الأربعاء 24 إبريل 2024
منبر أنفاس

عبدالرزاق حمادشي: مبدأ الفوز والخسارة في الثقافة الرياضية المغربية

عبدالرزاق حمادشي: مبدأ الفوز والخسارة في الثقافة الرياضية المغربية عبدالرزاق حمادشي
تعالج هذه الدراسة بالتحليل والمناقشة موضوع يحتل مكانة محورية ضمن القضايا الرياضية الراهنة،وهو مقرون بمبدأ الفوز والخسارة في الثقافة الرياضية المغربية أو بالأحرى نظرة الجمهور المغربي للخسارة والفوز المؤطران للتنافس الرياضي،تمت مقاربة هذه القضية من خلال التطرق إلى ثلاث محاور كبرى بالإضافة إلى خاتمة،فأما المحور الأول فقد لامسنا من خلاله الإطار المفاهيمي المحدد للمبادئ العامة المؤطرة للنتائج الرياضية؛(الفوز والخسارة والتعادل) فهذا الثالوث لا محيد عنه في الحقل الرياضي،كما أن هذا المحور أسهب الحديث في الخصائص الفلسفية والمعرفية التي ترسم معالم الإنتصار /الهزيمة/التعادل مع تبيان أهمية كل ركن من هذه الأركان.أما المحور الثاني فقد تم تخصيصه لمبدأ الفوز في الثقافة الرياضية المغربية،والذي إستهدف إظهار مكانة الفوز في الثقافة الرياضية الوطنية عن طريق إبراز تفاعل الجمهور المغربي مع تيمة الإنتصار.بينما قارب المحور الثالث مبدأ الخسارة في الثقافة الرياضية المغربية،محاولا إستجلاء ومكاشفة مدى إنفعال وتفاعل الجمهور المغربي مع وقع الهزيمة،مع توضيح الأشكال السلوكية لهذا التفاعل.وفي مسك الختام/الخاتمة،تم وضع خلاصة عامة للموضوع لامست إشكاليات الثقافة الرياضية المغربية،مع الإسهاب في المسببات التي أدت إلى تباين التفاعلات العاطفية والتصورات الذهنية حول ثنائية الفوز والخسارة لدى الجمهور المغربي،وتم إختزال الأسباب في عنصري التعليم والإعلام،لإعتبارات زمنية.عموما حاولت هذه الدراسة إثارت هذا الموضوع وسبر أغواره من وجهة نظر بحثية تميل إلى التفلسف والمقاربة الإجتماعية والهدف من إعمال الطريقتان هو الإقناع والإفهام اللذان يشكلان منطلقان أساسيان لتتبيث الأفكار والمعارف في ذهن المتلقي
المحور الأول:التأصيل المفاهيمي للمبادئ العامة المؤطرة للنتائج الرياضية؛(الفوز،الخسارة،التعادل)
لا يختلف إثنان في كون الممارسة الرياضية تتمركز حول ثلاث أضلاع رئيسية لا غنى عنها،الفوز/الخسارة/ التعادل،ولكل متغير من هذه المتغيرات مسبباته و ملابساته الخاصة،فالفوز يقرن عادة بتحقيق نتائج إيجابية في المقابلات والملتقيات الرياضية التي يخوض غمارها الرياضي،فهو ثمرة عصارة جهده الذي بدله طوال سنين من التحضير والإعداد والقياس والتتبع والتقييم والتربصات،ويتخذ هذا الفوز صبغة تتويج بميدالية أو لقب معينين أو الإطاحة بخصم معين.