الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

محمد أتركين : تعديل القانون غير المُفعل.. أزمة النص أم أزمة تَوقُعية النص؟

محمد أتركين : تعديل القانون غير المُفعل.. أزمة النص أم أزمة تَوقُعية النص؟ محمد أتركين
تساءل محمد أتركين الأستاذ الجامعي في المادة الدستورية عن أسباب لجوء المشرع إلى تعديل القوانين السارية وهي لم تطبق بعد؟ هل لأن زمن التطبيق والإعمال يكشف عن إغفالات لم تُستحضر أثناء كتابة النص؟ أم أن التطبيق يظهر عيوبا، لم يتم توقعها من قبل واضع النص؟
جاءت هذه التساؤلات ضمن وجهة نظر توصلت بها جريدة "أنفاس بريس"، فيما يلي النص الكامل:
 
"بداية، ماذا نقصد "بالقانون غير المُفَعل"؟ هو ذلك القانون النافذ، بحكم نشره في الجريدة الرسمية وغير المتوقف إعماله على مواعيد لاحقة محددة لسريانه، لكنه، لم يفعل قط؛ ومع ذلك، فإن المشرع يتدخل لتعديله، دون تجريبه بالمرة.
لتقريب هذا التمرين التشريعي "الاستثنائي" بحكم ملابساته، نقدم ثلاث أمثلة على ذلك:
- صدر القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، ونص، من ضمن أحكام أخرى، على تخصيص دوائر يتم الترشح فيها من قبل النساء حصرا، وقُبَيل الانتخابات المتعلقة بالجماعات الترابية (المجراة سنة 2015)، سيعدل المشرع القانون المذكور، القانون التنظيمي رقم 34.15، الذي سيأتي بأحكام مخالفة للأول، وهي التي ستعمل في الانتخابات المشار إلى تاريخها. وبالنتيجة، فإن أحكام النص الأول تم تعديلها دون أن يتم تجريبها قط؛
- القانون المنظم للمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، عدل نصه الأصلي (القانون رقم 81.15)، لا سيما مادته المتعلقة بحالة تنافي الأعضاء، بمقتضى القانون رقم 06.19، بالرغم من أن هذا المجلس لم ينصب بعد؛
- ويبقى المثال الأخير معبرا، ويتجسد في النقاش الدائر اليوم بإحدى لجان مجلس النواب بخصوص تعديل القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها (رقم 46.19)، والرامي إلى إحداث مراجعة للقانون الأصلي (رقم 113.12) الذي لم تفعل العديد من مقتضياته.
فلماذا يعدل المشرع، القوانين السارية وهي لم تطبق بعد؟ هل لأن زمن التطبيق والإعمال يكشف عن إغفالات لم تُستحضر أثناء كتابة النص؟ أم ان التطبيق يظهر عيوبا، لم يتم توقعها من قبل واضع النص؟ أم أن "صدقية" و"جدية" النقاش، مفتقدة خلال الإعداد، لتكون آلية التعديل، هي منقذ النص من تطبيق سيء له؟
من الصعوبة الإجابة عن الأسئلة الموضوعة، هكذا نظريا، في غياب معطيات تجريبية، ترجع كل حالة إلى العلة المتحكمة فيها...ومهما تكن الأسباب، الدافعة إلى التعديل، فإن القانون، إنما وضع لينفذ، وأن المفترض، في نصه كما روحه، أن يحملا خصائص الاستقرار والتوقعية الكفيلة باستقرار القواعد القانونية، أما أن يعدل النص، وهو في طور التجريد، فإن ذلك يطرح استفهامات بخصوص عمل المشرع، منهجه في الاشتغال، والغاية من سن القانون نفسه.