الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

يزيد البركة: أقاويل حول النموذج التنموي..الثورة بعباءة الآخرين

يزيد البركة: أقاويل حول النموذج التنموي..الثورة بعباءة الآخرين يزيد البركة
منطق النضال الديمقراطي العام منطق لا يستبعد ما هو جزئي في السياسة والقانون، ولا يستبعد ما هو اجتماعي واقتصادي ولو كان صغيرا، ولا يستبعد حقا واحداً من حقوق المرأة، ولا حقا واحداً من حقوق حرية الرأي والتعبير، ولا يستبعد النضال من أجل تغيير القانون الجنائي ولو في بند واحد إذا لم تتح شروط تغييره جملة وتفصيلا، ولا حقا من حقوق الطبقة العاملة ولو كان صغيرا وما أكثرها، ومنطق الثورة منطق لا يعطي أهمية للجزئي، لأن زمن الثورة زمن خاص، والمفروض أن يكون قصيرا ومسرعا، ينظر إلى السلطة والحكم والدولة لأن مصير هذه الأهداف هو الذي يحدد الأهداف الكبرى والأهداف الجزئية معا.
قرأت تدوينة لأحد الأصدقاء في صفحة اليسار المغربي تدعو إلى نقاش وحوار في الصفحة حول النموذج التنموي وعمل اللجنة، وهي دعوة صحيحة وسليمة، لكن ما أثار انتباهي ليس من رحب بالدعوة، بل من عارضها.
الحجج التي ساقها هؤلاء كلها تتعلق بقضايا مرتبطة بمنطق الثورة، وكأن اليسار أصبحت وحداته العسكرية على مشارف الرباط، وليس بمنطق النضال الديمقراطي العام.
من يتابع الصحافة اليمينية وما أكثرها يجد أنها تجتهد من أجل إبعاد اللجنة عن كل ما هو سياسي وقانوني وعن الثروات المنهوبة (وليس فقط الأموال المهربة إلى الخارج كما قال بعض من عارض) وعن الشروط التي يجب أن تتوفر في من سينفذ هذا النموذج التنموي، وطبيعة القضاء الذي من المفروض فيه أن يحمي المجتمع ويحمي ثرواته من النهب والاختلاس والتبذير، وعن تقييم ما سبق من نماذج ومن نهب الثروات.
لذا فإن الدعوة إلى مناقشة الموضوع لا يمكن لأي فرد يناضل في زمن النضال العام إلا أن يرى فيها خطوة من أجل مواجهة من يعمل حاليا على تشكيل رأي عام بأن تتكلف اللجنة فقط بما هو اقتصادي صرف بعيدا عن السياسي والقانوني والدستوري والاجتماعي والثقافي، أي بالواضح نموذج تسهل سرقة ما ستأتي به، أي أن تخدم اللجنة من الآن سراقا للثروة (هذه العبارة كنت قد قرأت عن ما يشبهها في مؤلف لكاتب مغربي وأعجبتني وعنوان الكتاب سراق الله).
ماذا لو كان اقتراب الوحدات العسكرية إلى الرباط مجرد أضغاث أحلام ؟ سيكون إذاك عدم الضغط على اللجنة من كل قوى اليسار وعدم تقوية الرأي العام برأي مضاد لمن يقول أنه ما كان يجب طرح السياسي على اللجنة لان من طرحه أخطأ العنوان، وكأن من طرحه لم يسبق أن طرحه !
سيكون كل تقاعس خدمة مجانية لما هو مخطط له، وخدمة حتى ضد من يمكن أن يقدم شيئا داخل اللجنة كخطوة متقدمة على ما هو قائم حاليا.
 
لماذا لا نناقش هذا الموضوع  (أي الثورة) مناقشة حقيقية ما دام يتمتع بصدى في الصفحة ووسط اليسار؟
هل هناك حقا شروط ثورة ؟ ما هي طبيعتها ؟ ثورة طبقية عمالية بتحالف مع كل الشغيلة، او ثورة دينية من أجل الخلافة ؟ أم بثورة إثنية لأننا كنا نقول اللغة والثقافة الأمازيغية لكل الشعب المغربي، وما أن تقدمنا بعض الخطوات حتى ظهرت أصوات تنادي بالأرض بشعار إثني، وتدحرجت خرجات تدق أبواب المرأة بشعارات إثنية ومع هذا المنطق سنصل إلى المستشفى الأمازيغي والشغل الأمازيغي والمحاكم الأمازيغية والمدرسة الأمازيغية وهكذا، إننا نسير في هذا الطريق لحد الآن بحسن نية لكن لا يمكن أن نسير لا الآن ولا غدا في طريق حل القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية إلا في إطار الشعب، وسنعارض دوما أية أفعال وخطوات في هذه القضايا ذات طبيعة إثنية أو دينية.
من يعتقد أنه يمكن أن يحقق ثورة شعبية بعباءة دينية او بعباءة إثنية أو هما معا فهو واهم، وحتى إن اعتقد أنه سيستطيع نزعها في نهاية المطاف فقد لا ينزعها الكثير من الناس وسيجعلها ذلك الكثير كفنا لفئة قليلة من الواهمين.