الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: لا يمكن القضاء على كورونا دون تحصين العالم

يوسف لهلالي: لا يمكن القضاء على كورونا دون تحصين العالم يوسف لهلالي

يطرح وباء كورنا  أكبر تحدي تعيشه الإنسانية مند نهاية الحرب الكبرى  بكل ما خلفته  من دمار وتحول  في القوى التي تتحكم في الأمم المتحدة والعالم.

هذا العالم، المتردد في مواجهة الوباء، وعاجز عن توفير التلقيح لأغلب السكان ضد فيروس كورنا. اليوم يقتصر التطعيم على بضعة بلدان غنية، التي بدأت تلقح حتى الأطفال والشباب في حين  مازالت اغلب بلدان العالم لم تتوصل باللقاح.

ودون تعميم اللقاح على سكان الأرض  لن تكون هناك حصانة جماعية، وهو ما اكد عليه عدد كبير من الخبراء في المجال الصحي  وكذلك منظمة الصحة العالمية.

 

طلبت منظمة الصحة العالمية الإثنين من مصنعي اللقاحات المضادة لكوفيد أن يضعوا تحت  تصرف آلية كوفاكس نصف إنتاجهم من الجرعات هذا العام.وذلك بعدما عمدت الدول الغنية إلى حجز كميات كبيرة من اللقاحات، لم تعد آلية كوفاكس التي توفر اللقاحات مجانا للدول الأكثر فقرا، قادرة على تأدية المهام الموكلة إليها بالفاعلية المطلوب.

ويرى العديد من المراقبين أن عدم المساواة في الحصول على اللقاح بين الدول الغنية والفقيرة يعقد ويطيل أمد الوباء الذي تسبب حتى الآن بوفاة أكثر من 3,5 مليون شخص في العالم. بالإضافة الى ان  التفاوت الكبير بين البلدان في الوسائل التي تتوفر عليها  في المجال الصحي  شجع ظهور نسخ متحورة جديدة من فيروس كورونا، أدت الى موجات وبائية جديدة في الدول النامية.

ورغم العديد من  الدعوات السياسية من اجل المساواة في الوصول الى اللقاح، تبق مجرد شعارات بدون قرارات عملية، اخرها دعوة  رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لدول مجموعة السبع إلى الالتزام بتطعيم العالم بأسره ضد فيروس كورونا قبل نهاية   2022 وذلك بمناسبة  اول قمة يستضيفها  لبلدان مجموعة السبع. التي توصل وزراؤها في المالية الى قرار تاريخي  وهو وضع حد ادنى لضرائب  من اجل محاربة التهرب الضربببي الذي تمارسه عدد من المقاولات الكبرى .


ودعى بالمناسبة  زعماء مجموعة السبع إلى الانضمام إلى هذه المبادرة  للقضاء على هذا الوباء المروع وعدم السماح أبدا بتكرار هذا الخراب الذي أحدثه" فيروس كورونا".
والجميع ينتظر وصول رئيس  اكبر دولة في العالم  جو بايدن الى هذه القمة والذي  يقوم  بأول جولة خارجية  منذ توليه السلطة.

وينتظرون  ما سيعلنه من قرارات في هذا الشأن، من اجل دفع باقي الدول الغنية في  تجنيد امكانياته للقضاء على هذا الوباء، وقد ثار اقتراحه الاخير برفع الملكية الفكرية عن تصنيع اللقاح جدلا عالميا وهو اقتراح يمكن أن يسهل الوصول إلى امكانية إعادة تصنيع اللقاح بكل مناطق العالم بكلفة أرخص، وهو الاقتراح الذي عارضته بلدان الاتحاد الأوربي واقترحت مقابله تسهيل الوصول الى اللقاح وبثمن  في متناول الجميع.

 

كما أعلنت واشنطن الخميس الماضي  أن 75% من جرعات كوفيد-19 الثمانين مليونا التي وعدت بها الولايات المتحدة لدول أجنبية، ستوزع عبر آلية كوفاكس.
واعتبرت أربع منظمات دولية كبرى منها منظمة الصحة العالمية وصندوق  النقد الدولي في مقالة مشتركة الاسبوع الماضي أنه على قادة العالم قطع "تعهد جديد" بالعمل من أجل توزيع عادل أكثر للقاحات ضد وباء كورنا من أجل التمكن من القضاء عليه.
وكتبوا  في احد الجرائد الاميريكية  أنه "من الواضح أنه لن يمكن التصدي بشكل شامل لوباء كورونا بدون إنهاء الأزمة الصحية. أن الوصول الى اللقاحات هو المفتاح لكليهما"..

 

وطلبت منظمة الصحة العالمية التي سبق أن وصفت في مارس  الماضي عدم المساواة في الحصول على اللقاحات بأنه "بشع"، الشهر الماضي من الدول التي لديها لقاحات وفيرة إعطاء الجرعات إلى دول بحاجة اليها بدلا من تلقيح الأطفال واليافعين.
اليوم الجميع يراهن على  آلية كوفاكس التي تدعمها  الأمم المتحدة لتقاسم اللقاحات مع الدول الأكثر فقرا. لكن الدول الغنية التي وقعت عقودا بشكل مباشر مع شركات صناعة الأدوية، استحوذت على غالبية اللقاحات فور توفرها. بالاضافة الى الازمة الصحية التي تعرفها الهند عطلت الامدادات من اللقاح  التي صنعت في هذا البلد.


الجميع ينتظر   نتائج قمة السبع المقبلة  ببريطانيا من  اجل الاتفاق على "استراتيجية منسقة بشكل أفضل مدعومة بتمويل جديد لتلقيح سكان العالم" وقبول دفع 50 مليار دولار لخطة مكافحة الوباء التي سبق أن اقترحها صندوق النقد الدولي.

لكن يبدو ان الدول الغنية مازالت تعتقد انه بإمكانها الخروج  من هذه الأزمة من خلال احتكار اللقاح لسكانها، والان بدأ بعضها يلقح الاطفال واليافعين  في حين تنتظر دول كثيرة الحصول على  اللقاح. وهو مؤشر على أن الأزمة الصحية العالمية التي تسبب فيها  وباء كورنا سوف تستمر في السنوات المقبلة، في غياب التضامن لمواجهة هذا الوباء الذي لا يعرف الحدود.ولا يمكن القضاء عليه دون تحصين العالم.