الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

المحامي الادريسي: زواج القاصرات شبيه بالعبودية والاتجار بالبشر

المحامي الادريسي: زواج القاصرات شبيه بالعبودية والاتجار بالبشر الأستاذ خالد الإدريسي مع صورة لنموذج زواج القاصرات (أرشيف)

لماذا لم ينص المشرع على منع واضح لزواج القاصرات، مادام أن وضع الاستثناء يفتح الباب على مصراعيه لاستمرار هذا الزواج؟

سؤال طرحته "أنفاس بريس" على عدد من القانونيين والحقوقيين، وذلك على خلفية ارتفاع أعداد طلبات الزواج بالقاصرات، حيث بلغت تقريبا 28 الف طلب سنة 2019، بمعدل 77 طلبا يوميا.

الأستاذ خالد الإدريسي، عضو مجلس هيئة المحامين بالرباط، يجيب عن هذا السؤال..

 

اشترط المشرع سن الرشد في الزواج بالنسبة للرجل والمرأة كأصل، لكنه بالمقابل، فتح باب الاستثناء لزواج القاصرات بعد توفر شروط معينة وموافقة القاضي المكلف بالزواج.

 

في حقيقة الأمر، موقف المشرع المغربي يبقى منطقيا ومفهوما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن كل ما يرتبط بمؤسسة الزواج بالمغرب يخضع للعديد من المصادر والاعتبارات التي قد تكون متعارضة ومتداخلة، مما يجعل فتح المجال لتزويج القاصرات ضرورة لإضفاء نوع من التوازن بين مختلف هذه المرجعيات.

 

فعلى مستوى أول يمكن التأكيد أن المرجعية الحقوقية الدولية كانت حاسمة في اتخاذ المغرب موقفا صريحا من خلال جعل المبدأ هو إمكانية زواج المرأة بعد بلوغ سن الرشد المحدد في 18 سنة، كما أن بعض الممارسات الواقعية التي جعلت العديد من القاصرات تتعرضن لممارسات مشبوهة وغير مشروعة بشكل شبيه بالعبودية والاسترقاق والاتجار في البشر، كانت دافعا أساسيا وراء الحسم في تقرير هذا المبدأ. لكن مع ذلك تنبغي الاشارة الى أن إيراد هذا الاستثناء وفتح المجال أمام زواج القاصرات أملته المرجعية الدينية الإسلامية التي تعتبر أهم مصدر للأحكام والمقتضيات الواردة في مدونة الأسرة. كما أن تحكم الأعراف والتقاليد والعادات كمصدر أساسي في الكثير من المناطق، لاسيما القروية، جعل هذه الممارسة الواقعية من الصعب طمسها من الناحية القانونية وعدم الاعتراف بها وبآثارها الخطيرة. ولذلك يمكن القول أن موقف المشرع المغربي يتميز بالحكمة ويراعي التوازن المطلوب بين مرجعيته الحقوقية ومرجعيته الإسلامية، لاسيما أن مصادقته على الاتفاقيات الدولية المرتبطة بهذا الموضوع أثار خلالها مجموعة من التحفظات النابعة من نظامه العام الذي يعتبر الدين الإسلامي عموده ومحوره.

 

ومن جهة أخرى فإن المشرع المغرب من خلال المادتين 19 و 20 من مدونة الأسرة أفرد مجموعة من الضمانات لفائدة القاصر من أجل تجنب التعسف والإكراه الذي قد يمارس عليها، فهو جعل الإذن بهذا الزواج متوقفا على إذن قضائي من القاضي المكلف بالزواج، ويجب أن يكون هذا الإذن معللا ويبين فيه الأسباب الموضوعية المعتمدة للإذن، ولا يمنح هذا الإذن أيضا إلا بعد أن يراقب مدى توفر مجموعة من الشروط لعل أهمها هو المصلحة والأسباب المبررة لطلب الإذن وأيضا الاستماع إلى أبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي، وهي كلها ضمانات يمكن أن تكون كافية لمراعاة الحالة الاستثنائية لتزويج القاصرات.