الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

الحسين العمراني يحكي سيرة الفرسان والخيل والإسطبلات بالمغرب

الحسين العمراني يحكي سيرة الفرسان والخيل والإسطبلات بالمغرب الملوك الذين تعاقبوا على حكم المغرب اهتموا بتشييد وبناء إسطبلات الخيل بمواصفات هندسية و معمارية
أعد الزميل الحسين العمراني حلقة متميزة من برنامج "حصاد الأرض" تناول من خلالها موضوع "الإسطبلات والخيول" التي قدمتها القناة الأمازيغية الثامنة ليلة الأربعاء 13 ماي 2020، حيث استضاف فيها عدة متخصصين وباحثين ومؤرخين وتقنيين وبياطرة وشخصيات تربطها علاقة وثيقة بالخيل والإسطبلات وكل ما يتعلق بفنون الفروسية.
أغلب المتدخلين في حلقة "الإسطبلات والخيول" أكدوا أن "أرض المغرب عرفت الخيل تاريخيا قبل 3000 سنة". لذلك لا غرابة إن "ظل الحصان البربري رمزا تقليديا يعكس تراث وثقافة المغرب". وعشق الحصان البربري في المغرب مرده إلى مواصفاته وصفاته "يتحمل المشاق، وله قدرة كبيرة على التحمل، سريع الركض والجري"، بل أن هناك شهادات تحدثت عن "قدرة الحصان البربري على الإمساك بالغزالة جريا"، حسب المتدخلين في حلقة البرنامج.
وأكد ضيوف البرنامج أن "الخيول قد استعملت في ألعاب السيرك بروما، واستعملت كذلك أحسن خيول السباق". وعبر هذا المسار التاريخي انتقلت شهادات الضيوف لتتحدث عن فترة " المولى إدريس الثاني الذي أحضر معه للمغرب 500 فارس عربي بخيولهم العربية والبربرية". حيث سيعتمد المغرب على "الحصان البربري لتطعيم القطيع وتناسله لأنه حصان عريق و مصدر ظهور العديد من السلالات العريقة والمرموقة.. له قيمته التاريخية التي اكتسبها بفعل مواصفاته وجودته العالية... الحصان البربري سهل وقوي، يؤدي دوره كما يجب في الميدان...(لا يخجل الفارس) ويتجاوب مع راكبه بكل سلاسة".
برنامج "حصاد الأرض" تفوق جدا في الانتقال من الحديث عن الخيول إلى الإسطبلات التي تشكل ذاكرة تاريخية وعمرانية في علاقة مع ثقافة الخيل التي تعتبر مقياسا حقيقيا لتطور تربيتها في العصر الحالي "عرف المغرب مرابط الخيول في عهد الدولة المرينية" يؤكد ضيوف الزميل الحسين العمراني.
وحسب المتدخلين فمرابط الخيل تشهد على أهمية عصر المرينيين على مستوى تشييد "إسطبلات الخيل" بكل من  شالة بالرباط أو بفاس الجديد وفاس البيضاء، فضلا عن فترات تاريخية أخرى يمكن إجمالها في فترة " المرابطين والموحدين والسعديين ثم عصر الدولة العلوية التي ارتقت بمفهوم المرابط والإسطبلات في علاقة بفرق الخيالة والجيش".
في سياق متصل أكدت الشهادات أن "ملوك الدول الذين تعاقبوا على حكم المغرب كلهم انكبوا على تشييد وبناء إسطبلات الخيل بمواصفات هندسية و معمارية تلبي شروط الحماية والرعاية، وكان أكبرها يسمى بـ (قصر الخيل) شيد في عهد المولى إسماعيل ، حيث يتسع لإقامة 12000 حصان وفرس ومازالت آثاره تدل على عظمة هذا الإسطبل بأقواسه وأقبيته".
ووصفت عظمة هذه المعلمة التاريخية حسب ضيوف الزميل الحسين العمراني بالقول بأن "معلمة السلطان مولاي إسماعيل المتخصصة في تربية الخيول تعد أكبر إسطبل في تاريخ الإنسانية، حيث أن في هذه المرحلة التاريخية تم بناء مربط كبير للخيل يضم مجموعة من الفضاءات والمرافق التي تأوي الخيول والبغال، وتستعمل كمستودعات لتخزين المؤونة والعلف والسروج. وجانب أخر خصص لدار الماء وتضم عدة آبار ودواليب لرفع الماء وإيصاله للصهريج".
الشركة الملكية المغربية لتشجيع الفرس
المغرب اعتمد على إستراتيجية وطنية في مجال تربية الخيول حيث أسس سنة 2003 الشركة الملكية المغربية لتشجيع الفرس وهي مؤسسة تابعة لوزارة الفلاحة  تشرف على 5 مرابط للخيل مهمة جدا بكل من وجدة و مكناس والحاجب و بوزنيقية والجديدة . وأفاد بعض المختصين من ضيوف حلقة البرنامج بأن "أقدم مربط تم تشييده سنة 1912 بمدينة مكناس  على مساحة تقدر بـ 67 هكتار"
وتحدث ضيوف الزميل الحسين العمراني عن مهام المرابط و مسئوليات أطر الحريسة التي تتلخص في " تطوير الخيول وتوفير أجود الفحول قصد إنتاج جياد ذات جودة عالية والعمل على إنتاج سلالة الصنف البربري والعربي البربري نظرا لقيمته التاريخية والرمزية". فضلا عن اشتغال مركز التناسل حسب بعض المتدخلين على "التلقيح الاصطناعي للأفراس".
