الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

"كورونا" يورط حكومة سانشيز: مختبرات إسبانية تشكك في دقة أجهزة كشف الإصابة جلبتها مدريد من الصين

"كورونا" يورط حكومة سانشيز: مختبرات إسبانية تشكك في دقة أجهزة كشف الإصابة جلبتها مدريد من الصين عبد الكريم داودي، وغلاف صحيفة (إلباييس)
بات من الواضح أن التداعيات السياسية التي ينتجها الفيروس الفتاك (كوفيد 19)، على مستوى أداء الحكومات في العديد من الدول، ستكون مزلزلة في الأمدين القصير والمتوسط، وخاصة في البلدان الأوروبية مثلما هو الحال في المملكة الإسبانية التي أضحت تسجل أسرع تفشٍّ للوباء في أوروبا.
ففي سياق جهودها المتواصلة على قدم وساق لإحتواء إنتشار العدوى أكثر مما هو حاصل حتى الآن، والتقليل وفق الإمكانيات المتاحة حاليا من الخسائر البشرية المرعبة، اقتنت مؤخرا الحكومة الإسبانية التي يقودها بيدرو سانشيز، من الصين معدات طبية عبارة عن 9000 وحدة مخصصة للإختبار السريع للكشف عن حالات الإصابات المؤكدة بفيروس (كورونا) القاتل من عدم وجودها في أوساط عموم المواطنين الإسبان، والمقيمين الأجانب من مختلف الجنسيات وعلى رأسهم أفراد الجالية المغربية.
غير أن حكومة بيدرو سانشيز وجدت نفسها في ورطة حقيقية لم تخطر على بالها في هذا الظرف المأساوي، ولم تكن تتوقع أن تُوَاجِهَ معارضة شرسة بخصوص جلب المعدات الطبية من الصين، وخاصة من ذوي أهل الإختصاص في علم الفيروسات المعدية والميكروبات القاتلة للبشر. 
وتتزعم هذه المعارضة كبريات المختبرات الإسبانية ذات المصداقية والسمعة المهنية في مجال تخصصها، والتي كشفت في خلاصاتها العلنية أن هذه المعدات الطبية الصينية "غير دقيقة" و"عديمة الفعالية" بشكل علمي ملحوظ، ولا تقدم المساعدة الملموسة لجهود السلطات في التعاطي الناجع والسريع مع تداعيات هذا الظرف الوبائي الطارئ وغير المسبوق في تاريخ إسبانيا وأوروبا والبشرية.
وتوضح هذه الخلاصات التي نشرتها المختبرات الإسبانية المعنية بالموضوع على نطاق واسع، أن "نسبة دقة تلك الوحدات المقتناة من الصين، والمخصصة تحديدا للإختبار السريع للكشف عن الإصابات المؤكدة بالفيروس (كوفيد 19)، لا تتجاوز بالكاد 30 %، بينما المؤمل في تلك الإختبارات أن تفوق نسبة دقتها وفعاليتها 80 % على الأقل".
هذه المعطيات الخطيرة التي كشفتها صحيفة (إلباييس) واسعة الإنتشار في الساعات المتأخرة من ليلة الأربعاء (25 مارس 2020) على منصتها الرقمية، وخصصت لها مساحة كبيرة في عددها الورقي لنهار أمس الخميس (26 مارس 2020)، تحولت بسرعة البرق إلى مادة خبرية من الدرجة الأولى في معظم الإذاعات والتلفزيونات والمواقع الإخبارية الوطنية والجهوية والمحلية في البلاد.
 
 
كما أشعلت هذه القضية الحساسة مواقع التواصل الإجتماعي وبخاصة موقع التغريدات (تويتر) الذي انفجر بآلاف التعليقات اللاذعة والإنتقادات القاسية لأداء حكومة بيدرو سانشيز، وهي "انتقادات مبررة إلى حد كبير بسبب حساسية الظرفية الصحية بالبلاد التي تعاني الأمرين من جراء جائحة (كورونا) التي أنهكت كل تفاصيل الدورة الإقتصادية والصناعية والتجارية والإجتماعية، وفرضت واقعا جديدا في المجتمع برمته" كما يشرح العديد من المحللين السياسيين والإعلاميين الإسبان في تدخلاتهم في البرامج التلفزيونية والإذاعية المباشرة التي لا تتوقف على مدار الساعة.
وعلى خلفية خطورة هذه القضية في سياقها الوبائي الحالي، وتزايد وتيرة عداد القتلى والإصابات المؤكدة بالفيروس في مختلف مساحات خريطة إسبانيا، لم يسلم وزير الصحة، سلفادور إيا، من مطرقة مساءلة الفرق البرلمانية في "لجنة المتابعة/كوفيد 19" التي اجتمعت نهار أمس الخميس، وهي المساءلة التي ستضيف مزيدا من الضغط الشعبي على الحكومة في مختلف جهات وأقاليم البلاد التي تشهد أسرع تفشٍّ للوباء في أوروبا، وجاءت بعد الولايات المتحدة الأمريكية في عدد الحالات الجديدة المبلغ عنها رسميا.
ومع ارتفاع نسبة التفاعل المؤسساتي والشعبي مع موضوع على درجة عالية من الحساسية والتأثير المباشر على الأمن الصحي القومي الإسباني، خرجت سفارة جمهورية الصين الشعبية المعتمدة في العاصمة مدريد عن "صمتها" إزاء هذا النقاش (الإسباني/الإسباني) الحاد حول "سمعة ومصداقية صناعتها ومنتوجاتها الطبية المتخصصة".
وفي هذا الإطار، حَمَّلَت السفارة الصينية "الحكومة الإسبانية المسؤولية الكاملة في إقتناء تلك الوحدات المخصصة للإختبارات من شركة (BioEsay) الغير مرخص لها من الحكومة الصينية"، وفق ما جاء في تغريدة نشرتها السفارة على حسابها الرسمي على "تويتر".
وبسبب كل هذا التراشق (الإسباني/الصيني) الذي حصل حول معدات كشف الإصابات المؤكدة بالفيروس الفتاك وغير المرئي، فلن يكون أمام وزارة الصحة الإسبانية سوى إعادة هاته السلعة الطبية "الفاسدة" لأصحابها الصينيين.
ومن المنتظر أن تكشف الصحافة الإسبانية مزيدا من التفاصيل حول هذه القضية. وقد نشرت مواقع إلكترونية، مساء أمس الخميس، عدة مواد إخبارية جديدة أفادت بأن "وزارة الصحة الإسبانية تعاملت مع موزع إسباني قام بالعملية مع الشركة الصينية (BioEsay)".
وبحسب آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة الإسبانية، ارتفع عدد الوفيات بفيروس (كورونا) في البلاد إلى 4858 وعدد المصابين إلى 64059.
وتعيش إسبانيا حاليا واحدة من أحلك لحظاتها في تاريخها الحديث، ولا سيما مع ارتفاع عدد القتلى يوميا، لتصبح في موقع متقدم بالمقارنة مع إيطاليا في انتشار الوباء.
 
 
يحدث كل هذا التطور الكارثي في الجارة الإيبيرية المنكوبة، في وقت تسلمت فيه الرباط (يوم 23 مارس الجاري) ما مجموعه 5000 كاشف لفيروس (كورونا) تبرعت  بها الشركات الصينية العاملة في المغرب والجالية الصينية المقيمة في المملكة.
على سبيل الختم: نتمنى صادقين أن تتحقق وزارة الصحة المغربية من فعالية ودقة هذه المعدات الصينية الكاشفة، قبل التأشير على البدء في استعمالها، حماية لصحة وسلامة كل المواطنين المغاربة والمقيمين الأجانب في المملكة.
وحده مختبر "معهد باستور" بالدار البيضاء، المشهود له بالكفاءة المهنية في هذا المجال العلمي، من يملك الإجابة الحصرية على سؤال فعالية علامة صناعية تغزو العالم تحت إسم (ma in china)؟!