الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

الإفراج عن "قنطرة المصباحيات" بالمحمدية

الإفراج عن "قنطرة المصباحيات" بالمحمدية افتتاح قنطرة ولدت بعد مخاض عسير طال أمده، اسمها "قنطرة المصباحيات"

بعد سنوات عجاف من التجاذب والتأخير والتعثر والترقب والانتظار، تم يوم السبت 23 يناير 2021، التدشين الرسمي لقنطرة "المصباحيات" بالمحمدية، ليتحقق بذلك "حلم" مدينة بأكملها ظل معلقا منذ 17 سنة، وهو مشروع "استراتيجي" بالنسبة لمدينة الزهور، ستكون له آثار إيجابية على المعيش اليومي للساكنة، من خلال تخفيف الضغط على شارعي الحسن الثاني والمقاومة، وتيسير سبل الربط والتواصل بين المحمدية والدار البيضاء عبر الطريق السيار خاصة بالنسبة لقاطني العاليا (الحسنية، النصر، الوحدة، الفلاح، الراشيدية، الفجر، البرادعة، الصديق2، رياض السلام، النهضة...) دون الاضطرار إلى المرور عبر شارعي المقاومة والحسن الثاني، وفك العزلة عن الكثير من المستخدمين العاملين بالحي الصناعي خاصة المنحدرين من أحياء مجاورة من قبيل الحسنية والفتح والمشروع والنصر، وتخليصهم من أعباء وتكاليف النقل، دون إغفال الأهمية المحورية للقنطرة في الربط بين جماعة المحمدية والجماعات المجاورة من قبيل الشلالات وعين حرودة وسيدي موسى المجذوب وسيدي موسى بن علي وبني يخلف، فضلا عما لهذا المشروع الحيـــوي من آثار إيجابية اقتصادية واجتماعية وبيئية وجمالية، وهذا من شأنه أن يرفع من القدرات التنموية للمحمدية ويكرسها كوجهة جذابة في محيطها المجالي وبعدها السوسيو-اقتصادي.

 

مشروع بهذا الثقل الاستراتيجي وبهذه الحمولة الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، كان من ضمن المشاريع التي قدّمت أمام أنظار الملك محمد السادس سنة 2004، والذي خصصت له ميزانية مهمة، وقد تم التعويل عليه وقتها، لإعطاء نفــس جديد للتنمية المندمجة بمدينة الزهور، لكن المشروع  لم يسلم من "جائحة" التأخير والارتباك على مستوى سير الأشغال، لأسباب وحسابات سياسوية ضيقة لا يمكن قطعا القبول بها أو تبريرها أو التطبيــع معها، واشتدت حرارة القلق والترقب وسط ساكنة المحمدية، بعدما تم الانتهاء من الأشغال بالقنطرة قبل أشهر، إلا أنها ظلت مقفلة في وجه مستعملي الطريق لأسباب غير واضحة، بل وارتفع منسوب القلق والخيبة، بعدما أجل موعد التدشين الرسمي للقنطرة في "آخر لحظة" والذي كان مقررا صباح يوم الجمعة 22 يناير 2021، لأسباب مجهولة فتحت الأبواب على مصراعيها للقيل والقال والاحتجاج والتجاذب،  وهذه "العرقلة" التي لزمت المشروع طيلة سنــوات، كانت تعني بالنسبة للساكنة، تحمل المزيد من العناء والإرهاق، خاصة بالنسبة لشرائح اجتماعية واسعة من المواطنين الذي يشتغلون بالحي الصناعي المجاور للقنطرة، أو بالنسبة للموظفين والمهنيين الذي تفرض عليهم ظروفهم المهنية التنقل كل يوم إلى الدار البيضاء، بالمرور الاضطراري عبر شارعي المقاومة والحسن الثاني، من أجل الوصول إلى الطريق السيار، بينما أقرب نقطة لذلك هي "القنطرة" المصابة منذ سنوات بجائحة "العبث" بكل تجلياته وتعبيراتــه، وما حدث بالنسبة لهذا المشروع الحيوي، هو مرآة عاكسة لما عاشته أو تعيشه الكثير من المشاريــع التنموية الكبرى على المستوى الوطني من مشاهد التأخر أو سوء التدبير أو الارتباك، وهو واقـع يساهم في تكريس ثقافة البؤس والهشاشة في عدد من الأوساط الحضرية والريفية، ويكبح جماح ما يبذل على المستوى الرسمي، من مجهودات تنمويـة متعددة الأبعاد والمستويات، ويعمق بؤرة اليأس والنفور من السياسة ويقوي الإحساس لدى المواطن بفقدان الثقة في الأحزاب السياسية والديمقراطية والانتخابات وغيرها.