والنتيجة المنبثقة عنه لا تهم بقدر ما تهم الفرحة التي تنتج عنه، أما الخسارة فهي حتى من الناحية اللفظية تشي بضياع شيء ثمين لم يقوى الإنسان على المحافظة عليه رغم سعيه الحثيث نحو ذلك،ويعزى هذا إلى إرتكاب خطأ معين أو غياب التركيز أو قلة التجربة والتنافسية أو الإحترام المبالغ فيه أو عدم إعطاء الشيء القيمة التي يستحق أو بفعل خارج عن كل هذه المؤثرات،مثل:التحيز التحكيمي،التغاضي عن إعطاء النقاط المستحقة،الطقس...وهذه وقائع نادرة الحدوث ولا يمكن التعلل بها في كل وقت وحين،لأنها تصبح متقادمة مع مرور الزمن،ويتبلور مصطلح الخسارة في الحقل الرياضي،من خلال خاصية الهزيمة التي تعصف بآمال الفرق وتنفر الجماهير من متابعة الأحداث الرياضية وتشكل مادة دسمة تتغنى بها أقلام الصحافيين الذين تتملكهم قرحة إزاء الرياضات المحلية،وهم يسعون من وراء ذلك إلى ممارسة النقد الإعلامي البناء،بغية تقويم ما أعوج وتصحيح المسار قبل فوات الآوان،فعنوان من قبيل "هزيمة نكراء تعرض لها الفريق الفلاني أو البطل الفلاني." ليس الهدف منه الإساءة إلى سمعة ومرجعية الفريق أو البطل،وإنما يتغيا محاكمة أداء الفريق أو البطل داخل الميدان،من خلال مكاشفة مكامن الخلل ومواضع العطب التي حالت دون أن يحقق الإثنين نتيجة إيجابية،في أفق مساعدتهما على تجنب تلكم الأخطاء مستقبلا،(إنتقاد الإعلام الإسباني لمنتخب بلاده،ساهم في تتويج إسبانيا بلقب كأس العالم لكرة القدم،عام 2010) بيد أن الخسارة كمكون رياضي،يحكم سير نسق المنافسات الرياضية،لا ينفك يتجسد في صور عدة هناك إجماع عام حولها من قبل الرأي العام الرياضي المحلي والدولي ،يمكن إجمالها فيما يلي: خسارة لقب أو ميدالية في منافسة معينة،خسارة الفريق في مباراة معينة،عدم محافظة الفريق أو البطل على مكتسبات حققها في السابق،خسارة صفقة إنتقال لاعب كرة القدم إلى نادي معين. كل هاته الصور وغيرها،تنم عن ما مدى قساوة الخسارة،فعلى الرغم من كونها تعتبر حقيقة مسلم بها في المجال الرياضي،إلا أن وقعها يظل كبيرا على نفسية اللاعبين والجماهير،فعبرها تتكرس مشاعر:الحزن،التذمر،البكاء،السخط،الغضب،الضجر...كما أنها كانت ولا تزال من العوامل المسببة لظاهرة الشغب في الملاعب الرياضية،فأما التعادل فيعد أخف الضررين،على إعتبار أنه يبقي الكفة متساوية بين المتنافسين ويساوي من الناحية النظرية بين مقدوراتهم المورفولوجية والبدنية،فهو يبقي آمال وحظوظ الفرق قائمة في التأهل إلى مراحل متقدمة من المسابقات الرياضية،وأنجى فرق عدة من الهبوط إلى الأقسام السفلى وإنتشل مدربين كثر من مقصلة الإقالة التي تلوح بها إدارات الأندية الرياضية،كلما تمادت الفرق في تحصيل النتائج السلبية،وفي ذلك تقزيم لدور المدربين،التعادل لا يختزل في هذه التوصيفات فقط،بل يتجاوزها فقد يسهم في خلق الإثارة والتشويق،عندما تشهد البطولات تساوي وتعادل في النقاط بين المتصدر والوصيف،مما يضاعف من حجم المشاهدات،لأن الجمهور بطبعه ميال إلى متابعة المنافسات الرياضية التي تعرف تنافسية وقتالية عالية المستوى.
