الأحد 5 مايو 2024
مجتمع

محمد سالم إنجيه: مذكرات الحج... رحلة الذكر والشهود 2

محمد سالم إنجيه: مذكرات الحج... رحلة الذكر والشهود 2

اختيار التنظيم الرسمي للحج أو وكالات الأسفار مرتبط بتنوع عروض هذه الأخيرة، وتحديدًا لمواقع الفنادق ودرجتها والخدمات المدرجة ضمن كل عرض، وبعد الاطلاع على البرنامج الذي تقدمت بها وكالة "أيور أسفار" أثناء زيارة مسؤولها للعيون، اخترنا العرض السياحي الذي دعت إليه عوامل عديدة منها القرب من الحرم، والسعر المقدم للغرفة الرباعية، والمدة الزمنية...

اللافت للنظر أن خدمات الحج تخضع لتعدد المتدخلين أو الوسطاء، وهذا أوجب إبرام عقود ترتبط بكل خدمة،  وتبقى الكلمة الأخيرة لوزارة الحج التي تمثل الحكم في المنازعات...

بحكم تنامي الإقبال على الحج بحمد الله تعالى، فإن الوفاء التام ببنود العقود ليس مضمونا بالكامل، والسبب الرئيس فيما أرى الحضور القوي لمنطق التجارة والربح قصير الأمد حتى صار الحديث عن السياحة الدينية بهذا المعنى حاضرا تقريبا لدى جميع المتدخلين في عملية الحج، من مثل وكالات الأسفار وخطوط الطيران والنقل الداخلي والفنادق، والمطوفين الذين لم يبق لهم من صفة الطوافة سوى مهمة خدمات مشعري منى وعرفات...، مع جيش من الوسطاء يكتسبون مواردهم من امتيازات هي أقرب إلى الريع الفاحش.

إجراءات الحج ابتداء من الحصول على التأشيرة، وضبط حجوزات الرحلات الجوية، انتهاء إلى مغادرة البلد الأصلي، فتسجيل الدخول لبلاد الحرمين لدى شرطة الحدود، وانتظار الأمتعة، والتفويج والتسكين... كل ذلك يختص بنسبية الزمن، فالإجراء الذي يكلف ساعة قد يستغرق ساعات عديدة، مما يضاعف من نصب الحجاج وتعبهم..، وبدل حضور أخلاق الصبر والتحمل، يبدي كثير منهم ضجره وسخطه، وربما أوقعه سلوكه في المحظور، سيما إذا كان محرما.. وهذه الوضعية لا تزيد بعض المتدخلين المتعددين إلا استهتارا براحة الحجاج، وتجاهلا لطبيعة آثار طول الإجراءات...

رغم محاولات التطوير التي سلكتها الجهات المختصة كاعتماد برنامج إلكتروني مفصل يتناول جميع المعطيات المتعلقة بعملية الحج، فإن الأمر لا يزال يفتقر إلى تغييرات جوهرية ترتكز على اختصار المهام مع ضبط المسؤوليات، والفورية الصارمة في معالجة المشكلات المرتبطة بكل مرحلة من مراحل سفر الحج...

ومما صادف مجموعتنا أن إدارة فندق هاجر موفنبيك أخلفت التزامها بعقد تسكين حجاج عدة وكالات سياحية مغربية ومصرية البالغ عددهم قرابة الثلاثمائة حاج وحاجة. وامتنعت من تسليم مفاتيح الغرف بل أصرت على استرجاع الغرف ممن أقاموا الليالي الفارطة...

وشاع لدى الحجاج المتضررين ما أسر به مصدر من إدارة الفندق لأحد مسؤولي وكالات الأسفار أن الفندق سيشغله  حجاج قطر الوافدين على نفقة الملك سلمان!!

رغم الاتصال بوزارة الحج -التي عادة ما تكون قراراتها حاسمة لفائدة الحجاج في مثل هذه الحالات- لم يأت للفندق أي من ممثليها إلا بعد مرور وقت طويل على حدوث المشكل المفاجأة.. مما يوحي أن الأمر له علاقة بجهات نافذة على حساب الحجاج، والوكالات التي تحوز عقودا يظهر أنها رسمية مفصلة بالحجوزات التامة للغرف عددا ونوعا، وخضوعها لبرنامج مسار الذي تعطى على أساسه التأشيرات..

وكلما انقضت مدة زمنية يفد أشخاص الفندق ليستفسروا عن المشكل ويعدوا بالحل... والظاهر أن العادة جرت بأن يسلط على الحجاج سيف ضرورة الخضوع والاستسلام للواقع كما هو بدعوى حرمة البلد الحرام؟؟ 

وعلى إثر انعقاد اجتماع بوزارة الحج تم فيه تحديد مكمن الخلل المرتبط بمحاولة نصب من قبل شركة دار الموحدين الشركة المتعهدة، التي اعتقل مسؤولها على ما ذكر، ولم تستبعد مصادر الوكالات تواطأ أحد مسؤولي الفندق في أمر الحجوزات.

ومما يشهد به صلابة موقف مسؤولي وكالات الأسفار المعنية بالمشكل في الدفاع عن العرض الذي قدموه، وقد شاركوا في صياغة محضر حالة، نتج عنه إلزام الفندق بتسكين الحجاج لكن في غرف رباعية، رغم الضرر الذين لحق الذين حجزوا غرفا ثنائية كالأزواج والثلاثية.. وبذلك انتهى كابوس أرق الحجاج وأخذ من مشاعرهم ووقتهم!! فحسبنا الله ونعم الوكيل...