الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

حسن برما: التعليم بين البعد والحضور.. استنساخ لقرار فرنسي مشبوه

حسن برما: التعليم بين البعد والحضور.. استنساخ لقرار فرنسي مشبوه حسن برما
قرار منظمة الصحة العالمية المتفائل يطلب منا انتظار زوال الجائحة خلال مدة عامين علي الأقل، ووزارة التربية المسماة وطنية خطأ تقول لنا روحوا عوموا في بحركم والتزموا بأداء واجبات التمدرس المعلول!
من المعلوم عند دهاقنة القانون وسماسرة لي عنق الحقيقة العادلة، إذا أردت إفشال أي قرار اجعله اختياريا وغير إلزامي .. وهذا ما قامت به الوزارة المصونة بتعويم القرار وعدم الحسم فيه حتى يسهل التلاعب به واختراقه من كل الثقوب وتحميل مسؤولية الفشل للطرف الأضعف في المعادلة غير العادلة أي المواطن المغلوب على امره، العرض التربوي عندنا خاضع لمنطق تناولوا بأيديكم كما شئتم ولكن دعونا نسلخ جيوبكم كما نشاء ويشاء جشع الباطرونا ولهطة عميان التربية والتعليم.
قرابة منتصف ليلة السبت 22 غشت 2020 ــ وسيرا على الموضة الجديدة للحكومة الدائخ نقول شهر أغسطس ــ نشر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في صفحته الفايسبوكية هذا الكلام : ( ...)  اعتماد "التعليم عن بعد" كصيغة تربوية في بداية الموسم الدراسي المقبل والذي سينطلق في 7 شتنبر بالنسبة لجميع الأسلاك والمستويات بكافة المؤسسات العمومية والخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية، مع توفير "تعليم حضوري" بالنسبة للمتعلمين الذين سيعبر أولياء أمورهم عن اختيار هذه الصيغة." 
بعد قراءة البلاغ الغريب نقول للسيد رئيس الحكومة أن التلكؤ في اتخاذ القرار الحاسم ورمي الكرة في مرمى أولياء الأمور هو  قرار اعتباطي عشوائي وبمثابة إشعال حرب أخرى بين أرباب ومديري مؤسسات التعليم الخصوصي الذين سيرغمون الآباء على توقيع وثائق الموافقة على حضور أبنائهم بهدف شرعنة مطالبة أصحاب الشكارة بالواجبات الشهرية..
التعليم عن بعد والتعليم الحضوري بمواقفة الأولياء قرار ملغوم في مصلحة التعليم الخصوصي، فكيف يكون التعليم متكافئا بين الحضور والغياب؟ وبالتالي فإن مثل هذه القرارات الجبانة و"القوالب" السباعية لن تكون سوى في مصلحة أرباب المؤسسات الخاصة.
وبعد الذي سبق، وأنا أتابع ظهور وزير التعليم المغربي في أخبار الأولى، أزلت عن رأسي قبعة مدير متقاعد يعرف جيدا خروب تعليم بلاده، افترضت حسن النيات ، حاولت التمسك بالموضوعية ، لكن الخلاصة المفيدة التي تكرست في بالي هي أنه لم يقدم جديدا على بلاغ منتصف ليلة السبت، استمر يخبط خبط عشواء لتمرير ما لا يمرر بلغة خشبية تهتم بملء البياض بكلام مكرر، وابتعد قدر الإمكان عن مقاربة مشكل التعليم الخصوصي والتعبير بجرأة عن ابتزاز أربابه ومدرائه بفرض مبالغ تسجيل خيالية لا تعريفة محددة لها.
للذكرى، ما زلنا لم ننس حقارة رب مؤسسة خاصة،  وما زلنا نتذكر تهديد بعض أصحاب الشكارة لآباء وأولياء التلاميذ، وحين يتملص السيد الوزير من مسؤوليته التربوية والأخلاقية ويرفض الحسم والتدخل في السومة والمقابل الشهري وما اعتبره هو علاقة بين الآباء والمؤسسة الخاصة فهذا يفتح الباب أمام مواصلة استغلال الكثير من الخواص لجيوب المواطنين ..ونحن ما زلنا نتذكر أيضا وقفة الوزير الاحتجاجية على المؤسسة التي كانت تدرس أبناءه على ارتفاع واجبات التسجيل الخاصة.
أوكي سنتابعك في لغوك أدادا الفاهيم، لنفرض جدلا أننا اقتنعنا بجدوى الاختيارين في زمن الجائحة، فيما يخص التعليم عن بعد، هل تعلم كم عدد المتمدرسين والمتمدرسات في البوادي المغربية العاجزين عن التعلم بالوسائل التقنية المعلوماتية؟ هل تتجاهل فقر الكثير من الأسر والتي لا تستطيع توفير الحواسيب أو الهواتف الذكية ومساعدة أبنائهم على الاستفادة من الدروس الملقاة مع صبيب بطئ ومتقطع يصيب الكبار كما الصغار بأمراض التوتر والكآبة وصداع الرأس؟ 
وفي حالة الموافقة على التعليم الحضوري هل سيتم إلزام الأسر بتقديم أبنائهم للفحص الخاص بكورونا كل أسبوع وتبرير سلامتهم الجسدية بتقديم شواهد طبية غالية التسعيرة؟ ذلك أن الحفاظ على الأمن الصحي داخل المؤسسات التربوية يفرض بروتوكولا يصعب تطبيق جميع بنوده نظرا لتكلفته الباهظة واستحالة الالتزام به في كل الظروف والجغرافيات.
كما أني لا أستطيع منع نفسي من التعجب والاستغراب بسبب كيل الوزارة بمكيالين، تركوا الدخول المدرسي في توقيته وأجلوا الامتحان الجهوي للسنة الأولى .. لماذا؟! لأن الدخول المدرسي سيسمح لأرباب المدارس الخصوصية بتحصيل أموال واجبات التسجيل وواجبات الشهرية وأثمان الكتب والمقررات المستوردة، فيما لا أرباح مالية من الامتحان الجهوي، قرار تحديد موعد الدخول في مصلحة أصحاب الشكارة بالدرجة الأولى، وقرار تأجيل الامتحان صدمة أخرى تنضاف لتحطيم نفسيات أبنائنا الذين قضوا شهور الصيف في الإعداد لامتحان قد يأتي ولا يأتي.
ختاما لابد من جر أذن الوزير أمزازي وتذكيره أن التعليم كما الصحة والسكن والعمل من حقوق الإنسان الراسخة ولا يجب المتاجرة بها، فالمادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 تؤكد على ضمان الدولة لكل شخص حقه في التعليم مع ضمان مبدأ المجانية، بقولها: "لكل شخص الحق في التعليم، ويجب أن يوفر التعليم مجانا على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية ويكون التعليم الأساسي إلزاميا، وأن يكون التعليم الفني والمهني متاحا للعموم".