المحور الثاني: مبدأ الفوز في الثقافة الرياضية المغربية
يعتبر الفوز أو الإنتصار،أهم ما يصبوا إليه الرياضي في طريقه نحو تحقيق المجد والبطولات،فالتميز وحب الفوز غريزة فطرية جبل عليها بنو البشر على إختلاف خلفياتهم وتباين أعراقهم.فالفوز يتبوء مقعد مهم لدى الجمهور الرياضي المغربي،لما يبث في نفسية هذا الأخير من إنشراح وإبتهاج وسرور منقطع النظير،يدفعه نحو الإحتفال من خلال إرتياد الأزقة والأحياء والساحات العمومية،ولا أدل على ذلك:الخروج الذي واكب وصول المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2018 بروسيا،هذا الحدث الذي غاب عنه الأسود منذ زهاء 20 سنة بحيث يعود آخر حضور مغربي بالمونديال إلى عام 1998 بفرنسا،وأيضا الإحتفالات التي رافقت تحقيق الرجاء البيضاوي لوصافة كأس العالم للأندية لكرة القدم نسخة 2013،كأول فريق عربي يصل إلى نهائي هاته المسابقة.هكذا تتجسد قيمة الرياضة بإعتبارها المتنفس الذي يلجؤ إليه الجمهور عندما تتعاضم مشاكله الإقتصادية والإجتماعية،في ظل فقدانه للثقة في الحقول الأخرى (السياسات العمومية بصفة عامة)،لأنها لا تستجيب لإنتظاراته بينما تقوم الرياضة بإشباع حاجاته الشعورية،وتعمل على التفريج عنه بواسطة تقديم مباريات مشحونة بهاجس التنافس على تحصيل الفوز،والتسويق لمغرب معطاء يضج بالطاقات والمواهب الصاعدة.فتتويج بطل مغربي في محفل دولي أو قاري يجر المتتبع للمجال الرياضي نحو الإفتخار به والإعتزاز به،لأنه حقق نتيجة وعطاء وفعل شيء لم يقوى السياسيون على فعله حتى.ففي السنون الأخيرة إستطاعت الرياضة المغربية أن تحقق نتائج وإن كان الجدال مازال قائم حول مدى إستجابتها لتطلعات الجمهور،إلا أنها على الأقل كونت قناعة لديه بأن الرياضة بإمكانها الوصول إلى أشياء لم تستطع باقي القطاعات الحكومية الوصول إليها،فهي تحتاج (أي الرياضة) فقط إلى القليل من الدعم والإهتمام ليس إلا.إن تنامي ظاهرة الولاء والتعصب للأندية،زادت من عشق الجمهور لهاته الأخيرة فهو يسعى دوما ليراها تعتلي القمم بإنتصارات متتالية،فالفوز في مخيلة الجمهور يعني بطريقة آلية التغني بسيمفونيات الإنتصار،وإستعراض العضلات أمام الخصوم،ويتم ذلك عن طريق تلاسن ومجادلة حبية تستهدف تعداد ألقاب الفرق والحصص التي فازت بها وإبراز لاعبيها وهلم جرا،إن هذه الظاهرة (أي ظاهرة التعصب) نؤاخذ عليها مجموعة من الملاحظات من أهمها؛إعتبار اللاعب الذي يغير قميص الفريق بقميص الفريق الغريم بالخائن (حالة الوداد والرجاء المغربيين نموذجا.) المشاهد الرياضي المغربي،عندما يشاهد رياضي مغربي يشارك في الألعاب الأولمبية والبطولات العالمية،فهو يتابعه بكل أحاسيسه ومشاعره ويتفاعل معه بكل جوارحه،فالمشاهدة عنده روحية تجعله منصهر في جو المنافسة ويمكن التدليل على ذلك ب؛تفاعل الجمهور المغربي مع مباريات الأسود عند تسجيل الأهداف.(معاينات حية من المقاهي) وفي خضم هذه المتابعة يمني الجمهور النفس بأن يرى علم بلاده يرفرف عاليا في سماء المحافل الدولية،فهذا في اعتقاده يحيل على الإفتخار والإعتزاز بوطنه الأم المغرب.الفوز أو الإنتصار وجهان لعملة واحدة لاتنفك تغادر ذهنية الجماهير المغربية،حتى اكتسبت صفة الإلزام،لأن المغربي بطبعه ميال إلى الدفاع عن وطنه وروح المواطنة لديه عالية ولديه غيرة كبيرة على بلاده ليس لها حد.
