الخميس 1 يناير 2026
منوعات

من حلم الثراء إلى كابوس الفقر.. قصص ضحايا JMO تكشف شبكة نصب إلكتروني والضحايا لاحصر لهم

من حلم الثراء إلى كابوس الفقر.. قصص ضحايا JMO تكشف شبكة نصب إلكتروني والضحايا لاحصر لهم صورة تعبيرية عن ندم ضحية بعد الاحتيال عبر الهاتف
في شقة صغيرة بحي شعبي، تجلس خديجة، أم لثلاثة أطفال، تحاول عبثا الدخول إلى حسابها في تطبيق JMO الذي كان قبل أسابيع فقط "مشروع العمر".
كلما ضغطت على الأيقونة، ظهرت لها رسالة باردة تخبرها بأن حسابها "قيد المراجعة الحكومية"، قبل أن تُحوَّل إلى رابط غامض يطلب منها إعادة التسجيل برقمها نفسه.
بدأت حكاية خديجة حين شاهدت مقاطع لمؤثرين مغاربة يمتدحون التطبيق ويقدمونه كفرصة "للربح السريع من الهاتف".
باعت جزءا من حليها الذهبية وجمعت ما استطاعت من مدخرات، ثم أودعتها في التطبيق وهي تتابع الأرقام ترتفع في خانة "الأرباح اليومية".
“كنت أحلم أن أسدد ديوني وأسجل ابني في مدرسة خاصة”، تقول وهي تقلب في صور “سكرين شوت” تحتفظ بها كدليل على وعود الشركة.
في صباح اليوم المشؤوم، حاولت خديجة الدخول إلى حسابها فلم تجد سوى رسالة تطلب الانتقال إلى موقع جديد بدعوى “دمج البيانات ومراجعة الحكومة للمنصة”.
اللغة الركيكة للرسالة وذكر “إشعار من الحكومة المغربية” لم يمنعاها من التصديق، ظنا منها أن الأمر إجراء رسمي لحماية أموالها. بعد ساعات، أدركت أن التطبيق اختفى فعليا وأن رصيدها أصبح مجرد أرقام سابقة في لقطات شاشة لا قيمة مالية لها.
في مجموعات على “واتساب” و“فيسبوك”، تجد خديجة اليوم عشرات القصص المشابهة؛ شاب عاطل استدان ليدخل “الاستثمار”، وطالب جامعي وضع منحة دراسته في المنصة، وآباء راهنوا على “مضاعفة المدخرات”.. الجميع يجمع على تفاصيل متشابهة: إغلاق مفاجئ للحسابات، توجيه إلى روابط جديدة، ووعود مبهمة بـ“المراجعة الحكومية” أو “التحديث الضريبي” قبل الاختفاء التام.
بعض الضحايا يقولون إن استعمال اسم الدولة كان النقطة الفاصلة التي جعلتهم يشعرون بأنهم تعرضوا ليس فقط للنصب، بل لاستغلال ثقتهم في مؤسساتهم.
ويشرح خبير في الأمن الرقمي أن هذه المنصات تعتمد نموذجا قريبا من “التسويق الهرمي/الشبكي” و“مخططات بونزي”، حيث تُموَّل أرباح القدامى من أموال الجدد إلى أن ينهار البناء بالكامل، ويؤكد أن الحديث عن “مراجعة حكومية” أو “تحديث ضريبي” هو غالبا آخر فصل قبل الإغلاق النهائي وهروب المشغلين، وهي حيلة تكررت في منصات أخرى استهدفت المغاربة مؤخرا.
ويلفت الخبير التقني الانتباه إلى أن اللغة الرديئة في الرسائل، وغموض هوية الشركة، وغياب ترخيص واضح، كلها مؤشرات كان ينبغي أن تدق ناقوس الخطر مبكرا
إن ما وقع لخديجة وآلاف الضحايا يدخل في خانة “النصب الإلكتروني المنظم”، مع تشديد العقوبات في حال تعدد الضحايا واستعمال وسائل تقنية للإيقاع بهم، ويبقى للضحايا الحق في التقدم بشكايات جماعية مرفقة بكل الأدلة الرقمية: التحويلات البنكية، المحادثات، الصور، وروابط المواقع التي اختفت أو تغيّرت، كما بنبغي تتبع الحسابات البنكية المرتبطة بالقائمين على هذه التطبيقات وتوسيع دائرة التحقيق لتشمل المؤثرين الذين روجوا لها، باعتبارهم جزءا من منظومة الإقناع التي سهلت وقوع هذا الضرر الواسع.
لا تزال خديجة اليوم، بعد أن وضعت شكاية لدى الشرطة تنتظر ما ستقرره العدالة، لكنها قررت شيء واحدا: لن تثق بعد الآن في أي وعد بالثراء السريع يأتيها من شاشة صغيرة، مهما بدا مغريا أو محاطا بكلمات مثل “قانوني” و“مراقب من الحكومة”.. ورغم
 ورغم أنه لايعذر أحد بجهله للقانون، فإن خديجة تعتبر نفسها وباقي الضحايا ليسوا أغبياء أو ساذجين، إنما وضعهم الصعب وضعهم ضحية قلوب لا ترحم وبطون لا تشبع من نهب أموال أناس فقراء بالنصب والاحتيال.