الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

الكاتب رشيد خالص في "مدارات": لا شيء يتسم بالجمال خارج رؤية المبدع

الكاتب رشيد خالص في "مدارات": لا شيء يتسم بالجمال خارج رؤية المبدع الكاتب رشيد خالص (يمينا) والزميل عبد الإله التهاني

على ضفاف "حوار في الثقافة" والمجتمع فتح الزميل عبد الإله التهاني نافذة على الأدب المغربي الجديد المكتوب باللغة الفرنسية، باستضافته الكاتب والشاعر المغربي رشيد خالص، الذي وصفه معد ومقدم برنامج "مدارات" بـ "أحد  أبرز الوجوه  المغربية، التي تمثل جيلا أدبيا جديدا، يجسد رؤية متميزة بل ومغايرة، في الممارسة الإبداعية المغربية باللغة الفرنسية" على اعتبار أنه "يزاوج بين الكتابة الشعرية والروائية برصيد أدبي وصل إلى أربعة دواوين شعرية وثلاث روايات".

 

حلقة "مدارات" تناول من خلالها الإعلامي عبد الإله التهاني مجمل إنتاج الكاتب رشيد خالص الشعري والروائي، فضلا عن آراءه في قضايا أدبية وفكرية متنوعة، قربت المستمعات والمستمعين للإذاعة الوطنية بالرباط من رؤية "كاتب يقتحم موضوعاته، بنبرة لا تخلو من حرارة في المحتوى، ومن تدفق لغوي، يعكس رهانه على جمالية التعبير في تجربته الأدبية باللغة الفرنسية" حسب قول الزميل عبد الإله التهاني.

 

تجسيد رؤية للكتابة الأدبية بعيدا عن دروس النقاد

استهل الأديب رشيد خالص حديثه بـ "مدارات" عن البدايات بالقول: "مرحلة الطفولة خولت لي ترتيب بعض الأحداث من منطقة المعيش لا من منطقة الحياة"، وانطلق في سفره الطفولي حاكيا "تلاوة وكتابة القرآن على الألواح بالمسيد، ثم كتاب الحروف على الورق، وإعادة لكتابة والقراءة جعلاني استسلم لسطوة الكلمات دون المعرفة المسبقة لدلالاتها ورموزها".

واستحضر طقوس العلن في القراءة والكتابة في مرحلة الشباب والتي وصفها بـ "كنا نلتئم مجموعة من الأصدقاء نقرأ ونناقش كتبا أكبر منا حجما.. مثل كتاب "الثالوث المحرم: لأبو علي ياسين، وكتب نوال السعداوي وكتب كارل ماركس وإنجلز.."، أما قراءات الخلوة التي مارسها ضيف حوار في "الثقافة والمجتمع" فشملت "كتب رواد الأدب العربي.. وكل ما صادفته من كتابات بلغة موليير التي جعلتني أميل إلى الفرنسية التي أحببت كلماتها وأصوات وقع حروفها في نفسي".

وعبر عن إعجابه بلغة موليير في مرحلته الأولى (بلغة عربية فصيحة) كونه كان يكتب رسائل "أوجهها لامرأة لا أعرفها قطـ امرأة منفلتة.. كتاباتي ارتبطت بلغة الحب هي اللغة الفرنسية"، تعلقه بلغة موليير جعله مهووس بكتابة الأشعار: "كتبت بعض الأشعار على الجدران وعلى الأوراق وكنت أرددها وأحفظها عن ظهر قلب".

 

وعن اختياره الكتابة باللغة الفرنسية وما أثاره هذا الاختيار من جدل ونقاش في الوسط الثقافي قال: "هو نقاش فيه قسط من الاستفزاز والتخوين"، في إشارة إلى أجيال المبدعين والمفكرين الذين واكبوا فترة الاستعمار وبداية الاستقلال وكانوا ضد الفرانكفونية. وشدد على أن "الفرنسية ليست قدرا لغويا، هي لغة مرتبطة بقدرتي على صياغة نصوص بأريحية".