 

هي إذن لحظة مفصلية بالنسبة لتاريخ مدينة الزهور لا يمكن إلا الترحاب بها لما لها من آثار على مستوى الشأن التنموي المحلي، ومن تداعيات إيجابية على مستوى المعيش اليومي للساكنة، وبقدر ما ننوه بالافتتاح الرسمي للقنطرة بعد طول انتظار وعناء، بقدر ما نرى أن اللحظة تفرض (رغم ما شاب المشروع من تأخر) تملك قيمة الاعتراف بكل السواعد التي تحملت وزر بناء هذا الصرح المعماري الرائد -منذ إعطاء الانطلاقة الرسمية للأشغال إلى غايـة الإعلان عن التدشيـن- من حراس وعمال ومياومين ومستخدمين ومهندسين، والتنويـه بكل المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي الذين واكبوا هذا الورش التنموي الكبير منذ بداية الأشغال، والثناء على كل من عجل بإخراج هذا "الحلم المحمدي" أو "الفضالي" إلى الوجود، دون إغفال  بعض الأصوات الغيورة من أبناء المحمدية من جمعيات المجتمع المدني وبعض المنابر الإعلامية المحلية، التي واكبت المشروع "إعلاميا" منذ انطلاقته الأولى حتى لحظـة التدشيـن.

 

ونرى أن "الحلم المحمدي" لن يكتمل، إلا بتهيئة محيط القنطرة ("لافيراي"، سوق الجملة) وإعادة الحياة لشارع الرياض (محمد السادس) الذي بات إحدى المداخل الرئيسية للمحمدية، عبر استعجال تهيئته (التزفيت، الأغراس، إعادة النظر في المدارات الطرقية، الإنارة العمومية، إشارات المرور الضوئية،  التشوير الأرضي، إيجاد حل للكلاب الضالة وما يرتبط بها من حمير وبغال...)، وتهيئة بعض الممرات الطرقية المؤدية إليــه في اتجاه أحياء الحسنية والنصر والراشيدية...، وبناء بعض القناطر لفك العزلة عن الأحيــاء المتواجدة على الجانب الآخر من الطريق السيار "الدار البيضاء الرباط"، وتخليص شارع المقاومة من مشاهد البــؤس بإخضاعه إلى تهيئة شمولية، وتحرير الشارعين معا من آفة الباعة المتجولين وباعة الرصيف (الفراشة) الذين باتوا جزءا لا يتجزأ من المجال الحضري، وهذا "الحلم المشروع" قد يتحول إلى "كابوس مزعج" بالنسبة للساكنة "الفضالية" ولزوارها ومعجبيها، ما لم تواكبه الإجراءات الموازية - السالفة الذكر- حتى يكون مشروعا مندمجا وتنمويا وإشعاعيا يرفع من المستوى التنموي للمدينة، وهي إجراءات باتت "مستعجلة" خاصة بالنسبة لشارع الرياض الذي يرتقب أن يتحول إلى "مركز ثقل" على مستوى السير والجولان وإلى واجهة رئيسية للمدينة، قد يفرز "مشكلات مرورية" (اختناق، فوضى، ارتباك، إزعاج الساكنة)، على أمل أن تكون "قنطرة المصباحيات" رافعة للتنمية المندمجة بالمحمدية، تتحقق معها آمال الساكنة في التخلص من مشاهد الكلاب الضالة والحمير والبغال والأزبال والباعة المتجولين والعشوائية والطرقات البئيسة خاصة على مستوى شارعي الرياض والمقاومة وما يرتبط بهما من مدارات طرقية، بشكل يضمن تحقيق الحلم المشروع في أن تسترجع المدينة مكانتها وقيمتها كمدينة جذابة ارتبط اسمها في أذهان الناس بمدينة الزهور...

