الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: سؤال المسؤولية المشتركة

الحسين بكار السباعي: سؤال المسؤولية المشتركة الحسين بكار السباعي

كلنا نقف داخل نطاق صراع فكري قائم، ولسنا أبدا خارجه ولو داخل عالم افتراضي، صراع  يفرض علينا أسلوبين  داخل هذا العالم  الأزرق ، أسلوب الحوار وأسلوب الاستبعاد الفكري، إنه بمثابة تجسيد للوعي في العالم الافتراضي وممارسة اللاوعي في الواقع .

 

إن ما أثارته واقعة ما سمي بوسائل التواصل الاجتماعي "ببنت الكومسير" تجعلنا أمام موقفين متناقضين للطريقة التي تعامل معها ضابط أمن في سد إداري تدخل لفرض غرامة على سيدة خرقت إجراءات الحجر الصحي بمطالبتها بأداء غرامة  300 درهم التي هي محدد في مثل هذه الحالات بالمرسوم بمثابة قانون لفرض حالة الطوارئ الصحية .

 

وحالة أخرى لرجل سلطة وأعوانه بسد إداري بمنقطة مراقبة مماثلة، سمح بمرور فتاة صرحت بصفة والدها (عميد شرطة)، وأنها تقيم بالحي المجاور لنقطة المراقبة، متساهلا معها في إعمال وتطبيق القانون .

 

واقعتان تجعلنا أولا، نسائل المشرع واضع القانون، باعتبار قواعده عامة ومجردة لا تستثني أحدا، وعن مدى الحماية التي توفرها للأفراد والمجتمع، وعن تراخيص المرور الاستثنائية، ومن تفرض عليه حالة الضرورة التنقل خارج الأوقات المسموح بها، وهي ما أوردها المرسوم بمثابة قانون بفرض حالة الطوارئ الصحية رقم 292/20/2 وكذا المرسوم التطبيقي رقم 293/20/2، على سبيل المثال لا الحصر .

 

وثانيا نسائل مدى يقظة وحزم المكلفين بإعمال القانون ونفاده من مختلف الأجهزة التي أوكل لها القانون تدبير حالة الطوارئ الصحية، والالتزام بالحياد والاستقلالية الذي تفرضها عليهم طبيعة مهامهم الأمنية والإدارية  .

 

وثالثها، وهو الأمر والأنكى، أن صفة الشخص وطبيعة عمله لصيقة به ولا تتجاوزه إلى غيره كزوجة فلان أو ابنة فلان أو صهر فلان أو غيرها مما تجاوزه العالم المتحضر المؤمن بقيم الحداثة والمساواة أمام القانون والمؤسسات.

 

ورابعها، وهو الأهم، مساءلة أنفسنا جميعا، هل نحن صادقين في الحكم على واقعة بنت الكومسير؟ أم نحن لا نقل عنها في موقفها، بحثا عن كل وساطة للتهرب من أداء غرامات المرور كمثال بسيط أو غيرها من الغرامات كواقعة الحال...

 

واسترسالا، فتدبير حالة الطوارئ الصحية يسائل أولا مسؤولية السلطات العمومية في إعمال القانون والسهر على نفاده، وبالتالي إقرار مسؤولية الدولة، فكل تراخ أو مزاجية في إعماله لا محالة ستكون لها آثار سلبية، ليس فقط على الصحة العامة وما تتطلبه المرحلة من يقظة صحية بعد ظهور حالات من الموجة الثالثة للفيروس، بل وعلى المستوى الأمني الذي يلزم مقاربة حقوقية يتساوى فيها الجميع أمام القانون  .

 

وختاما فإن أزمتنا، ليست أزمة قانون أو بناء تشريعي لقاعدة قانونية، بل إنها أزمة بناء الإنسان.

 

- ذ. الحسين بكار السباعي، محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان