الثلاثاء 23 إبريل 2024
خارج الحدود

كريم مولاي: بوتفليقة الرئيس المُحنط يعود حيّا !!

كريم مولاي:  بوتفليقة الرئيس المُحنط يعود حيّا !! كريم مولاي،و بوتفليقة
على خلاف ما أراد الشعب الجزائري، وبالضد من التيار السياسي الجارف المنادي بالتأسيس لانتقال ديمقراطي حقيقي في الجزائر، أصر عصابة الحكم في الجزائر على إعادة ترشيح الرئيس الميت الحي عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، ضاربين عرض الحائط بكل لا أقول بملايين الأصوات التي تعالت في مختلف أرجاء الجزائر وعلى امتداد وجود الجزائريين في العالم، وإنما بكل ما منسوب للعقل والمنطق الذي يفترض حدا أدنى من الصحة في الشخص المترشح لمنصب الرئاسة.
شخصيا لم أتفاجأ من القرار، الذي يعيد سيناريو الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، فبيان التعهدات الذي رافق تقديم ملف الترشح، وتأجيل التجاوب مع مطالب الناس سنة واحدة تعيد ذات الخطاب الشهير الذي أطلقه ابن علي ساعات قليلة قبل رحيله.
ومع أنني أدرك تماما حجم الفارق بين النموذجين الجزائري والتونسي، إلا أنني أوردت ذلك هناك لتذكير المسؤولين عن اتخاذ هذا القرار الجريمة وتفويت فرصة تاريخية أخرى على الجزائريين لتغيير حضاري ستكون كلفتها باهظة.. فإذا كان التونسيون قد أزاحوا رئيسهم المستبد، وهو بالمناسبة حليف وتلميذ نجيب لعصابة الحكم في الجزائر، بالصمود في الشارع وبعشرات الشهداء، فإن الجزائر وبحجم الجرائم المرتكبة فيها في تسعينات القرن الماضي ستكون فاتورة التغيير فيها أرفع بكثير،
يعرف الواقفون خلف قرار التجديد لبوتفليقة، أن جزءا من أسباب ضخامة المسيرات الشعبية المطالبة برحيل بوتفليقة، ربما يكونون علي تناغم مع رجل الأمن القوي الذي تمت إزاحته قبل نحو عامين من المشهد، الجنرال محمد مدين، المعروف بالتوفيق ورب الجزائر وصانع الرؤساء، ولذلك يعتقدون في رفض التجاوب مع مطلب التغيير إمعانا في إنهاء شبح التوفيق ودفنه إلى غير رجعة.
لكن غاب عن هؤلاء أن الاستمرار في إدارة معاناة الجزائريين بمنطق صراع الأجنحة، والتغاضي عن مطالب التغيير التي تتجاوز صراعات مافيا الحكم إلى ما هو أعمق وأشمل يتداخل فيه المحلي بالإقليمي والدولي، هذا النهج لم يعد الوصفة الأمثل لتحقيق الاستقرار.
ولأن قرار ترشيح الرئيس الميت قد تم بالفعل، فإنني ومن موقع التجربة، أعبر عن مخاوفي من أن الجزائر مقبلة على أحداث نوعية من الجرائم البشعة لإعادة مبررات القبضة الأمنية التي تسكت أي مطلب سياسي مهما كان ملحا.
ولذلك فإن المطلوب من أجل التغيير، لا أقول السلمية فقط، وإنما أيضا قدرة النخب السياسية الفاعلة في الجزائر على إشراك المجتمع الدولي في الضغط على العصابة الحاكمة بضرورة ضمان حق التظاهر السلمي، والتجاوب مع مطالب منسجمة مع القانون الدولي ومدخلها الحق في تقرير المصير.
كريم مولاي، ضابط سابق في المخابرات الجزائرية