الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

جمعية "رؤى تكنولوجيا".. نبيل ورفاقه يتحدون إعاقتهم من أجل إدماج الكفيف في محيطه (مع فيديو)

جمعية "رؤى تكنولوجيا".. نبيل ورفاقه يتحدون إعاقتهم من أجل إدماج الكفيف في محيطه (مع فيديو) نبيل المعروفي (يمينا) إلى جانب زميليه المهدي ملكان وعبد العزيز الزوهري

رغم إعاقته البصرية الكاملة فبإمكان نبيل المعروفي أن يطالع هذه المادة الصحفية التي تستعرض مساره المهني، وهو المهندس في النظم المعلوماتية، فكونه كفيفا لا يمثل له أي إعاقة، بل محفزا على تطوير قدراته المهنية في التأقلم مع كل المستجدات.

 

نبيل المعروفي في الأربعينيات من عمره، عضو فاعل في جمعية "رؤى تكنولوجيا"، التي يوجد مقرها بتمارة، ضمن فريق عمل منهم المكفوفون وضعاف البصر حملوا على كاهلهم أن يتخطوا كل الصعاب في الحياة، سواء في الشارع أو العمل.

 

إلى جانب نبيل المعروفي هناك عبد العزيز الزوهري، رئيس جمعية "رؤى تكنولوجيا"، ضعيف البصر، يشتغل إطارا بإحدى شركات الاتصالات الهاتفية.. وضمن الفريق أيضا المهدي ملكان، الذي لا يفارق حاسوبه واضعا نظارات سوداء على عينيه، متطلعا لمستقبل أفضل، رغم إعاقته البصرية التامة، معتمدين جميعا على نعمة البصيرة المتمثلة في اللمس والسمع والإحساس العالي.

 

لكل حكايته، ضمن هذا الثلاثي الذي تحدى إعاقته، منهم من لا يزال يحتفظ بذاكرته بالألوان، ومنهم من لا يفرق بينها، منهم من لا يزال يحتفظ بملامح قريب له، ومنهم من لا يزال يحتفظ بصور عن حياته السابقة مستعينا بها في التأقلم مع الحياة الحالية بعد أن فقد بصره.. كلهم عزم وتفان من أجل تبليغ رسالة أساسية للمجتمع، وهي "إعاقتنا حافز لنا"، ليصبحوا نموذجا للتحدي والإصرار على تحقيق أهدافهم. ومن نماذج ذلك تنظيم جمعية رؤى التكنولوجيا لمعارض مختصة في تقديم أحدث التطبيقات والوسائل التكنولوجية لجعل الكفيف وضعيف البصر مواكبا لكل ما هو جديد، وما هذه التطبيقات إلا وسيلة للكفيف والمبصر على حد سواء من أجل تيسير التواصل.

 

المعرض الذي نظم مؤخرا على منصة افتراضية، الغرض منه -على غرار باقي النسخ الحضورية السابقة- هو تمكين فئة المكفوفين وضعاف البصر، من التعرف على الحلول المتوفرة، في مجال التكنولوجيات الحديثة، التي تساعدهم على تخطي الصعوبات المرتبطة بحالتهم، والتي تواجههم في حياتهم اليومية، يقول عبد العزيز الزوهري؛ مضيفا أن هذا المعرض يعد الأول من نوعه في المغرب، ليكون أيضا "مناسبة لكافة المشاركين من أجل تبادل الآراء والتعرف على أحدث التقنيات المتاحة، وكذا الإجابة عن الأسئلة التي تؤرق المستعملين من هذه الفئة".

 

بسهولة ويسر يتنقل الزوهري بين قنوات موقع "يوتوب"، مستعينا بآلة للتحكم عن بعد تعتمد إصدار الأصوات عن طريق قراءة عناوين الفيديوهات، شاشة كبيرة تتضمن عددا من التطبيقات المساعدة لتكيف الكفيف مع محيطه التكنولوجي... وكمثال على ذلك يلج الزوهري لتطبيق يتضمن عددا من المتطوعين عبر العالم وبجميع اللغات يساعدون ضعاف البصر والمكفوفين على التعرف على ما يسألون عنه، نوع اللباس، قيمة عملة، لون، طعام، أو صلاحية منتج.. يضع الزوهري قطعة نقدية أمام كاميرا الهاتف النقال، وما هي إلا ثوان حتى يتلقى اتصالا هاتفيا من أحد المتطوعين يسأله عن تقديم خدمة، ليجيبه بأن القطعة هي من فئة درهم واحد.

 

هذه التطبيقات، هي التي يستعملها نبيل المعروفي في عمله داخل شركة دولية بالدار البيضاء متخصصة في النظم المعلوماتية؛ يسترجع نبيل وهو الذي غادر مكرها مقاعد الدراسة في المغرب قبل أن يقرر الالتحاق بفرنسا لاستكمالها في ظروف يقول أنها مواتية، كيف تطوع عدد من زملائه متعددي الجنسيات لكي يعيدوا كتابة الدروس عبر الحاسوب، مستعملين تطبيقا قارئا للصورة، مما مكنه من نيل دبلوم في الإعلاميات والعودة للمغرب متمما مساره بالاشتغال في شركة عالمية، كانت المقابلة الأولى مع المسؤول عن الموارد البشرية مصيرية بالنسبة لنبيل، ومع ذلك اجتازها بنجاح، وتأكد للمسؤول عن الشركة أنه لا فرق بين المبصر والكفيف في الشغل، شرط توفير بعض الإمكانيات التقنية.

 

أما المهدي ملكان، فهو يحضر لشهادة الماستر في الطب النفسي، وله اهتمامات كبيرة بعالم التكنولوجيا، فهو مصمم الوصلات الإشهارية لمعرض "رؤى تكنولوجيا"، ودائم الكتابة الصحفية في عدد من المواقع الإلكترونية داخل المغرب وخارجه، ومع ذلك يقف المهدي متحسرا بشأن العوائق العقلية والمادية التي يصادفها في الشارع والمؤسسات العمومية والخاصة، "مهما حققت هذه التطبيقات من مواكبة المكفوفين وضعاف البصر للتطور التكنولوجي ومسايرتهم لهذا الركب، فإن وجود علامة حديدية أو ممر عالي أو عقلية مريضة، ستجعل من هذه التطبيقات منهارة"، بأسى يتحدث المهدي عن تعثره غير ما مرة ببرميل من الإسمنت وضعه أحدهم ليمنع وقوف السيارات أمام محله أو بيته، وغير ما مرة اصطدم المهدي بلوحة معدنية إشهارية، لم يراع صاحبها أنها قد تشكل ضربة قاضية سواء لكفيف أو حتى مبصر لم يلحظها، وهو ما جعل رفاق المهدي يفكرون في نقل هذه المعاناة اليومية للساهرين على الشأن المحلي وعموم الناس بارتداء قطع فولاذية من الرأس حتى القدمين لتجنب أي حوادث يتعرض لها المكفوفون وضعاف البصر في الشارع.

 

رابط الفيديو هنا