المحور الثالث:مبدأ الخسارة في الثقافة الرياضية المغربية
لا يجادل أحد في كون القطاع الرياضي،يحتمل الهزيمة كما يحتمل الفوز،فالإنتصار حقيقة بديهية في المنافسات الرياضية،والخسارة مسلمة متوافق عليها في التظاهرات الرياضية وإن تباينت عواملها ومرجعياتها،فقبول الخسارة يعد من أساسيات الروح الرياضية والقصد هنا عدم الإساءة إلى الطرف المنتصر أو التنكيل به من سب وقذف لفظي أو القيام بتخريب الممتلكات العامة أو الخاصة بسبب خسارة فريق ضد فريق غريم له،كما حصل عندما أقصى فريق الرجاء البيضاوي،نظيره الوداد البيضاوي في إطار مسابقة كأس العرب للأندية البطلة لكرة القدم دورة 2020،بحيث فور خروج أنصار الوداد البيضاوي من الملعب عقب إنتهاء مباراة الإياب،أطلقت طائفة من هؤلاء الأنصار العنان للشغب والنشل وتكسير السيارات وإيذاء المارة...نفس السيناريو وقع في ملاعب وطنية عدة،ويأتي كرد فعل عن خسارة تعرض لها فريق ضد فريق آخر وما يثير هذه النعرات هو إستفزاز جمهور الفريق الفائز لجمهور الفريق المنهزم،مما يتولد عنه شغب وعنف في المدرجات وخارجها يمكن أن يؤدي إلى سقوط قتلى ومعطوبين أبرياء لم يكن لهم لا ناقة ولا جمل في نشوب أحداث العنف،والساحة الرياضية المغربية حافلة بأمثلة عديدة من هذا القبيل؛أحداث الشغب التي وقعت في مركب مولاي عبدالله بالرباط وبوجدة...إن هذه الوقائع وغيرها تدل على تعصب مترسخ في العقلية الرياضية المغربية،يستحيل إزالته بسهولة، لأن إرهاصات عدة ساهمت في صياغته منها؛الإعلام،التعليم،نوعية القيم السائدة في المجتمع،التربية،أنماط العيش المختلفة داخل المجتمع الواحد...ذهب أحد النقاد الرياضيين العرب،إلى أن المجتمع العربي لم يرقى بعد إلى مرتبة المجتمع الرياضي،لأن الجمهور العربي لا يمتلك ثقافة الخسارة،هو يؤمن فقط بالفوز ولا شيء غيره ،يتبين من خلال هذه المطارحة أن أحادية الإعتقاد بحتمية الفوز تخيم على مخيلة الإنسان العربي،مما يجعله قنبلة موقوتة تتأهب للإنفجار كلما سمعت وشاهدت خسارة الفريق الفلاني أو البطل الفلاني،الجمهور الرياضي العربي عندما ينبذ الخسارة ويرحب بالإنتصار فهو يصيب في مقتل كنه الروح الرياضية،التي تستسيغ الفوز والخسارة لأنهما يحيلان على جوهر الممارسة الرياضية.هكذا إذن تتبدى أمامنا أهمية تشبع الجمهور الجمهور الرياضي بثقافة قبول الهزيمة،الإشكال لا يكمن عند هذه المحطة فقط من التحليل وإنما تبقى المصيبة متجلية في نظرية ذهب إليها الأستاذ بدر الدين الإدريسي ملخصها:<<أن العرب عندما يحققون إنجازا معين لا يعرفون كيفية المحافظة عليه،وإذا أخفقوا في تحقيق إنجاز معين لا يعرفون كيفية إستثمار هذه النكسة في أفق الحصول على نجاحات في المستقبل.>> وفي خضم هذه الدوامة اللامتناهية يغوص الجمهور الرياضي في معزوفة التمني وتسويق الأوهام والأحلام الوردية،فكيف لنا أن نقنع الجمهور بالصبر على الخسارة وهو الذي أنهكه توالي الهزائم والنكبات الرياضية (فشل المنتخب المغربي لكرة القدم في تحقيق لقب إفريقي ثاني منذ الأول الذي توج به عام 1976) أي ما يناهز 44 سنة من الإنتظار وطوال هذا الوقت إستنزفت مشاعر وأحاسيس الجمهور العربي والمغربي خاصة المتعطش للألقاب والتتويجات،التي غابت عنه لسنوات عدة.لهذا من اللازم علينا أن نلتمس للجمهور الرياضي المغربي العذر عند حديثنا عن مبدأ الخسارة في الثقافة الرياضية المغربية،ولكن هذا لا يمنع من مساءلة الذوق الرياضي المغربي الذي لا يقيم إعتبارا للهزيمة بالرغم من كونها من أساسات التنافس الرياضي.
