الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

 السفير العمراني يعرض المنظور المغربي لدبلوماسية ما بعد كوفيد (مع فيديو)

 السفير العمراني يعرض المنظور المغربي لدبلوماسية ما بعد كوفيد (مع فيديو) السفير يوسف العمراني

قدم السفير يوسف العمراني المنظور المغربي للدبلوماسية ما بعد الكورونا، خلال مشاركته في برنامج قناة "الجزيرة" الحواري "Inside Story" المنعقد هذا الثلاثاء تحت شعار "الدبلوماسية الرقمية بديل للمستقبل؟".

 

إلى جانب مجموعة من الخبراء الدوليين المرموقين، مثل توم فليتشر، مدير كلية هيرتفورد أكسفورد، ومستشار سابق لدى ثلاثة رؤساء وزراء بريطانيين، وتيريزا فالون رئيسة مركز الدراسات الروسية والأوروبية والآسيوية، سلط الدبلوماسي المغربي العمراني الضوء على ما وصفه بأنه "تغير نمطي في ممارسة العمل الدبلوماسي وتعديل ضروري في إجراءاته كما في أدوات عمله".

 

وانطلاقًا من الواقع الجديد الذي فرضته جائحة كوفيد-19 العالمية على العلاقات والتفاعلات الدولية، أكد يوسف العمراني أن الدبلوماسي يواجه ضرورة إعادة النظر في طريقة وتصور ممارسة مهنته وإنجاح مخططات التعاون.

 

إذ برهن الفيروس على الحاجة إلى ضمان وتعزيز مرونة النظام الدولي القائم على القواعد والمبادئ والتماسك. وبهذا أكد يوسف العمراني أن مكافحة الوباء تقع بشكل بارز على عاتق الدبلوماسية الدولية المدعوة، أكثر من أي وقت مضى، إلى استثمار كل الروافع المتاحة لها لضمان استمرارية الحوار والتبادل وبالتالي التوصل إلى قرار دولي يتسق مع تحديات العصر.

 

وهنا أشاد السفير بمزايا الدبلوماسية الرقمية التي جعلت من الممكن، إلى حد ما، "تجاوز" القيود الصحية للفيروس الذي حد بشكل كبير من إمكانيات التفاعل المباشر البشري والشخصي، والتي تظل أساسية في الممارسة الدبلوماسية. وقد اعترف في معرض تقييمه بالمساهمة التي لا يمكن إنكارها لتكنولوجيات الاتصال الجديدة إلا أنه أكد أن "الدبلوماسية هي أولاً وقبل كل شيء تواصل وكلمات وثقة لا يمكن العثور عليها إلا حول طاولة مفاوضات حيث يتفاعل الإنسان، الدبلوماسي بكل حواسه للإقناع والتأثير والمناقشة".

 

"لا شيء يحل محل التواصل المباشر أو غرف الاجتماعات في نيويورك، أو أديس، أو فيينا، أو جنيف، حيث يمكنك من خلال المفاوضات الوصول الى أفضل حل وسط ممكن. لا يمكن أن تحل الوسائل الرقمية محل البشر، بل يجب أن تكون وسيلة للتقارب وليس بديلاً".

 

مستدلا بمثال المفاوضات الليبية التي أجريت في الصخيرات من قبل المبعوث الشخصي للأمم المتحدة برناردينو ليون، سلط السفير العمراني الضوء على حدود التكنولوجيا الرقمية بحجة أن هذه الاجتماعات لا يمكن أن تكون رقمية نظرا لتعقيدات التفاوض وحساسية القضايا التي تم تناولها وهشاشة الثقة بين أطراف النزاع.

 

كما شرح أنه لا ينبغي أن تكون التكنولوجيا الرقمية أداة عمل تؤدي إلى اعتماد مقاربات سطحية تعطي الأولوية لمظاهر آنية على حساب المستقبل. بل يجب أن نستخدم التكنولوجيا الرقمية بإتقان وحذر، وإلا فإننا نجازف بفقدان العمق من خلال السعي لتحقيق الفعالية.

 

يسير تدبير هذا الخطر جنبًا إلى جنب مع إتقان هذا الفضاء الرقمي الجديد الذي، إن لم يستطع أن يحل محل الأشكال الأكثر تقليدية للدبلوماسية، فقد بات يشكل أرضية مميزة تسمح للدبلوماسي بالانفتاح على سبل جديدة لأداء عمله ومخاطبة العالم الخارجي. في تفاعله مع مجموعة واسعة من الفاعلين في المجتمع الدولي، يجب على الدبلوماسي أن يثبت نفسه كمحور ومحاور ينقل المعلومات ويتفاوض ويؤثر على القرارات.

 

وتابع السفير في هذا الاتجاه، مؤكدا أن وزارة الخارجية المغربية بدأت بالفعل في نهج استباقي لتدريب دبلوماسييها الشباب لإتقان وفهم هذا المجال الجديد من العمل الدبلوماسي. التدريب هو جسر أولوي وطريق مميز للدبلوماسية التي ترغب في اكتساب الكفاءة والنجاعة.

 

يجب على الدبلوماسية والدبلوماسيين التكيف مع هذا التكوين الجديد وعدم التخلف عن الركب في هذا التحول الرقمي للعمل الدبلوماسي الذي يعرف الجميع أنه أمر لا مفر منه. البلدان التي هي اليوم في حالة تأهب ستكون على الأرجح تلك التي ستحدد وتيرة العمل الدبلوماسي غدًا.

 

وفي الأخير، ختم السفير العمراني تصريحاته، مشيرا إلى أن القارة الأفريقية كانت في طليعة هذه الدبلوماسية التي يتم إعادة تنظيمها حول القيم الأساسية للمشاركة والتضامن. ومع ذلك، لا ينبغي استخدام الدبلوماسية الافتراضية على النطاق القاري كذريعة للاستغلال السياسي، كما طرأ للأسف أحيانًا خلال بعض اجتماعات الاتحاد الأفريقي مؤخرا، حيث لم يتم إتقان التحكم بالأدوات التكنولوجية والمعلوميات وتم استخدامها للتحايل على الإجراءات والأنظمة.