 

واعتبر رشيد خالص أن "الأدب المغربي المكتوب باللغة الفرنسية حديث الولادة.. ولم يتم تأريخ هذا الأدب بالرغم من وجود دراسات أكاديمية قيمة". وأكد على أن سؤال الأدب "هو الإقامة في العالم الوجودي" لأن الجيل الحالي "يكتب بحرية وجرأة كبيرتين، وعراكه موجه صوب اللغة ليخضعها لمبدأ اليقظة".

 

وبعيدا عن النرجسية قال الكاتب والشاعر رشيد خالص "في أعمالي الشعرية والنثرية أعلن حربا صديقة على القارئ لأرغمه على تغيير ممارسته في القراءة... أريد قارئ يحتفي بالكتاب وليس بالكاتب، وأرفض منطق الوصاية ومنطق المريد.. أكتب من منطقة تتقاطع بين الحياة والموت" وشرطها الوجودي "يلزمك ألا تنساق وراء إغراء اللغة لأنها تسعى لمحو هذه الحمولة في المنجز". لغة موليير بالنسبة للكاتب والشاعر رشيد خالص هي "اللغة المتفردة الحليفة في تحقيق الإقامة في العالم شريطة الاحتكاك بالجسد..."، وهذا ما يميز أعماله ـ حسب اعتقاده ـ باختياره لـ "مكان الإقامة بوصفها بناء وكينونة".

قال عن نصوصه بأنها "ذات نفس شعري لأنه لا يؤمن بمقولة الترحال من جنس لآخر ولا يؤمن بعذرية الأجناس الأدبية" عل اعتبار أن رشيد خالص يعتبر "مغامرة الكتابة في الشعر والنثر تفرض على الكاتب الدفع باللغة إلى مداها الأقصى"؛ ليخلص إلى أنه "لست شاعرا ولست روائيا.. أنا كاتب مجرد خالق لغة".

 

الترجمة ممارسة إبداعية

عن الترجمة أوضح بأنها " ممارسة إبداعية وتجربة إنسانية تغذي لديك مبدأ اليقظة في شريعة الكتابة، والمترجم مشروع كاتب عظيم لأنه يتملك لغة الكاتب المتفردة" بل أن ضيف مدارات يعتبر أن "المترجم كالممثل يلبس جلباب الكاتب، وهو ممثل بارع لا يكتفي بالمحاكاة.."، وعبر عن أسفه كون "الترجمة لا تلقى الدعم الذي تستحقه كمشروع ثقافي حضاري".

 

في سياق حديثه عن لغة موليير شدد ضيف مدارات على أن "الكاتب بودلير، هو مؤسس الحداثة في الشعرية الفرنسية، أنا منجذب للغته، وصوره ورموز شعره الفاتنة "، و قراءته لبودلير في مرحلة سابقة طرحت عليه "سؤال الجمال..هل الجمال يكمن في الشيء أو يكمن في الرؤيا" ليجيب قائلا: "الجمال لا يمكن في الشيء بل يكمن في الرؤيا.. لا شيء يتسم بالجمال خارج عن رؤية الشاعر والمبدع والأديب والرسام... لهذا أعشق بودلير".

 

لنكتشف أدباءنا الكبار

وعن الكاتب المغربي محمد خير الدين قال ضيف مدارات "هو الأقرب إلى قلبي رغم أنه كان وما زال يثير ضجة المريدين من القراء "، وأضاف موضحا "المطلوب اليوم هو إماطة اللثام عن شخصية الكاتب لنكتشف كبار أدبائنا الذين يستحقون القراءة"، وأشار في نفس السياق بأن محمد خير الدين "أعلن الحرب على اللغة وعلى بيئة  الجنس الروائي وخلق معجما فريدا يميزه." اليوم يقول رشيد خالص "هناك ضرورة إعادة قراءة هذا المنجز الأدبي لرد الاعتبار لبعض الكتاب وعلى رأسهم الصفريوي..".

 

الأدب المكتوب باللغة الفرنسية "أدب ديناميكي، ليست له عقدة لا من التاريخ أو الأسطورة" يقول رشيد خالص، لذلك يرى الضيف أنه "يجب الاشتغال على القراءة وهذه مهمة وزارة الثقافة، ولكن وزارة التعليم للأسف لا تنخرط في عمل نشر الكتب"...