاصة لدى الفئات الشابة وعموم المواطنين عن الفعل الحزبي.
‎ لقد تميزت العشرية الأخيرة في كنف دستور 2011 بحكومات ميزتها الضعف الدستوري، والحال أن النموذج التنموي الحالي هو مشروع وطني يلتف حوله الجميع.
وعليه يمكن القول أن الاستحقاقات القادمة ينبغي أن تكون محك لتنزيل هذا المشروع ومعالجة الملفات المهمة، وتوفير البيئية المناسبة للاستثمار ومكافحة الفساد والبيروقراطية.
إضافة إلى الدفع في اتجاه تنشيط الاقتصاد وتحقيق الاستقرار المالي، إنها بهذا المعنى مطالبة بتوفير عوامل كثيرة وعناصر ضرورية، منها كسب ثقة المستثمرين بالحد من التضخم والاتجاه إلى تشكيل حكومة متضامنة قوية لتبديد حالة الغموض السياسي وحالة اللايقين التي أصابت المجتمع وأربكته، وذلك بتوفير مناخ حر للتداول على السلطة، مناخ يتم فيه احترام القانون وحقوق الإنسان والمواطنة. ما يبدو أن هناك جبهة سياسية بدأت التوحد والتكتل سياسياً ضد العدالة والتنمية، على الرغم من تباين رؤى القوى السياسية المشاركة فيها، ولقد ظهر ذلك في التصويت على القانون الإطار وقانون القنب الهندي كذلك، ثم التصويت على القاسم الانتخابي. كما أن هناك معارضة شعبية ضدها بدأت تتنامى وتتسع، ويبدو أن الوقت قد حان لتأخذ العدالة والتنمية حجمها الطبيعي المتناسب مع عدد أعضائها والمتعاطفين معها الذين لا يتجاوز عددهم 5% من عدد المشاركين في الانتخابات، ولا يمكن أن يبقى هذا الحجم مهيمنا على مجلس النواب.
في وقت تعرف العدالة والتنمية تطاحنات تنظيمية كبيرة بين أجنحتها، كما أن دور الاستلام السياسي قد تراجع دولياً وإقليميا، ومن المعلوم أنها تتأثر سلباً بهذه الأوضاع وبالمحيط الإقليمي، وهذا كله ينذر بانفجار تنظيمي!!؟