الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

رشيد  لزرق: في علاقاتها مع الجزائر روسيا تقدم المصالح الاستراتيجية على أيّة حسابات أخرى

رشيد  لزرق: في علاقاتها مع الجزائر روسيا تقدم المصالح الاستراتيجية على أيّة حسابات أخرى رشيد  لزرق

السياسة الخارجية لروسيا، لم تعُد قائمةً على مُحدّد أيديولوجي، بل خاضعةً للنهج البراغماتي عبر تقديم المصالح الاستراتيجية على أيّة حسابات أخرى.

 

فروسيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي تتبع سياسة براغماتية. ويأتي تصريح وزارة الخارجية الروسية،  ردا على اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء على لسان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوجدانوف، إرضاء للجزائر، التي تعتبر روسيا نقطة قدم بغاية تحجيم كل من النفوذ الأمريكي الفرنسي والصيني وهي القوى التي تملك حضورا مؤثرا في أفريقيا وعلاقات قوية مع الجزائر.

 

وتعبيرا من روسيا عن منافسة الولايات المتحدة بالمنطقة، على اعتبار أن الجزائر نقطة قدم لروسيا وسوقا للسلع والأسلحة. فروسيا لا تملك سياسةً خاصةً تجاه الدول المغاربية، وأنّ المحدّد الرئيس لهذه السياسة المتذبذبة هو المصلحة الاستراتيجية والنهج البراغماتي.

 

وعلاقات روسيا بالدول المغاربية ارتبطت دومًا بمحدد دوليًّ متمثلً بالولايات المتحدة الأميركية. فروسيا تتعامل مع الدول المغاربية من منظور مصلحي، وهي بصدد تقييم شامل للوضع النسبي لهذه الدول في السياسة الأميركية. فروسيا تطمح إلى أن يكون لها نفوذ في المنطقة المغاربية، التي تعدُّها منطقة نفوذ واسع لفرنسا، ودخول الولايات المتحدة سيعطي بعدا آخر .

 

فروسيا تتعامل مع الدول المغاربية كلّ دولة من دوله على حدة. والمغرب وجب أن يتعامل مع روسيا بنهج براغماتي يتوافق مع البراغماتية التي تعتمدها روسيا نفسُها، لأن العلاقات الروسية مع النظام الجزائري شبيهة  بـ ”الزواج العرفي".

 

الانتقال الديموقراطي بالجزائر، أمر حتمي، والشعب الجزائري المتطلع للحرية والكرامة لم تعد تنطلي عليه الشعارات.

ولهذا تسعى الحكومة الروسية إلى التمسك بالنظام الجزائري بالمنطقة، وتخشى حدوث تغيير بالنظام، وهي التي أبرمت عقود التسلح مع الجزائر، ولدى موسكو مصلحة محقَّقة من حدوث طريق عملية انتقالية سياسية تحدث تغييرا شاملا في النظام.

في الوقت الذي يواجه النظام الجزائري ضغوطاً مكثّفة للتغير، فإن روسيا تستمر في مواكبة التطورات في الجزائر عن كثب وبِعين المُتوجِّس، وتجنُّب حدوث خلل في عقود التسلح التي أبرمتها مع الجزائر، ولدى موسكو مصلحة محقَّقة في العمل من أجل أن يُستبدَل النظام عن طريق عملية انتقالية سياسية تحول دون حدوث تغيير شامل في النظام. بمطالب للانتقال ديمقراطي.

 

النظام العسكري بالجزائر يمر بأزمة حقيقية، ويريد مبررا لإطالة قبضته على أعناق الشعب الجزائري المطالب بالحرية والديمقراطية والتنمية.

وكسائر الأنظمة القمعية يلجأ النظام العسكري إلى تكتيكه القديم الجديد، إبان مرحلة أزماته لإعلاء العدو الخارجي لاستطالة عمره، والالتفاف على مطالب المشروع للحراك الجزائري، لتبرير مختلف القرارات التي يتم اتخاذها والتي قد لا تحظى بشعبية كبيرة، حيث أنه بعد أن خلق العدو الداخلي في قيادات المطالبة بالديمقراطية، عمل على شيطنتها، والمتمثلة في الخصوم السياسيين المنافسين المحتملين على السلطة أو فئاتٍ اجتماعية بعينها، فيما اليوم يريد تصدير أزمته الداخلية على حساب القضية الوطنية للمغرب.