الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

كريم مولاي: هل تنقذ ورقة التطبيع النظام الجزائري من السقوط؟

كريم مولاي: هل تنقذ ورقة التطبيع النظام الجزائري من السقوط؟ كريم مولاي
 
كعادة الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية، أغمض نظام الحكم الجزائري أعينه تماما عما أنجزه المغرب إقليميا، ودوليا حيال حسم مسألة بسط سيادته على كامل أراضيه، وإحالة ملف الانفصال إلى ذكرى بالية، وقاد ولا يزال حملة ضد المغرب بحجة مناهضة التطبيع، وأن الاحتلال الصهيوني بات على حدود الجزائر..
ليس خافيا على أحد من العقلاء ولا الحكماء، أن المغرب خاض على مدى العقود الأربعة الماضية أو تزيد معركة دبلوماسية وسياسية فضلا عن الاقتصادية والعسكرية الضارية من أجل استكمال وحدته الترابية، ووضع حد لنزيف ظل يؤرق كاهله منذ خروج الاستعمار الإسباني عن أقاليمه الجنوبية.. كما أنه لم يكن خافيا على أحد بما في ذلك عقلاء الجزائر، أن المغاربة أكدوا أن استعادتهم لصحرائهم وحصولهم على الاعتراف الأمريكي لم يكن ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية..
لن أخوض في الموقف الجزائري الرسمي من فلسطين، ولا حديثه الزائف عن دعم المقاومة والحقوق الفلسطينية، فذلك سيأتي وقته في حينه، ولكنني أتساءل ببراءة المواطن العادي: لماذا قاد النظام الجزائري حربه على المغرب طيلة العقود الماضية، وأنفق من ميزانيته الخاصة ما يمكن أن يقيم دولا كبرى، وينهي الخصاصة الاقتصادية في الشمال الإفريقي بشكل كامل؟ لماذا أغلق النظام الجزائري حدوده البرية منذ العام 1994 مع المغرب وحاول،مؤخرا، دعم ميليشيات البوليساريو على غلق معبر الكركرات لتكرار ذات السيناريو القديم؟
وربما سيكون من المؤسف بل ومن المؤلم لواحد من أمثالي، أقول هذا لأنني أعرف على وجه اليقين لماذا تم إغلاق الحدود البرية عام 1994، أن يقارن بين تعامل المحتل الإسرائيلي مع قطاع غزة مثلا، رغم الحروب التي قامت ولا تزال بينهم، ورغم الحصار المفروض على القطاع منذ العام 2006، إلا أنه مع ذلك يخضع للمقاومة ويسمح بفتح الحدود بين الفينة والأخرى، بينما حدود الجزائر مع المغرب ظلت موصدة منذ أزيد من ربع قرن!
المشهد السياسي المغربي متنوع ومتعدد، وقد تابعنا مواقف شعبية وسياسية ومدنية اعترضت على التطبيع، وهذا مشهد ديمقراطي وحضاري لا يعكس أصالة الشعب المغربي وانتماءه العربي والإسلامي فحسب، وإنما يعكس،أيضا، تطور وعيه السياسي، الذي استطاع أن ينجز هذا التحول الإقليمي والدولي في التعاطي مع وحدته الترابية..
ما يغيب عن البعض أن النظام الجزائري، وهو يقود حملة مواجهة التطبيع ومعارضة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، لا يتورع في تقديم خدماته للقوى الاستعمارية الجديدة، سواء الفرنسية في مالي أو الأمريكية في الساحل والصحراء، أو الروسية في سوريا، وذهب أبعد من ذلك حين أصل لذلك دستوريا بمنح الجيش حق التدخل في القضايا الخارجية..
لا أحد من أبناء العرب والمسلمين، ولا من أحرار العالم يمكنه أن يقف على الحياد بالنسبة للقضية الفلسطينية، لأن باختصار معركة تحرر وطني تسندها كل القوانين الدولية والسماوية، وأعتقد أن إقحام النظام الجزائري لهذه القضية في معركته مع المغرب فضلا عن أنه يعكس فشلا في مواجهة الحقيقة على الأرض، وهي أن رهانه على البوليساريو لابتزاز المغرب ورقة بدأت في التهاوي، وأن نظام الحرب الباردة قد ولى لصالح نظام دولي جديد، فهو يحاول الهرب، أيضا، من مواجهة سؤال البناء السياسي والاقتصادي في الداخل لمواجهة حراك اجتماعي لم تخمد مطالبه بعد.
وسيكون وفقا لذلك على النظام الجزائري، أن يستيقظ قبل فوات الأوان، على حقيقة ربما تكون مرة، وجوهرها أن الاستمرار في استعطاف المؤسسات الحقوقية الدولية، والعمل على شراء الذمم الدولية لخدمة المشروع الإنفصالي التقسيمي في المنطقة، قد أصبح اليوم حصانا خاسرا، ليس لأن خزانة المال الجزائري لم يعد فيها ما يكفي لسد الحاجة الداخلية للمواطنين الجزائريين، وإنما أيضا لأن العواصم الاستعمارية التقليدية؛ قد أصبحت في غنى عن خدمات أنظمة ضعيفة وفاسدة ومتناحرة، كما هو الحال بالنسبة للنظام الجزائري..
كريم مولاي، خبير أمني جزائري/ لندن