تأسيسا على ما سبق يمكن القول،بأن الثقافة الرياضية بالمغرب تحتاج إلى تأهيل و تحيين،ولن يتحقق هذا الأمر من دون تكاثف جهود المؤسسات التعليمية والإعلامية،فلا يمكن بناء ثقافة رياضية معاصرة لدى الطلاب في ظل إنحصار مادة التربية البدنية في الأنشطة الحركية،في إغفال سافر للمكون النظري الذي يستهدف تنمية المعارف والمعلومات الرياضية لدى التلميذ المغربي،فكيف سنصنع تلميذ يمتلك ثقافة رياضية متكاملة؟ ومعظم أساتذة  التربية البدنية في البلد يركزون على أحادية النشاط الرياضي (كرة القدم أو كرة السلة أو اليد...) ومنهم من يسلم كرة القدم للذكور وكرة السلة للإناث ويأمرهم بالإنصراف للعب ويجلس هو على إيقاع الشاي المنعنع والأحاديث الثنائية،أبهذه الكيفية سنبني ثقافة رياضية لدى الشباب الصاعد،ناهيك عن المفاضلة التي يقوم بها بعض أساتذة التربية البدنية بين الإناث والذكور من حيث التقييم والتنقيط،بحيث يحتكمون إلى المعيار الجسماني وليس طبيعة الأداء وما مدى توافق حركات التلميذ المؤداة عضليا وعصبيا،يتم الإجهاز على كل هذه المحددات ليحل محلها عنصر البنية الجسدية (بدينة/،قصيرة،/،طبيعة الأرداف/ القامة...)،يرى الأستاذ والناقد الرياضي المغربي محمد الماغودي:"بأن أستاذ التربية الرياضية بالمغرب يحتاج إلى إعادة التكوين،على إعتبار أنه يكون عادة متخصص في صنف رياضي معين ويطلب منه تلقين الطلبة مختلف التخصصات الرياضية الأخرى،وبالتالي فهو ملزم بأن تكون ثقافته الرياضية واسعة وملم بالجوانب التقنية المؤطرة لكل الأنواع الرياضية،وهذا رهين بتحديث البرامج الإعدادية والتحضيرية والإمتحانات المتعلقة بولوج مهنة تدريس مادة التربية الرياضية." هذا من جهة،ومن جهة أخرى يلعب الإعلام الرياضي بمختلف صنوفه دورا محوريا في تنمية الثقافة الرياضية المغربية من خلال تناوله لموضوعات وقصصات صحفية،توثق لأهم الأحداث الرياضية وتفسر وتحلل أهم الظواهر والمستجدات التي تعثري المشهد الرياضي المحلي والدولي وتقدم معلومات حول أبرز نجوم الرياضة،وتقرب المتلقي من أهم المشاكل التي يتخبط فيها المجال الرياضي عن طريق الإستعانة بخبراء وباحثين يعملون على محاولة صياغة مقترحات حلول بديلة لهذه المنغصات،وإجمالا نستطيع القول بأن الإعلام هو في شموليته محاولة إحداث أثر،هذا الأخير قد يكون موجبا كما قد يكون سالبا،فالإعلام الرياضي المغربي لطالما كان يركز في تغطياته الصحفية وقصصاته الإخبارية على كرة القدم،وكأن الرياضة تختزل في الجلد المدور،أمام هذه المعضلة صرنا أسيرين لتيمة "كروية المشهد الرياضي المغربي." كما ذهب إلى ذلك الأستاذ منصف اليازغي في إحدى ندواته الإفتراضية ،أي أن المتلقي المغربي لرسائل ومواد الإعلام الرياضي لا يحيد عن كرة القدم،فغيرها من الرياضات لا يعني له شيء،كرة القدم بالنسبة له وهذه قناعة زكاها في عقليته الإعلام حتى أضحت قاعدة تكتسب صبغة الإلزام،هكذا تقلصت الرياضة في نشاط بدني إسمه كرة القدم،فكيف لنا أن نتصور إمتلاك الجمهور لثقافة رياضية رفيعة؟ هذا ضرب من الجنون،والواقع يشهد على تجذر أحادية النشاط الرياضي في الذهنية المغربية.ولتجاوز هذه المطبات يتوجب على الدولة التخلص من النظرة الدونية التي تنظر بها إلى القطاع الرياضي،فهي تدخله في مصاف الأشياء الثانوية والموجهة إلى الترفيه،مع العلم أن الرياضة تعد قطاعا إقتصاديا قائما بذاته،لو جرى إستغلاله وتوظيفه بشكل منظم وهادف سيؤدي إلى تنمية موارد الدولة المالية من خلال المداخيل التي سيضخها في موازنتها العامة،كما سيوفر فرص للعمل للعديد من الشرائح الأجتماعية،وبالتالي سيقلص من معدلات الهجرة غير الشرعية في صفوف الشباب،وسيخفض من معدلات البطالة وهكذا سيحسن من وضعيتهم الإجتماعية والإقتصادية،إذن الرياضة قطاع إستراتيجي وحيوي يجب التركيز عليه كقاطرة تنموية ومحرك للإقتصاد الوطني وليس وجه من وجوه التسلية والمتعة.فهل يا ترى ستعيد الدولة الإعتبار للحقل الرياضي في القادم من السنوات أم أنها ستواصل العزف على موال الإهمال واللامبالاة؟
عبدالرزاق حمادشي،مجاز في القانون العام،باحث في الشأن الرياضي،مدون رياضي