الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

محمد أزرور: مخرج فيلم "وليلي" أخطأ في حق ساكنة الحاجب ونرفض الإهانة التي ألحقها بنا

محمد أزرور: مخرج فيلم "وليلي" أخطأ في حق ساكنة الحاجب ونرفض الإهانة التي ألحقها بنا محمد أزرور

يبدي محمد أزرور، عضو المجلس الوطني للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية انتقاده الشديد لفيلم "وليلي" للمخرج فوزي بنسعيدي، مشيرا إلى أن المخرج وبدل أن يسلط الضوء على بعض النقاط الجوهرية سعى جاهدا إلى ربط "القصارة" بمدينة الحاجب، مضيفا بأن حرية التعبير في السينما تظل مشروطة بعدم الإساءة للآخرين.

 

بداية، ماهو سبب الغضب الذي يسود في الحاجب ضد فيلم "وليلي" للمخرج فوزي بنسعيدي ؟

لابد من الإشارة أولا إلى أن هدف الإستعمار الفرنسي كان هو تركيع وإهانة ساكنة جبال الأطلس المتوسط، بل جميع المناطق القروية، ردا على المقاومة الشرسة للإستعمار التي كانت في هذه المناطق، حيث كان الهدف من جلب المواخير للجنود هو تحفيزهم جنسيا من أجل تتبيث وجوده في هذه المناطق، وفي نفس الوقت إهانة ساكنة هذه المناطق، كما أن النساء تم نقلهن قسرا سواء محليا أو وطنيا إلى مواخير المستعمر.

وبعد مغادرة الاستعمار كان من المفروض على الدولة إعادة الاعتبار لساكنة هذه المناطق، وحفظ كرامة النساء اللواتي عانوا من الاستغلال الجنسي من طرف جنود الاستعمار، بضمان لقمة عيش لفائدتهن، لكن هذا الأمر لم يحدث، وبقي الموضوع مطروحا، وهو الأمر الذي أدى إلى بروز صورة نمطية مسيئة إلى الحاجب والأطلس المتوسط، ونحن نرفض إلصاق الدعارة بهذه المناطق، حيث جاء في الشريط على لسان إحدى الممثلات " أنت سعداتك عندك الراجل..الراجل راه قصار في الحاجب.."..ولنفرض أن هذا المخرج يعتبر نفسه شخص "ملائكي" ألم تبدو له أي فكرة مقبولة بعيدا عن إلصاق " القصارة " بمدينة الحاجب.

ولكن هل اطلعت على شريط "وليلي" أم أنك تقتصر فقط على مقطع قصير منه ؟ وكيف يمكن إصدار حكم قيمة على شريط دون مشاهدته بالكامل ؟

تساؤلك يبدو لي قريب من موقف أولئك الذين اتخذوا موقف مدعم للخطيب الذي قال في خطبة الجمعة : " ألو مارتيل..ألو المعصية..ألو الحاجب..ألو المعصية "، فهل كان علينا لزاما حضور خطبة الجمعة بكاملها من أجل الاحتجاج ضد إساءة هذا الخطيب لساكنة الحاجب ؟ علما أنه ليس لدي أي اعتراض على مصطلح "القصارة " كتعبير فني الوارد في الشريط، ونحن مع حرية التعبير في الفن والسينما، لكن أن يتم ربطه بالحاجب فهذا أمر غير مقبول، وأقول للمخرج بنسعيدي لقد أخطأت في حق ساكنة الحاجب، فحرية تعبير تظل مشروطة بعدم الإساءة إلى الآخرين، وهذا هو موقفي المتواضع، ولست مستعدا لمشاهدة مثل هذه الأفلام أو تشجيعها، يكفي أنها تنال الدعم قسرا من جيوب دافعي الضرائب.

من المعلوم أن مخرج فيلم "وليلي" مخرج مغربي، كما أن المدينة التي ورد ذكرها في الفيلم أي الحاجب مغربية، فما العيب في ذلك؟ وهل أنت من الداعين إلى فرض الرقابة على الفن ؟

نحن نؤمن بحرية التعبير، وكان من الأجدر تسليط الضوء على نقط جوهرية ارتبطت بها مدينة الحاجب، فالكثيرون لا يعرفون أن نيران المقاومة ضد المستعمر انطلقت من الحاجب، والحاجب زاخرة بقدماء المقاومين وبالمناضلين في مختلف الواجهات، فلماذا هذا الإصرار على ربط الحاجب ب "القصارة" رغم خروج المستعمر، ولست مستعدا للنزول إلى مستوى منحط للرد على إساءة هذا المخرج لأن هذا قد يجرنا إلى الإساءة إلى سمعة بلدنا ككل، وقد سئمنا ربط مدينتنا ب "القصارة"، وحتى ولو افترضنا أن المخرج قد زار الحاجب في وقت معين، من أجل "القصارة" أو حكوا له عن وجودها، فلا وجود لها حاليا.

وإذا كان المخرج يمتلك حرية التعبير في شريطه ويحظى بالدعم، فأنا بدوري أقول له لا حق لك بربط الحاجب ب "القصارة"، وإلا قد نسمع مستقبلا عن شريط آخر يسير في نفس اتجاه ما ذهب إليه المخرج بنسعيدي، وربما قد نسمع عن تصوير شريط إباحي وربطه بالحاجب باسم حرية التعبير !. والمناسبة أدعو مخرج فيلم "وليلي" لزيارة الحاجب فهناك الكثير من المناظر الطبيعية الخلابة التي قد تغري الجمهور، أو تناول موضوع المقاومة ضد المستعمر التي انطلقت من هذه المدينة، وغيرها من المواضيع المهمة، بدل أن يظل سجين صورة نمطية تعود إلى فترة الإستعمار.

لكن، لماذا لا نقبل بكشف عيوبنا من طرف الفن، ولماذا هذا الإصرار الدائم على مواجهة الجرأة الفنية ؟

لقد تربينا على الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير، ودفعنا الثمن غاليا دفاعا عنها، ولست بحاجة للحديث عن كوني معتقل سياسي سابق تعرض للإعتقال والتعذيب دفاعا عن حقوق الإنسان وحرية التعبير، وحتى ولو كان قصد المخرج ينصرف إلى الحديث عن الخيانة الزوجية أو التهميش الذي تعاني منه الحاجب فما كان عليه الحديث عن الحاجب بتلك الطريقة التي وردت في السيناريو : " الرجال ما فيهوم ثقة..راه قصار في الحاجب ". ولي اليقين أن هذا المخرج لم يسبق له زيارة الحاجب وليس لديه أي معطى عن هذه المدينة، مع تأكيدي على احترام الفن واعتزازي بالمخرجين والمخرجات المغاربة، وأتمنى أن تتاح الفرصة مستقبلا لأي مخرج لتصوير شريط بمدينة الحاجب يظهر الصورة الحقيقية لهذه المدينة، فأنا جد مستعد للتعاون مع فريق التصوير، بل ومنحهم بيتي مجانا من أجل رد الاعتبار لهذه المدينة جراء ما لحقها من إساءة.