 

وقبل أن نختم ، لا يسعنا إلا أن نهنئ ساكنة المحمدية بهذا المشروع الحيوي والاستراتيجي الذي لن يحمل إلا الخير والتنمية والنماء، لكن في ذات الآن، نوجه البوصلة إلى الساكنة المحلية خاصة مستعملي القنطرة، بالحرص على العناية بهذه المنشأة الرائدة واحترام ما يؤطر عملية السير والجولان من ضوابط قانونية سواء على مستوى مجال القنطرة أو على مستوى المحاور الطرقية المؤدية إليها، وعلى رأسها شارع الرياض الذي بات امتدادا "حياتيا" و"مجاليا"  للقنطرة، أما المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي للمحمدية سواء في ظل المجلس القائم أو المجلس المرتقب بعد الانتخابات القادمة، فمن مسؤولياتهم الحرص المستدام على العناية بالقنطرة خاصة على مستوى الإنارة العمومية والإشارات المرورية، واستعجال النهوض بشارعي الرياض والمقاومة على مستوى التهيئة الطرقية (التزفيت) والتشوير الطرقي والأغراس والنظافة والإنارة العمومية، لأن قيمة القنطرة تتجسد في قيمة الشوارع الكبرى المرتبطة بها، والتحرك من أجل تحرير الشارعين من كل الشوائب والظواهر المشينة (الكلاب الضالة، البغال، الحمير، الباعة المتجولون، باعة الرصيف...)، والاهتمام بالمداخل الكبرى للمحمدية ومنها على الخصوص مدخل "بني يخلف" عبر شارع سبتة الذي بات محور عناء يومي للمواطنين بعد توقف الأشغال الجارية به لأسباب غير واضحة، والعناية بالمنظر الجمالي للمدينة بكاملها، حتى تسترجع جانبا من ماضيها المشرق لما كانت تنعت بمدينة الزهـــور.

 

وإذا كانت الصورة "المثيرة للشفقة" التي باتت عليها المحمدية اليوم، لا يمكن فهمها إلا في ظل التجاذبات السياسية "غير المبررة" بين مكونات المجالس المتعاقبة التي وصلت بعض تفاصيلها إلى القضاء، فإن ممارسات من هذا القبيل، عطلت مشاريع تنموية وحولت المدينة بشكل قسري إلى مدينة بئيسة تعيش على وقع الإهمال والإقصاء، أصبحت الكلاب والحمير والبغال والأزبال والأتربة والأنقاض جزءا لا يتجزأ من مجالها الحضري، في ظل شيوع ثقافة الأنانية المفرطة والعبث والمصالح المتضاربة والمعارك الخفية والمعلنة، بعيدا عن رحاب المسؤولية والتضحية ونكران الذات والشفافية واستحضار المصلحة العامة للمدينة ولساكنتها، وبمعزل عن آليات المحاسبة والمساءلة والمكاشفة، ونختم بأن نأمل أن تتحرك عجلات التنمية بالمحمدية بعد الإفراج النهائي  عن قنطرة "المصباحيات"، وأن تقطع الأطراف التي تتحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي مع جائحة العبث والتجاذب والعناد والصدام، من أجل غد مشرق للمدينة وساكنتها التي تستحق كل خير، أما تعطيل المشاريع أو عرقلتها "عمدا" لحسابات سياسوية ضيقة أو لأهداف انتخابوية صرفة، فهي تصرفات "غير مواطنة" و"غير مسؤولة" ترتقي إلى مستوى "الجريمة" في حق المدينة والساكنة والتنمية، ولا مناص من تفعيل مبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة" وتحريك آليات "عدم الإفلات من العقاب"، حماية للمال العام ومحاصرة لصناع الفساد الذين يعيثون في الأرض فسادا وعبثا، ويحرمون الوطن من كل فرص النهوض والتطور والارتقـــاء الشامل ...فهنيئا مرة أخرى لساكنة وزوار ومعجبي المحمدية بافتتاح قنطرة ولدت بعد مخاض عسير طال أمده، اسمها "قنطرة المصباحيات"...