الأربعاء 15 مايو 2024
سياسة

صافي الدين البدالي: لهذه الأسباب ستكون حكومة بنكيران في خدمة اللوبي المخزني والمالي لنهب خيرات الشعب

صافي الدين البدالي: لهذه الأسباب ستكون حكومة بنكيران في خدمة اللوبي المخزني والمالي لنهب خيرات الشعب

لم يستطع إلى حد الآن عبد الإله بنكيران تشكيل الحكومة أو لم يقدر على تشكيلها. وهكذا ظل يهيمن على المشهد السياسي تضارب التصريحات وافتعال الأسباب و التراشق بالتهم بين الأحزاب المخزنية أو التي تمخزنت في غياب الوضوح وعدم القدرة على التصريح. هكذا يطرح صافي الدين البدالي، عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي من القلعة، إشكالية هذه الإنتظارية المقلقة والتي زادت الوضع الحالي للمشهد السياسي المغريي تأزما ، وذلك في الورقة التي تنشرها "أنفاس بريس":

يعيش المغاربة هذه الأيام وضعا لا يحسدون عليه على المستوى السياسي و على المستوى الاجتماعي والاقتصادي و الثقافي . فمنذ تكليفه من طرف الملك بتشكيل الحكومة بعد انتخابات 7اكتوبر 2016و التي احتل فيها حزبه ، أي العدالة و التنمية، المرتبة الأولي، لم يستطع عبد الإله بنكيران تشكيل الحكومة أو لم يقدر على تشكيلها ما دام الملك خارج البلاد . وهكذا ظل يهيمن على المشهد السياسي تضارب التصريحات وافتعال الأسباب و التراشق بالتهم بين الأحزاب المخزنية أو التي تمخزنت في هذا العصر، في غياب الوضوح و عدم القدرة على التصريح بالحقيقة . حقيقة عدم تشكيل الحكومة وإن كانت هي كون كل أمين عام من هذه الأحزاب يلهث وراء بنكيران للحصول على حقائب وزارية ليرضي أهله وذويه وحوارييه بعيدا عن المصلحة العامة . و بالمقابل فالبلاد تعيش بدون حكومة ، بل تعيش على وقع مخلفات الحكومة المنتهية ولايتها ، أي تعيش قلقا اجتماعيا و فراغا سياسيا بامتياز ، مما شجع على الفوضى وعمليات النهب و الفساد المالي والاقتصادي بكل تجلياته ، حيث في كل يوم تطلع علينا فضيحة من فضائح الفساد و نهب المال العام ، كاستمرار عملية تهريب الأموال إلى الخارج و رفض الأشخاص الذين استفادوا من " عفا الله عما سلف لعبد الإله بنكيران " من الاستجابة إليه.  5 °/° فقط من الذين يملكون ثروات بالخارج عبروا عن رغبتهم في التصريح بثرواتهم ، وهناك عمليات السطو على عقارات استراتيجية بمدن المملكة ، كالدار البيضاء مثلا ، تقدر بعشرات الملايير دون رادع و لا رقيب ، ثم النصب على آلاف الأسر في عملية بيع شقق السكن الاقتصادي في عدد من المدن ، كما تعيش البلاد عمليات النصب على المواطن من طرف شركات المحروقات بزيادات متتالية في أسعار المحروقات .في غياب الوزارة الوصية رغم انخفاض ثمن البترول عالميا منذ شهور ثم النصب على المواطن بتزوير أرقام المعدات في بعض محطات التوزيع للبنزين ، و النصب على الدولة في 360مليار سنتيم تتعلق بالحديد المستورد تحت غطاء برنامج المغرب الأخضر ليباع لأغراض أخرى لا علاقة لها بهذا البرنامج إطلاقا . أما المدرسة العمومية فهي تتخبط بين الحياة و الموت بفعل سياسة نية قتلها لتوفير الشروط المناسبة للإقطاعيين الجدد في مجال التعليم والتربية والتكوين. وإن الارتباك الذي عرفه الدخول المدرسي و لا زال يعرفه لهذه السنة و التلاعب في المناهج و في الصفقات وقرار المجلس الأعلى للتعليم القاضي بإلغاء مجانية التعليم لمقدمة لهذا الموت الوشيك.واستغل أباطرة الاحتكار الظرفية لإخفاء مواد استهلاك أساسية بالنسبة لأغلب الأسر المغربية ، كالبيض والدقيق المدعم مثلا .

فأي حكومة ينتظر المغاربة؟هل حكومة تكون في خدمة الشعب أم في خدمة النهب ورعايته ؟ فالمتتبعون للشأن السياسي في البلاد وهم ينتظرون تشكيل هذه الحكومة بعد مرور الوقت أكثر ما يلزم و بدون أن تتشكل ، كثرت تحاليلهم و تفسيراتهم للوضعية وتعددت وجهات نظرهم ، فمنهم من وصف هذا التعطيل ب "البلوكاج" و منهم من اعتبره محاولة لإبعاد بن كيران عن رئاسة الحكومة ، ومنهم نسب هذا التعثر إلى تردد بعض الأحزاب أو شروطهم التعجيزية ، ومنهم من نسب هذا التعثر إلى حزب الأحرار. لكن بالعودة إلى الانتخابات وبالعودة إلى السياق العام النظامي في البلاد الذي يهيمن عليه المخطط المخزني والمبادرة المخزنية وإلى طريقة إعداد الانتخابات التي لم تكن تخضع إلى الآلية الديمقراطية الحقة ، بل تحكمت فيها الآلية المخزنية بدءا من القوانين المنظمة و تحديد الدوائر و اللوائح الانتخابية إلى شراء الأصوات و هيمنة سلطة المال ونفوذ الأعيان إلى عملية الاقتراع التي يتم التحكم فيها عن بعد عبر الأعوان ورؤساء المكاتب إلى الإعلان عن النتائج التي أفرزت خريطة برلمانية من أحزاب لا يتقاسمون برامج ولا أهداف تنموية ، فإننا بذلك لا ننتظر حكومة شعب بل حكومة ستكون تحت الطلب المخزني . وقد نبه بلاغ الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام لجهة مراكش أسفي مؤخرا بأن " الفساد الانتخابي له ارتباط جدلي بالفساد المالي والأخلاقي والسياسي والإداري وأنه سيؤدي حتما بالبلاد إلى مزيد من التخلف و التطرف بكل أشكاله."

إذن في غياب ديمقراطية حقة على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي غياب قواعد المحاسبة والمسائلة ، فإن الكلمة في تشكيل الحكومة لن تكون إلا كما يريد النظام و ليس كما تقتضيه الأعراف الديمقراطية التي يكون الشعب هو الحكم في النهاية عبر صناديق الاقتراع . فلا يمكن أن ننتظر حكومة شعب بل حكومة وفق ما تراه شروط الرأسمالية المتوحشة واللوبي المخزني و المالي بعيدا عن كل محاولة للتنظير و كأننا في بلاد تنعم بالديمقراطية.