Thursday 19 June 2025
سياسة

الحبيب استاتي زين الدين: على بنكيران أن يخرج من جبة رئاسة الحزب إلى جبة رجل الدولة

الحبيب استاتي زين الدين: على بنكيران أن يخرج من جبة رئاسة الحزب إلى جبة رجل الدولة

سؤال يتم تداوله في الآونة الأخيرة في ظل الاتتظارية التي تطبع المشهد السياسي المغربي حول الدواعي التي تمنع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران من تقديم استقالته من رئاسة حزبه العدالة والتنمية مادام المنصب الرسمي المعين من أجله هو أكبر من الحزب ويمثل الدولة والشعب ككل ويجب أن يتفرغ له كما هي الأعراف في الدول الديمقراطية.."أنفاس بريس" ناقشت الموضوع من جديد، وهذه المرة مع الدكتور الحبيب استاتي زين الدين، باحث في العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش فصرح لها بما يلي:

"سبق أن طرح هذا السؤال في الحكومات السابقة بالمغرب، وإن بدرجات أقل، خصوصا في حالات تعيين قائد الائتلاف الحكومي من داخل الأحزاب السياسية الفائزة بالانتخابات (النقاش الذي صاحب في هذا السياق تعيين السيد عباس الفاسي لاسيما داخل حزب الاستقلال في حالة إعادة تعيين الأمين العام آنذاك وزيرا أولا) وغاب تماما في المقابل، إثر إسناد هذه المهمة إلى تكنوقراطي.

واليوم، يعاد طرحه بحدة، بعد إعادة تعيين السيد عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة، في إشارة إلى المخاوف التي رافقت التجربة الأولى من صعوبة فصل رئيس الحكومة، من جهة، بين مسؤوليته التمثيلية لكافة المغاربة، على اختلاف اهتماماتهم أو انتماءاتهم، بالنظر إلى المسؤولية الجسيمة التي أناطه بها دستور 2011، على مستوى اقتراح الوزراء، وتنسيق العمل الحكومي، والإشراف على الإدارة العمومية، والتعيين في بعض المناصب والوظائف العليا، وغيرها من الصلاحيات، لعله يمارس بموضوعية مسؤولياته التنظيمية والتنفيذية، ومن جهة ثانية، ومهمته كأمين عام لحزب العدالة والتنمية.

قد تبدو هذه المخاوف مشروعة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الحضور المكثف للحزب ومرجعيته في خطاب رئيس الحكومة، في اللقاءات الرسمية أو الحزبية، خاصة في النسخة الأولى، لكن يكاد هذا الحضور يكون باهتا في النسخة الثانية، في إشارة واضحة إلى الوعي بضرورة الانتقال التدريجي من جبة رئاسة الحزب وخصوصياتها إلى جبة رجل الدولة وضوابطها. وهذا معناه أن المسار الديمقراطي بالمغرب راكم تجربة غنية، وهي بكل تأكيد في تطور مستمر، وحتى وإن كان الدستور، لم يشر، لا من قريب أو من بعيد، لشيء اسمه استقالة رئيس الحكومة من رئاسة الحزب الذي يرأسه، في حالة تعيينه من قبل الملك بوصفه رئيس الدولة وممثلها الأسمى، والضامن لدوام الدولة واستمرارها، لربما تنتج هذه التجربة عرفا جديدا يحصن ويكرس الخيار الديمقراطي المغربي، وقابليته للتغيير الدائم في إطار الاستمرارية. أليست السياسة فنا للممكن!".