الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

أمين لقمان: الانتخابات القادمة..إلى أين المسير..؟

أمين لقمان: الانتخابات القادمة..إلى أين المسير..؟ أمين لقمان
الأجواء العامة الممهدة للانتخابات القادمة لا تبشر بخير..ولا تترك الانطباع بأن المغرب سيطوي صفحة مثقلة باليأس والأزمات، ليباشر فجرا جديدا يجيب عن تطلعات المغاربة في مجالات الديمقراطية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وتدبير الشأن الوطني العام...
لجنة النموذج التنموي الجديد لم تقدم تقريرها لمعالم المغرب الجديد، ولم نعد نسمع منها ولا عنها، ولا عن علاقة تصورها بالاستحقاقات القادمة التي تشكل أساس كل السياسات العمومية..ولا عن العلاقة التي يمكن أن تبنى بين تصورها وبرامج الأحزاب الانتخابية، أهي علاقة تكامل أم تضارب ونفي..! ما هو الأصل وماهو الفرع؟ ام هي تجريد نهائي ورسمي لكلام تافه اسمه البرنامج الانتخابي لأحزاب مكملة دورها ثانوي وشكلي في تدبير الشان الوطني..!؟
الحكومة برهنت في كل المحن الوطنية عن عجزها عن الإبداع والابتكار وأضحى وزراؤها مجرد رجال تائهون تدبر وزارة الداخلية والديوان الملكي عشوائية تسييرهم وتنوب عنهم في تدارك الأخطاء والزمن الضائع..وإطفاء كل بؤرة محتملة للاحتجاج والانفجار الاجتماعي.
الأحزاب غير المستقلة تعاود اجترار نفس الأساليب البالية بالبحث عن " الأعيان " مهما كانت صفاتهم وسوابقهم لاستمالة الفئات الرثة والهشة، والتعويل على المال والنفوذ لكسب بعض الأصوات في ظل قانون جديد يعتمد اقتسام الكعكة لا غالب فيه ولا مغلوب..لا جديد لا أطر لا كفاءات لا شباب...الجميع ضد الجميع..الجميع يبحث عن المقاعد الجميع يبحث عن التزكيات المصحوبة بأظرفة المال..لا نقاش عمومي حول حصيلة هذا الشخص أو هذا الحزب أو هاته الجهة او الجماعة..لا من يقدم الحساب ولا من يحاسب..
الشعب مصدر السيادة يمارسها عبر الاقتراع العام بحسب منطوق الفصل 2 من الدستور..هذا الشعب تقتسم كينونته رؤيتان غالبية يائسة مقاطعة تلعن كل شيئ وتنتظر أن ينزل التغيير من السماء أو يأتي من وراء البحار..لا تشارك ولا تصوت وتعتبر أن اللعبة مخدومة وإسهامها لن يغير من واقع الحال شيئا..وتنتظر قيام " الساعة " أو قيام الجمهورية أو دولة الخلافة لتصبح الأوضاع سمنا على عسل...ورؤية ثانية تحلم بالمغرب الآخر مغرب لكل المغاربة..مغرب بدون فقر مذقع وغنى فاحش، مغرب المسؤولية والمحاسبة وعدم الافلات من العقاب مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية..مغرب بدون معتقلين سياسيين تحترم فيه حرية الرأي والتعبير وسمو القوانين فوق الجميع مهما كانت رتبهم ومسؤولياتهم..هذا الرأي لازال محاصرا من التحالف المنظم المستفيد من الأوضاع المأزومة الحالية..تعبر عنه الأجيال الجديدة والقوى التقدمية الحية وأحزاب اليسار الديمقراطي والرموز الوطنية والمثقفين ورجال الإعلام النزهاء والمنظمات الشبابية والنسائية والحقوقية والنقابات الجادة وأنصارالبيئة والإنسانية...الخ. وتأثيرها لا زال محدودا بفعل القوانين المتخلفة وبفعل هيمنة الفقر والجهل وكثرة الأحزاب الموالية، وسيادة تحالف المال والسلطة بعيدا عن كل وازع وطني يقيم الاعتبار لما يتهدد المغرب ومستقبل أجياله..
إن هاته الملامح العامة، وهذا السياق بمختلف تعقيداته، هو ما يشكل أرضية لنقاش عمومي حول سؤال : إلى أين المسير؟
لا يجب أن تعمينا المقاعد، والسباق الروتيني الاجوف لأحزاب لها نفس البرامج وليس لها برنامج ، عن طرح الاسئلة الحقيقية كل في مجال اختصاصه وأدواره لتقييم ما سبق وترتيب الأولويات، ومحاسبة الفاشلين والكذابين والغشاشين والنصابين..ليس لأن الأمر يتعلق بهذا الحزب أو هاته الجهة، بل لأن الأمر يتعلق بمصير ملايين المغاربة في الداخل والخارج وبمستقبل الأجيال القادمة..لأن الأمر يتعلق بكينونة المغرب ووحدته وتقدمه بين الأمم..لأن الأمر يتعلق بوطن تهده مظاهر الفقر والتطرف واليأس والاحتقان الاجتماعي الكامن..
يجب أن يشارك الجميع، الأطراف الخيرة في المجتمع وفي الدولة، وتقاسم هذا الهم الوطني لإنقاذ البلاد -ولو تطلب الأمر بعض الإجراءات التي قد تبدو صارمة - من المآلات الأليمة التي يبدو أننا نسير بين فخاخها وألغامها دون أن نكترث. 
الاستحقاقات القادمة ليست لعبة انتهت، وهيا لنلعب من جديد، الانتخابات إذا لم تكن تحمل للمغاربة جديدا في الوجوه والاحزاب والبرامج والاقتراحات كباقي دول المعمور فإنها مضيعة للوقت وهدر للجهود والامكانيات التي يؤديها المغاربة من قوت يومهم وثروات بلادهم..إذا لم يغير صندوق الاقتراع من الأحوال المعيشية فحتما سيتحول لصندوق الثعابين..الذي سيخرج من العجب العجاب ولو بعد حين.
 
أمين لقمان، فاعل سياسي وباحث جامعي