الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

"مَنْزْلَةْ سَعْدْ السْعُودْ" تطرد الليالي الباردة من المغرب وتعلن ميلاد اعتدال الطقس

"مَنْزْلَةْ سَعْدْ السْعُودْ" تطرد الليالي الباردة من المغرب وتعلن ميلاد اعتدال الطقس الأسر المغربية وجدت عزائها في الطبيعة في زمن كورونا
أغلب الأسر والعائلات المغربية وجدوا عزائهم بعد حصار "جائحة كورونا" في الطبيعة وحقولها المزركشة بمختلف الأزهار والنباتات التي حولت ضفاف الأنهار و ضواحي المدن ووسط الغابات والقرى المتاخمة للمدن إلى مزارات سياحية للإستجمام والهروب من داخل غرفهم الإسمنتية التي اعتقلهم فيها "وباء كورونا" كرها منذ شهر مارس من سنة 2020.
 
وقد لاحظ عموم المواطنات والمواطنين وخصوصا فئة الشباب والأطفال تغيير جميل في حالة الطقس بعد اعتدال أشعة حرارة الشمس، وظهور مختلف نباتات و أنواع الأعشاب قبل حلول فصل الربيع..وللإجابة عن أسئلة هذا التغيير الطبيعي نقدم تفسيرا لهذه الظاهرة انطلاقا من ثقافتنا الشعبية وتقسيمها للزمن الفلاحي وفق فترات منها هذه الفترة التي يطلق عليها الفلاح المغربي "مَنْزْلَةْ سَعْدْ السْعُودْ": هي "مَنْزْلَةْ" فلاحية أقرتها ثقافتنا الشعبية التي اكتسبها أجدادنا عبر تجاربهم المناخية ودرايتهم بحالة الطقس التي كانوا يعيشون تقلباتها المفاجئة في علاقة مع فلاحتهم وزراعتهم، وتمتد فترة منزلة "سَعْدْ السْعُودْ" تحديدا من يوم 30 يناير إلى غاية 11 فبراير من كل سنة فلاحية.
 
وحسب موروث ثقافتنا الشعبية التي توارثها الأجداد في البادية المغربية فبحلول هذه "المَنْزْلَةْ"، يتغير الطقس وتخف برودة الأجواء، وتكتسي الحقول حلة ربيعية زاهية حيث يقول المثل المرتبط بـ "سَعْدْ السْعُودْ": (إِذَا طَلَعَ سَعْدُ السُّعُود، نَـضَّرَ الْعُودُ، وَلَانـَتِ الْـجُـلُود، وَكَـرِهَ النَّاسُ فِي الشَّـمْسِ الْقُعُود).. بمعنى أن هذه الفترة تساعد على بداية تفتح أزهار أشجار الفواكه وأوراقها وأغصانها، وترتفع درجة الحرارة بعض الشيء بشكل مفاجئ إلى درجة عدم قدرة الإنسان على تحمل أشعة الشمس، وخلالها أيضا يخرج الناس للضواحي والمنتجعات والأراضي الزراعية بالقرى للإستمتاع بدفء وجمال الطبيعة واخضرار مزروعات الحقول في البادية المغربية.
 
في هذه الفترة بالضبط "سَعْدْ السْعُودْ"، تستعد كل الحيوانات والهوام والحشرات والزواحف التي كانت تختبئ في إسطبلاتها، وجحورها هروبا من شدة البرد، للبحث عن حرارة الشمس المعتدلة، وإشباع بطونها من الجوع، والبحث كذلك عن شروط توالدها وخدمتها البيئية المفترضة طبيعيا بعد انتهاء مدة برودة الطقس.
 ومن الأقوال المأثورة لدى المغاربة عن هذه المنزلة: "سعد السّْعُود، يْخْرَج فِيه النمس و الكَنْفُود وَتْزَنْزَنْ النَّحْلَة في العُودْ، ولا تموت بالبْرُودْ". 

 
ومن المعلوم أن هذه المنزلة تليها فترة منزلة "سعد الأخبية" (الخبية)، والتي تمتد من يوم 12 فبراير إلى غاية 24 منه ، وقالت عنه ثقافتنا الشعبية: "في الخبْيَة تُخْرج كل منْ هي مْخَبْيَة، وتفرح كل من هي مربية، ويسخن الماء في الونية"، على اعتبار أن حرارة الشمس تستمر في اعتدالها مع استمرار تفتح أزهار الربيع، وإعادة انتشار الحشرات النوامة، و خروج القوارض والزواحف من جحورها.