تشغل المرابط موارد بشرية مهمة تقوم بعدة أدوار من خلال برنامج أسبوعي يرتكز على عدة خدمات مثل "النظافة داخل الإسطبلات واستحمام الخيول وتقديم الأعلاف، ومراقبة الجانب الصحي، وتوفير الشروط الملائمة لرفاهية الخيل...". هذا بالإضافة إلى أن كل المرابط تتوفر على "مساحات شاسعة معشوشبة تستعمل فضاء للركض والجري والمتعة ومتنفس لحرية الفرس وهي تراقص وتداعب مهرها بنخوة".
مصحة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة
حلقة البرنامج أعطت أهمية كبيرة للجانب الصحي للخيول بحيث "تعول المرابط كثيرا على تدخلات مصحة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة لتقديم العلاجات المستعصية لفائدة الأفراس والخيول، على اعتبار أن المصحة يشرف عليها بياطرة متخصصين يضمنون تتبعا منتظما لفترة العلاج حسب نوع التدخل الذي يفرض فتح ملف طبي للقيام بالفحوصات بالأشعة والتحاليل المطلوبة، وتشخيص المرض وتقديم وصفة الأدوية فضلا عن القيام بالعمليات الجراحية المطلوبة وفق معايير وشروط علمية وطبية".
علو كعب المغرب في ميدان تحسين سلالة الخيل
فرسان الخيل بالمغرب يستعملونها في العديد من الألعاب الرياضية والفنية والجمالية، ويشاركون بها في منافسات قوية "هناك خيول القفز على الحواجز، وخيول الجمال، وخيول السباق، وخيول التبوريدة " وحسب شهادات ضيوف حلقة "الإسطبلات والخيول" فالمغرب "يتوفر على حظوة ومكانة مهمة على المستوى العالمي حيث يحتل المرتبة الثانية عالميا بعد تركيا ويتربع في خانة أرفع المستويات العالمية على اعتبار أنه ينافس الدول الكبرى في مجال تحسين سلالة الخيل".
وتاريخيا يشهد للمغاربة باهتمامهم وولعهم بالخيول وتربيتها ورعايتها داخل إسطبلات مخصصة للأفراس والخيول، ويتنافسون على اقتناء أجودها للمشاركة بها في المنافسات والتظاهرات والمهرجانات وطنيا ودوليا. لهذا الغرض انتشرت عدة إسطبلات مخصصة للتربية والاستيراد
وأوضح أحد المسئولين في حديثه عن المرابط المتواجدة بمكناس وعين عودة وبوزنيقة بأن مربط "أكوراي" بالحاجب يعتبر من "المرابط المهمة في تربية الخيول حيث أن موقعه الاستراتيجي بسبب العلو ساعد في تجويد تربية الخيول لأنها تحب المناطق المرتفعة مثل العدائين الذين يمارسون أنشطتهم الرياضية في المرتفعات لاكتساب طول النفس...المربط يضم الخيول العربية الأصيلة والانجليزية الصغيرة ويضم 200 رأس من الخيول "
نفس الشيء يمكن قوله على مربط بوزنيقة الذي تأسس سنة 1994 وسط القصبة على مساحة تقدر بـ 8 هكتارات حيث تم إعادة تهيئته وبناء 100 حجرة.
فن ترويض الخيل
مجال آخر له أهميته في تربية الخيل ويتعلق الأمر بفن ترويض الخيول هو "أسمى تعبير عن تدريب الخيول، مع العلم أن سلوك الخيل صعب جدا، و الترويض يرتكز على مهارات وذكاء الفارس الذي تربطه علاقة خاصة مع الحصان بفعل حركاته التي تبقى محفوظة في ذاكرة الحصان، حيث أن المروض/ الفارس/ السائس يشتغل على سلوكيات الخيل وتوجيهها وفق ضوابط الحرية والقفز والجولات والإشارات والكلام. لأن العلاقة القائمة بين السائس الذي يروض الخيل تنبني على لغة الحوار و كسب الثقة وامتلاك لغة التفاهم والمعاملة".
المعهد الوطني للفرس الأمير مولاي حسن
 المعهد الوطني للفرس الأمير مولاي الحسن يعتبر أول معهد على الصعيد الإفريقي أسس سنة 2013 على مساحة 7 هكتارات، يضم متحفا خاصا بالفرس وثقافة الفروسية وتعرض فيه كل ما يرتبط بمستلزمات فنون التبوريدة، فضلا عن مرافق وقاعات وأروقة للعرض ومحارك تطبيقية، ومحارس الصفيح وحرف تراثية ( الحدادة ـ السراجة العصرية ...) و يختص في تكوين الطلبة في ميدان الفروسية وثقافتها وحرفها. استقطب المعهد 120 طالب (ة) يستفيدون من تكوين بيداغوجي وتطبيقي.
الألبسة التقليدية تناولها البرنامج كموروث تراثي له ارتباط وثيق بفن التبوريدة التي تعد استثناء في العالم، وتعكس العلاقة الوثيقة القائمة بين التراث وغنى الصناعة التقليدية التي تشتغل على مستلزمات الفارس والفرس. 
 
 
 
 
ملاحظة : حلقة "الخيول والإسطبلات" من برنامج "حصاد الأرض" اشتغل عليها فريق عمل محترف ومتخصص في المجال يتكون من:
المصور :عبد الناصر بووالي
المونطاج :  إلياس ٱزر 
إخراج : سعيد ٱزر
إعداد الحسين العمراني