الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمود سلامة: أسا الزاك.. الانتظار والأمل في غد أفضل

محمود سلامة: أسا الزاك.. الانتظار والأمل في غد أفضل محمود سلامة
انتهت زيارة المحبس، وانتهت قبلها زيارة الكركرات ولازالت الوفود السياسية منها والمدنية والمغاربة الأحرار والإعلام الوطني والمحلي، وحتى تجار قضية الصحراء وأصحاب "رجل هنا ورجل الهيه" والفضوليين وأصحاب "التصاور الخاوية" والارتزاقيين..
سيحجون إلى كلتا المنطقتين لإثبات إجماعهم وراء ملك البلاد في قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
طبعا معبر الكركرات ليس هو المحبس بصفة خاصة وإقليم آسا الزاك بصفة عامة، وهنا سأتحدث بلغة نفهمها نحن أهل الدار ونتفق عليها جميعا وهي أن الوطنية فوق كل مزايدة وأن الوطن ملك للجميع وعلى الجميع حمايته والذود عنه مهما قسي في حقك..
لكن شتان بين الواقع وما يتم تسويقه عبر الإعلام الوطني، وعلى لسان مسؤولين كبار في هذه الدولة والذين يتبنون جميعهم خطابا ملغوما يزرع الفوارق بين مواطني هذا البلد ويدفعنا إلى التفكير مليا في من له مصلحة في هذه المرحلة بالذات في تقويض السلم الاجتماعي وعلى أي أساس يتم تغليط الرأي العام الوطني.
بالأمس خرج علينا رئيس الحكومة العثماني بتصريح عجيب وغريب يؤكد من خلاله أن أهل الصحراء يمتلكون سكنا قارا لكل فرد منهم، وبعدها خرجت أصوات إعلامية تؤكد أن أبناء الصحراء يستفيدون من بطائق الإنعاش و بدون أي عمل مقابل ذلك، وهناك بعض الأصوات النشاز التي بدأت تعيد إلى الواجهة خطاب أن "صحراوة عايشين على ظهرنا" وهلم جرا من الادعاءات التي تحكي عن عالم يتناقض وحقيقة الأمر.. لكن ليس من رأى كمن سمع، والكثير من المنابر الإعلامية التي حجت إلى منطقة المحبس وتجولت فيها وفي باقي جماعات الإقليم تأكد لها بالملموس أن هناك أمرين لا ثالث لهما:
الأول: أن أبناء هذه الربوع لا يمكن التشكيك في وطنيتهم لأنهم أبناء آلاف الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن هذا الوطن بين جبال باني وواركزيز والمحبس والزاك واسا وطانطان.. وكل شبر من هذه الصحراء المترامية الأطراف.
الثاني: أبناء هذه الربوع الحدودية يستحقون نياشين في الصبر والتحمل بسبب صمودهم وسط قساوة المناخ صيفا وشتاء في بيئة تنتفي فيها شروط العدالة الاجتماعية والمجالية مقارنة مع باقي مدن المغرب النافع.
هنا في هذه الربوع لا توجد معامل ولا مصانع ولا جامعات ولا استثمارات ولا سياحة داخلية أو خارجية ولا فلاحة ولا صيد بحري ولا اقتصاد محلي قوي..
هنا يوجد فقط الانتظار والأمل في غد أفضل وطوابير العاطلين عن العمل والمكدسين في المقاهي المنتشرة كالفطر في إقليم حدودي كتلته السكانية ثابتة لأن البقاء في هذا الإقليم يتطلب إنسانا من طينة خاصة..
هنا توجد منطقة العقاب لكل المغضوب عليهم إداريا أو أمنيا أو عسكريا وحتى الذين جاؤوا طواعية أو التحقوا بعملهم لأول مرة في إقليمنا الحدودي، تنفذ لديهم رويدا رويدا تلك الطاقة العارمة التي جاؤوا بها لأول مرة ويبدأ البعض منهم في التملص من أداء واجبه والفرار إلى مدن كلميم أو أكادير لتخفيف الضغط النفسي المترتب من البقاء (هنا).
نحن نعيش في منطقة لازالت تنتظر جبرا جماعيا عن الضرر الذي لحق بها سنوات الحرب، فنحن لسنا أقل قدرا و شأنا من مناطق "اكدز " و"تازمامارت" التي لم تكن سوى سجون سيئة الذكر؛ ولسنا أقل قدرا من مدن "الصحراء النافعة" ولا يمكن لنا اليوم أن نكون فقط "جنود احتياط" كلما احتاجت إلينا جهة ما نأتي مهرولين متناسين البؤس الذي لازال يلفنا ويلف مناطقنا المنسية.
أما الذين يعتقدون أننا نرفل في النعيم فأنا أدعوكم لزيارتنا لتكتشفوا ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلوبكم يا دعاة الوطنية.