الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

أحمد الحطاب: الأحزاب السياسية بين الدستور والواقع المعاش

أحمد الحطاب: الأحزاب السياسية بين الدستور والواقع المعاش أحمد الحطاب

الأحزاب السياسية، حسب ما ينص عليه الدستور والقانون، مؤسسات اجتماعية تسعى للوصول إلى السلطة وإلى ممارستها عن طريق الانتخابات و نيابةً عن الشعب. وهذه المؤسسات تُعدُّ جزء من المشهد السياسي والديمقراطي. بل هي التي تُحرِّك هذا المشهد عن طريق التَّمثيلية في البرلمان والحكومة وكذلك عن طريق نشر الوعي السياسي وحث المواطنين على الانخراط في العمل السياسي. وهذه المؤسسات عبارة عن مجموعة أشخاص يتقاسمون نفس الأفكار والمبادئ والتَّوجُّهات والإيديولوجيات والأهداف… وهذه الأفكار والمبادئ و… تختلف من مؤسسة حزبية إلى أخرى حيث أن كل مؤسسة لها نظرتُها الخاصة بها للممارسة السياسية اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا. وهذه النظرة هي التي تقود وتوجِّه عملَ المؤسسات الحزبية حين وصولِها، عن طريق الانتخابات، إلى مواقع تدبير الشأن العام برلماناً وحكومةً.

 

هكذا وَجَبَ أن تكون الأحزاب السياسية من الناحية النَّظرية دستوريا وقانونيا. فهل الأحزاب السياسية صورةٌ طِبقَ الأصل لما نظَّراه الدستور والقانون؟ أو، بعبارة أخرى، هل الأحزاب السياسية الموجودة على أرض الواقع (كنتُ سأقول النَّاشِطة على أرض الواقع) صورة طِبقَ الأصل لما أرادا الدستور والقانون أن تكون؟

 

لا حاجةَ لنا لمِنظارٍ أو مِجهرٍ للإجابة عن هذا السؤال. التَّنظير شيء والواقع شيء آخر أو التَّنظير مِثالِيٌّ والواقع مُخالفٌ له. الواقع يصرُخ ويقول :

 

1- الأحزاب السياسية ليست مؤسسات كما جاء في الدستور والقانون. إنها مجرَّد مجموعة أشخاص (لا أقول مناضلين) يبحثون عن تحقيق مصالحهم، عن المناصب، عن السلطة، عن المال، عن النفوذ، عن الجاه، عن الريع...

 

2- الدافع الأساسي لوصول الأحزاب السياسية إلى السلطة ليس حتما خدمة الصالح العام، بل خدمة مصالح القيادات الحزبية.

 

3- الانتخابات بالنسبة للأحزاب السياسية ليست عامِلا من عوامل الديمقراطية. بل مطِيَّةٌ تركبها الأحزاب السياسية من أجل تحقيق مصالحها الضيقة.

 

4- هناك هُوةٌ كبيرة تفصل بين الأحزاب السياسية و الشعب رغم ادِّعائها أنها تمثِّله وتنوب عنه. في الحقيقة، لا تمثِّل إلا نفسَها.

 

5- الأحزاب السياسية، وجودُها في المشهد السياسي يساوي عدمَ وجودها فيه. في البرلمان، "كَتْفَرّق الْغَا" وفي الحكومة، باستثناء بعض المرافق الوزارية، تنتظر الضوء الأخضر لتنفِّذَ ما يتمُّ إملاؤه عليها.

 

6- الأحزاب السياسية لا تقوم بدورها المتمثِّل في نشر الوعي السياسي وحثِّ المواطنين على المساهمة في العمل السياسي وفي تدبير الشأن العام والمحلي.

 

7- الأحزاب السياسية تتشابه من حيث المبادئ ولم تعُد تختلف إلا بالتَّسميات. فهي قوقعات فارغة، قاسمُها المشترك هو الجري وراء كراسي السلطة.

 

8- لا يوجد و لو حزب واحد يتوفَّر على مشروع مجتمع projet de société، أي على نظرةٍ مستقبليةٍ لمجتمعٍ ينعَم فيه أعضاؤه بالكرامة الإنسانية من خلال تنميةٍ بشريةٍ شاملة وتنميةٍ اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، علمية، تكنولوجية... يكون مِحورُها الأساسي هو العنصر البشري.

 

فرق شاسع بين مِثالِية الأحزاب السياسية، المنصوص عليها قي الدستور وفي القانون وواقعها المبني على الانتهازية والمصالح الضيقة.

 

أحمد الحطاب، فاعل مدني