الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

عبد المالك احزرير: التجربة الحزبية المغربية مليئة بالسلبيات وأداؤها لم يتحسن

عبد المالك احزرير: التجربة الحزبية المغربية مليئة بالسلبيات وأداؤها لم يتحسن عبد المالك احزرير، أستاذ القانون العام بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس
كيف تنظر إلى تراجع دور الأحزاب السياسية خلال فترة جائحة كورونا، في ظل قلق المواطنين من ارتفاع حالات كورونا وتردي الأوضاع بالمرافق الصحية العمومية؟

كما تعلم، فإن العمل السياسي في ظل الجائحة هو عمل صعب ومعقد، فحتى الدول المتقدمة تكنلوجيا لم تهتد إلى السبيل لتدبير هذه الجائحة. فتدبير المخاطر كما نسميها في أدبيات العلوم السياسية أمر صعب جدا، علما أن هذه المخاطر تأتي غالبا بطريقة فجائية وتخضع إلى عوامل فنية وتقنية، مما يتعذر على رجل السياسة بكل أبعاده سواء كان حزبيا أو حكوميا، ولذلك فالأمر يتطلب عملا مشتركا لفاعلين ومتدخلين آخرين في مجالات متعددة مرتبطة بالتكنلوجيا، بالبيئة، بالتغيرات المناخية، بالأوبئة.. فهذا العمل هو عمل فني وتقني، وبالتالي فالتقنوقراط يكونون حاضرين بقوة في هذا المجال، فما كان خفيا أصبح ظاهرا اليوم، على أن التقنوقراط والفنيين والمختصين في مجالات متعددة، وحضورهم في مراكز القرار لمواجهة المخاطر أصبح مفروضا بقوة أكثر من الرجل السياسي، ولذلك لا نستغرب إذا وجدنا أن الأحزاب السياسية غائبة في هذا المجال.
فدور الأحزاب السياسية هو بلورة أجندة سياسية لطرحها في الانتخابات وهي تراهن على تحقيق الرفاه الاجتماعي وغير ذلك من المتطلبات، ولكن المواطنين اليوم لا يبحثون عن مزيد من الرفاه الاجتماعي سواء في ما يتعلق بالتعليم أو الرفع من مستوى العيش والرفع من الإنتاجية، بل إن المواطنون والرأي العام يبحثون منذ أكثر من 40 سنة عمن يخفف عنهم المخاوف من المستقبل، مثل المخاوف في اليابان وفي جنوب شرق آسيا من ارتفاع مستوى البحر في المدن الشاطئية وتهديده لمساحات ومدن كبرى، الجفاف وشح المياه كمعضلة كبيرة جدا تؤرق الرأي العام، التصحر وزحف الرمال على المناطق الجنوبية ببلادنا، وهي معضلة كبيرة ذات طابع فني لا تفقه فيها الأحزاب أي شيء. ولذلك أعتقد بأن على الأحزاب إذا كانت ترغب في خوض غمار الاستحقاقات الانتخابية أن تكون لها ازدواجية في الرؤية السياسية، حتى يكون خطابها السياسي واقعيا، وازدواجية فنية تتعلق بالتدابير التي يمكن للحزب أن يتخذها إذا كان في الحكومة على مستوى التغير المناخي، الجفاف، شح المياه الجوفية..
 
نظمت بعض الأحزاب السياسية ندوات وأنشطة في الفضاء الإفتراضي، فهل هذا يعد كافيا في نظرك في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب تداعيات جائحة كورونا؟ 

 الندوات والأنشطة الرقمية لا يمكن أن تلعب إلا دورا يسيرا، لأن الدورة الاقتصادية بكل بنياتها لا تعتمد على الرقمنة، علما أن الاقتصاد غير المهيكل يلعب دورا كبيرا في دول العالم الثالث، وفرض الحجر الصحي يعني القضاء على 80 في المائة من اقتصاد بلد معين، ولذلك فالحل ينبغي أن يكون تشاركيا بين مجموعة من الأطراف غير الفاعل السياسي، وعلى السياسي أن يبني مرجعيته الانتخابية على أساس برامج تقنية مستندا على آراء الخبراء.
إذاً مجال الخبرة حاضر الآن بقوة أمام التحولات التي يعرفها العالم (النمو الديمغرافي، شح المياه، التغيرات المناخية، التصحر، الخطر النووي، وأخطار أخرى تكنولوجية) لا يمكن أن يقف عليها السياسي وحده، بل يجب أن يشارك إلى جانبه الخبراء. إذاً الوضع يفرض على الأحزاب وضع أجندات سياسية جديدة مستقبلا وبناء حملاتها الانتخابية على معطيات واقعية - أمبريقية أكثر من ديماغوجية أو ايديولوجية.
 
 في ضوء التحديات التي تفضلت بطرحها، ماهي تداعيات هذا الوضع الذي نعيشه على الممارسة السياسية مستقبلا؟ 

 جوابا عن سؤالك، أشير إلى أن كتابا صدر أخيرا على ضوء الانتخابات الفرنسية، وعنوان هذا الكتاب هو «نهاية الأحزاب»، علما بأن التصويت خرج من جلباب اليمين ومن جلباب اليسار بفرنسا، وأخفق اليمين واليسار مع العلم أنهم كانوا يحتكرون الحياة السياسية منذ سنين، وهذا الأمر مرتبط بصحوة اجتماعية مرتبطة بالحراك الاجتماعي الذي أصبح يوظف التواصل الافتراضي وهو سلاح قوي لدى الحراكات الاجتماعية في أوروبا وفي كل الدول، والتواصل الذي كان يلعب دورا كبيرا لدى رجل السياسة اضمحل، وهي عوامل جديدة يجب على رجل السياسة أن يتعامل معها وإلا سيحكم على نهايته.
واذا كنا نتحدث بكل جرأة عن نهاية الأحزاب بفرنسا وفي البلدان الديمقراطية فما بالك بدولنا التي لا تتجاوز تجربتها في العمل الحزبي أكثر من 70 سنة، وهي تجربة مليئة بالسلبيات أكثر من الإيجابيات، ولم نشهد خلال الممارسة السياسية منذ عام 1962 إلى حدود اليوم أي تحسين للأداء الحزبي. فالكثير من المواطنين ينظرون إلى الأحزاب نظرة سلبية، لأن قادة هذه الأحزاب لم يتمكنوا من تحسين أدائها عبر مختلف التجارب البرلمانية المتعاقبة، ومحاربة بعض الظواهر الفاسدة في العمل السياسي، وتشبيب العمل الحزبي، اعتماد الشفافية في الانتخابات الداخلية خاضعة للقواعد والقانون الداخلي للحزب...إلخ.